الابتكار واقتصاد المعرفة.. مفتاح التنويع الاقتصادي

إيمان الحريبيَّة

يقومُ اقتصاد المعرفة على تشجيع الابتكار والبحث والتطوير؛ بما يُسهم في إيجاد تنافسيه في بيئة الأعمال، ويتقاطع اقتصاد المعرفة والابتكار في أنهما مُحفِّزان لبعضهما؛ فوجود الابتكار والتطوير يُسهم في إيجاد مشاريع مختلفة لها طابع تنافسي يرفد السوق ويعزز من التنويع الاقتصادي.

ولا يقتصر الابتكار على قطاع دون غيره، وإنما ينسحب على كل قطاع اقتصادي وتنموي واعد في السياحة والثروة السمكية والتعدين والخدمات اللوجستية والصناعات التحويلة؛ فالحاجة لاقتصاد متنامٍ يعتمد على عاملين رئيسيين؛ هما: مدى درجة الإبداع والابتكار ومدى استخدام التقنية والاستفادة منها، وهي مجال خصب لرواد ورائدات الأعمال الذين يفتح لهم الاقتصاد العُماني ذراعة ليقدموا مشاريع اقتصادية ذات أفكار ومنتجات تعتمد على التقنية والابتكار والتنويع.

نقرأ كثيرا ونسمع حديثاً متواتراً عن تنويع القاعدة الاقتصادية أو القاعدة الإنتاجية الفعلية والتحوُّل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج...وغير ذلك من طروحات ومفاهيم اقتصادية، يُخمِّن البعض ما تعنيه، ويعرف مختصون آخرون معناها. وطبعا تراهن الأمم التي تريد تحقيق نهضة صناعية تقنية لتنويع قاعدتها الاقتصادية على وجود قوى عاملة وطنية مؤهلة ومدربة لخوض غمار هذا التحدي وتحقيق هذا المطلب.

وهذا يستدعي بكل تأكيد أن تكون الرؤية المستقبلية للاقتصاد الوطني واضحة فيما تريد أن تكون عليه البلاد في أفقها المنظور وفي أفقها الأبعد مدى، وأن تكون مرتكزات هذه الرؤية عينية علمية عند مؤسسات صناعة السياسات الاقتصادية.

وفي هذا الإطار، تمضي السلطنة في مسيرتها التنموية الشاملة وفق نهج وفكر قائد البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وذلك ضمن الفلسفة التنموية التي يتم تنفيذها منذ بداية النهضة المباركة. يقول حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في دورة الانعقاد السنوي لمجلس عمان عام 2008: "لقد أكدنا دوما على أهمية العلم والمعرفة، وكان نهجنا المتواصل هو الانفتاح على مستجداتهما، ولقد أصبحت تقنية المعلومات والاتصالات هي المحرك الأساسي لعجلة التنمية في هذه الألفية الثالثة. لهذا أولينا اهتمامنا لإيجاد إستراتيجية وطنية لتنمية قدرات المواطنين ومهاراتهم في التعامل مع هذا المجال وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية. ونحن نتابع عن كثب الخطوات المهمة التي تمت على هذا الصعيد، وندعو جميع المؤسسات الحكومية للمسارعة إلى تعزيز أدائها وتيسير خدماتها بواسطة التقنية الرقمية، متطلعين إلى الارتقاء بالسلطنة لآفاق المعارف الحديثة المتجددة".

ومن هنا، تبرز أهمية اقتصادات المعرفة كمحرك جديد يدفع بالتنمية وينوع مصادر الدخل في السلطنة؛ وذلك انطلاقا من قدرة هذا الوسيلة لاستخدام وسائل التقنية المعلوماتية لخفض تكاليف الإنتاج وخفض عمليات التشغيل وزيادة الإيرادات. ويمكن تعريف اقتصاد المعرفة بأنه الاقتصاد الذي يعتمد على المعرفة في زيادة القيمة المضافة للاقتصاد باستخدام رأس المال البشري من خلال البحث والتطوير ضمن موارد اقتصادية وفيرة؛ بحيث يمكن تحويلها إلى منتجات تسهم في نمو الاقتصاد. لقد اعتمد عصر الثورة الزراعية على الأرض كمورد أساسي، واعتمدت الثورة الصناعية على الحديد والفحم، لكن المعرفة هي المورد الأساسي في الاقتصاد المعرفي.

وتبرز هنا أهمية تطوير البحث العلمي في مجال البرمجيات وصناعة الرقائق والصناعات التقنية والمعلوماتية الأخرى. والاهتمام بالتعليم ورعايته وإيجاد المنافد التي تخلق الشخصيات المبدعة والمبتكرة في مستويات مختلفة ورعايتهم حتى نتمكن من اللحاق باقتصاد المعرفة والتحول إلى مجتمع تنافسي يعتمد على التقنية بسبب تبني حكومة حكومة السلطنة خطوات حثيثة لخلق اقتصاد مبني على المعرفة كعنصر حيوي ضمن الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني؛ حيث تم التركيز على تطوير قطاع تقنية المعلومات والاتصالات بهدف تفعيل خطة التنويع الاقتصادي، وكخطوة أساسية لتحقيق خطة البلد الطموحة للوصول إلى الحكومة الإلكترونية ومجتمع عمان الرقمي، فقد تمت صياغة الإستراتيجية الوطنية لتقنية المعلومات وتشكيل هيئة تقنية المعلومات كجهة عليا موكل إليها مسؤولية تنفيذ هذه الإستراتيجية.

... إنَّ خصائص اقتصاد المعرفة ستساعدنا بشكل كبير على التوظيف وليس كما كان يُعتقد أن عصر التقنية والمعلوماتية سيحل محل العنصر البشري، بتصور أنَّ التقنية ستلغي عاملي المكان والزمان. فليس هذا هو المطلوب، بل إنه وباستخدام التقنية والمعلوماتية تستطيع المرأة والرجل العمل من منازلهما في كثير من القطاعات الخدمية مثل الترجمة، والبحوث، وخدمات مراكز الاتصال، والدعم الفني والتقني...وغيرها من المجالات الأخرى؛ مما يجعل اقتصاد المعرفة أنسب الاقتصادات التي ستلائم مجتمعنا في مسألة التوظيف والإنتاجية.

واليوم، تلتئم الدورة الخامسة من "منتدى الرؤية الاقتصادي" لمناقشة الابتكار واقتصاد المعرفة ضمن برنامج أعمال المنتدى للعام الحالي؛ لما لهذا الموضوع من أهمية تسهم في إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار.

eman@alroya.net

تعليق عبر الفيس بوك