قرى وادي ضلع تائهة بين ثلاث ولايات!

خالد الخوالدي


ما زلنا نلعن الاستعمار وما خلفه من تراكمات حدوديّة بغيضة في الحدود الإدارية بين بعض الدول العربية، والتي تحفل بالمفارقات الغريبة والعجيبة؛ حيث إنّه تخرج من حدود دولة لتدخل دولة أخرى وإذا بك تدخل الدولة الأولى مرة أخرى لتخرج منها مرة ثانية وهكذا..!

ناهيك عمّا تضعه بعض الدول العربيّة من تعقيدات وصعوبات لدخول أراضيها بينما الدول الاستعمارية التي رسمت للدول العربية هذه الحدود، تنعم شعوبها بالاتحاد، ولا توجد حدود بين دولهم.

ليس هذا ما أردت الحديث عنه وإنّما ما أردت التطرّق إليه في مقالي هذا هو الواقع الإداري المعقد الحاصل بين بعض ولاياتنا في السلطنة.
إنّ الواقع الإداري لتقسيم بعض القرى بين ولاياتنا يدعو إلى العجب والدهشة، وقد حاكى هذا الواقع الكثير في بعض جوانبه التعصب القبلي للأسف الشديد، مما يجعلنا نعيش حيرة من أمرنا أحيانا فيما يتعلق بمعرفة تبعيّة بعض القرى لأية ولاية وما الجهة المسؤولة عن متابعة شؤونها، ولن أذهب بعيدا للتدليل على ما أقول وإنّما سأضرب أمثلة من ولايتي التي أخبر بها نوعا ما وهذا بطبيعة الحال ليس خاصا بها، وإنما يوجد في عدد من ولايات السلطنة، فولاية الخابورة توجد بها مناطق شرق الشارع العام تتبع ولاية، وغرب الشارع العام تتبع ولاية أخرى بل إنّك تخرج من ولاية الخابورة وتدخل قرية خور الملح التابعة لولاية صحم لتعود مرة أخرى إلى ولاية الخابورة عبر قرية الهجاري وهذا يجعلني أتساءل: لماذا لم يتم تسوية هذا الأمر منذ التقسيم الإداري الأول لهاتين الولايتين؟ أم أن الأمر صعب عليهم وتركوا لنا مساحة من السعة حتى نفتح لأنفسنا أحاديث ممزوجة بالغرابة والحساسية.
ويزيد الطين بله إذا ما اتجهنا صوب المناطق الجبلية، فسكان وادي ضلع يطالبون منذ السبعينيات بطريق معبد يربط قراهم إلا أنّ وقوع الوادي بين ثلاث ولايات هي: الخابورة وصحم وعبري، منعهم حتى الآن من أهم الخدمات على الإطلاق فرغم تمسّكهم بأرضهم وإيمانهم بالاستقرار في مناطقهم الجبلية وعدم النزوح إلى المدن والحواضر حسب توجه الحكومة وما تسعى إليه من استقرار لسكان المناطق الجبلية ورغم أعدادهم الكبيرة إلا أنّ هذا لم يشفع لهم لأن كل مسؤول في مؤسسة حكومية وعضو مجلس شورى يعتمد على مسؤولي الولاية الأخرى، والتي يعتمد مسؤولوها على مسؤولي الولاية الأخرى للمطالبة بحقوق هؤلاء السكان، فخرجت قرى وادي ضلع من هذه الحسبة "صفر اليدين " بينما وصلت الخدمات لقرى جبلية عدد سكانها أقل منهم بكثير!.
لقد زرت قرى وادي ضلع والتقيت بعدد من أهلها وكتبت تحقيقا صحفيا عنهم مرتين وزارهم وزير النقل والاتصالات بعد هذه التحقيقات ووعدهم خيرًا منذ أكثر من أربع سنوات إلا أنّ الوضع لا يزال محلك سر، ولم يصل الطريق إليهم مما يضطرهم إلى الخروج بأبنائهم منذ الساعات الأولى للفجر حتى يصلوا إلى مدارسهم ليعودوا منهكين قبل العصر وسط الغبار والأتربة التي تخلفها السيّارات في الطريق الترابي الوعر.
هذا ما خلفته التقسيمات الإدارية لبعض القرى وما خفي كان أعظم، حيث حدثني أحد الوجهاء في قرية من قرى ولاية الخابورة الجبلية المتاخمة لولاية صحار بأنّه يطالب أن تنقل تبعية قريته لولاية صحار حتى تصلهم الخدمات! فهل هذا الوضع يرضي طموحات المسؤولين والمشايخ والأعيان في مختلف ولاياتنا والذين كانت لهم اليد العليا في هذا التقسيم؟ وهل سنرى من العقلاء من يتدخل لمعالجة هذا الوضع؟ أم أنّه سيستمر إلى أمد بعيد؟

هذا ما ستكشفه لنا الأيام بإذن الله.

دمتم ودامت عمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك