متى تشكل السياحة رافدا للاقتصاد الوطني؟

سالم بن علي العريمي

يُعد الاستثمار في السياحة أحد الروافد الداعمة للاقتصاد الوطني، وكثيرٌ من بلدان العالم اتَّجهت نحو الاستثمار فيه وأصبح يُشكل لها رافدًا هامًا في الاقتصاد، كما أنّ هناك دولاً ذهبت بعيدًا، رغم أنها لم تكن تمتلك مقومات سياحية استطاعت من خلال استثمارها في هذا القطاع صناعة السياحة وذلك بتطوير البنية التحتية عبر إنشاء منتجعات ترفيهية مُكتملة المرافق ساهمت من خلالها في جذب سياحي انعكس على نموها الاقتصادي ونحن في السلطنة نمتلك مقومات سياحية طبيعية وهبها الله لبلادنا فلم نستغلها ..فأين الخلل؟ وماذا نحتاج حتى نحول الاستثمار في السياحة إلى مصدر دخل وطني يُعزز الاقتصاد؟

إنّ المُتتبع للموقع الجغرافي للسلطنة يلحظ ما تتمتع به من تنوع تضاريسي ومناخي يؤهلها لتكون الرائدة في الجذب السياحي والذي يشكل رافدًا لتنوع مصادر الدخل، وهذا ما أكده المدير الإقليمي للبنك الدولي في الحوار الذي أجرته معه جريدة الرؤية يوم الأربعاء الموافق 4 من مايو 2016م، حيث أكَّد:" أنّ الحكومة تتحلى بإرادة حقيقية في الإصلاح وتحرير الاقتصاد.. والسياحة في مُقدمة البدائل النَّاجحة لتوفير موارد اقتصادية جديدة" ، وحتى تترجم تلك الإرادة إلى واقع ملموس نكون قادرين من خلاله على دفع المواطنين إلى تفضيل السياحة الداخلية واستثمار نفقاتهم بدلاً من تصديرها إلى الخارج وتحويل السلطنة إلى بيئة سياحية تستقطب الأفواج السياحية من مختلف البلدان العالمية نظرًا لما تتمتع به السلطنة من مقومات بيئة وطبيعية إلا أننا ما زلنا نُعاني من ضعف في تطوير هذا القطاع، ويعود ذلك الضعف لمجموعة من الأسباب تتمثل في غياب الرؤية والتخطيط المنهجي المعتمد على الإدارة التي تعمل من منظور إستراتيجي والعشوائية والاجتهادات الفردية في إدارة المشاريع وتغليب المصالح الفردية والشللية على المصالح الوطنية وضعف التشريع وعدم تطويره بما يتواكب مع متطلبات المرحلة، وذلك يعود إلى خوف تجار المنصب من دخول منافسين لهم والإضرار بمصالحهم والخوف على الهوية وتحفظ المجتمع من الانفتاح على الرغم من أننا نمارس هذا الانفتاح في بلدان أخرى، وغياب دور القطاع الخاص في المساهمة في تنمية القطاع السياحي.

ومن هنا لزم النظر لتلك الأسباب ومعالجتها وفق استراتيجية وطنية شاملة تشترك فيها كل القطاعات وتعتمد على رؤية وطنية شاملة تعمل على ربط وتكامل كل المؤسسات، كما أنّ الاستثمار الحكومي في القطاع السياحي يعد استثماراً آمنًا ويحقق أهداف تنموية تعود على تطوير البنية التحتية ومعالجة ملف الباحثين عن عمل مما يكون له الأثر في التدوير الاقتصادي لرأس المال الذي يعمل على رفع المستوى الاقتصادي والذي ينعكس على المستوى المعيشي، ويأتي دور القطاع الخاص الذي بات من الضروري أن يسهم في التنمية بشكل فاعل وعدم الاكتفاء بدور الوسيط في الاستثمار أو لعب دور السمسرة وإنّما القيام بضخ موارده المالية في تطوير الخدمات السياحية، الترفيهية منها والتسويقية كمراكز للتسوق ومنتجعات وغيرها، ومما لا شك فيه أنّ الدور المأمول من أفراد المجتمع المساهمة في تنمية مجتمعهم ووطنهم بدعم القطاع وتبني السياحة الداخلية وتقبل السياحة من منظور أنها استثمار وطني ينعكس على مستوى معيشتهم وتتطور مجتمعهم فحين تتناغم وتتكامل كل مكونات المجتمع سنُحقق مستوى متقدماً في المجال السياحي.

salim.alarimi@moe.om

تعليق عبر الفيس بوك