لوحة دموع الفرح


د. محمد بن سعيد الشعشعي
تغنى الطير فرحًا وسرورًا، واستهل الدمع أفلاجا ونهورا، وابتسمت الوجوه كالدرر المنثورة، وسعد البشر ونطق الحجر وتراقصت أغصان الشجر بمشهد نزول طائر نزوى المُقل لفخامة جلالته تدريجيًا إلى مطار مسقط الدولي، تزين المطار وأمسى مكتملا وإن لم يكن، واستقبلت مسقط العامرة عاهل البلاد برياحين المسك والعنبر والعطور الفاخرة الممزوجة بأجود أنواع اللبان الظفاري وتفتحت زهور شوارع مسقط الشماء لترسم لوحة فرح من الأزاهير بألوان الطيف السبعة متحدية بداية صيف مُشمس رغم سخونته بعد أربعة منخفضات متتالية.
نقلت وسائل التواصل الاجتماعي وبسبق صيحة العلم صورة وصول الطائرة نزوى المُقلة لمولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه - لتسعدنا هذه الوسائل وتعطينا رسالة أخرى بأن لها جانب آخر إيجابي لإسعاد البشرية فكان سبقها هذه المرة سرورا، وخبرها مفرح ورتويتها صادق والإعجاب بمضمونها يدخلك إلى محبة قيس وليلى، وروايات المحبة والغرام والشجون.
والدور الإعلامي الذي مارسه المواطن والمقيم في نقل صور حيّة ومُباشرة عن موكب عاهل البلاد من المطار الخاص إلى قصر بيت البركة وباستخدام آلة العلم حيث يرى المواطن الواجب الوطني بين عينيه في نقل أحداث والتقاط صور هذه الفرحة من أي مكان من المطار أو من الشارع العام وبالهواتف الذكية النرجسية لتلتقط الصور على فطرتها دون إنتاج أو إخراج أو حتى مهارة في التصوير، فالمهارة هي أن تظهر لنا صورة مولاي المفدى وموكبه السامي الميمون، فالمشاعر جياشة والنفوس عطشى لرتويتات خبر سار انتظره العمانيون كانتظار أشجار الصغوت والميطان في جبال ظفار لحبات رذاذ أمطار الخريف.
التقطت لنا كاميرات أدوات الاتصال الاحترافية ذلك الوجه المشرق البشوش الذي نرى فيه الهيبة والحكمة والإتزان، وصورت لنا نظرات الأب الكبير التي تتجه يميناً ويسارا المتفحصة لأحوال رعيته والمتفهمة لرغباتهم وما لهم من متطلبات واحتياجات، تاركا أبقاه الله جو جاراماش البارد ومتجهاً تحفه عناية الله ورعايته إلى حصن الشموخ غير مبالٍ جلالته -حفظه الله- بصيف الصحراء الساخن لأنه اعتاد على عبوره وتحمل مشاقه منذ اعتلائه عرش البلاد، ليكمل مشواره التنموي الذي بدأه قبل أربعة عقود ونصف، فكل يوم تشرق فيه الشمس على جبال عُمان يتلمس فيه جلالته هموم المواطن الذي شرف بأن يكون في هذا البلد جوهر التنمية وأداتها ومعولها الرئيسي.
اغرورقت دموعنا فرحاً وخالط جريانه ما تبقى من فيضانات الأودية ونحن نقف على أرصفة الطريق نستقبل مرور الموكب السامي الميمون إلى مكان إقامته في قصر الشموخ بولاية منح، وملأت صدورنا السعادة ونحن نتلقى التحية من اليد الكريمة التي عودتنا على الكرم والسخاء والعطاء.



تعليق عبر الفيس بوك