رفقاً بالسلطة الرابعة من قدح أبنائها

حمد العلوي

جميل جداً أن نمارس حرية التعبير والنقد، ليس تجاه الآخرين فحسب، وإنّما باتجاه الذات كذلك، فنحن كصحافة عُمانية يجب علينا، أن نمارس الحرية الصحفية، الممنوحة لنا من أعلى مقام في عُمان، وعلينا أن نؤكد على أننا في مستوى هذه الثقة بنا، وهي ثقة غالية علينا من لدن صاحب الجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - وإنّ الدرجتين في سلم الحريات الصحفية ليست كافية، حيث تمّ التداول في شبكة التواصل، أنّ السلطنة تقدّمت درجتين في التقدير العالمي لحرية الصحافة، وأن ذلك المستوى المتواضع، ليس سببه السلطة التي ما زالت مع موقفها من الحرية الصحفية، وإنّما سببه الصحفيون ذاتهم، لأنّهم لا يريدون أن يمارسوا الحق المُعطىَ لهم كاملاً، ونحنُ في عُمان نُعتبر أكثر حظاً في حرية الرأي والتعبير، وذلك بالمقارنة مع دول عربية كثيرة، لم تحظ بما نَحظَى به اليوم من دعم، ومؤازرة رسمية في تخليد السلطة الرابعة على تاج التاريخ المعاصر، وإنّه لفخر لنا كصحافة عُمانية محلية أن نواكب النهضة العُمانية الكبرى الشاملة.

ولكن إذ أطلب الرفق بالسلطة الرابعة اليوم هُنا، لأنني أستشعر مبالغة في ممارسة حق النقد في حقها، فعندما يقدح بعض أبنائها بنقدٍ قاسٍ ضد جمعية الصحفيين العُمانية، أو في أحد أعضاء مجلس الإدارة، ويُخصص له مسلسل من المقالات اللاّذعة، بما يحتمل وبما لا يُحتمل، فهنا قد يتصور القارئ، أنّه يتعامل مع جهة فقدت الأمانة والنزاهة والمصداقية، فيُثير ذلك في نفسك الرغبة في اكتشاف كنه هذا الذي سِيق عصفاً تجاه الجمعية، فتجد أنّ هناك بعض الأخطاء الفردية ربما وقعت، ولكن الفرد بطبعه البشري خطاء، إلاّ أنّ هناك فرقاً بين الخطأ والخطيئة، إذن ليس لهذه الدرجة من المبالغة في الأمر، وإنّ الخطأ الفردي إذا وقع يجب أن نتوقف معه ونُمحّصه، وربما كانت دوافعه طموح شخصي، والطموح كطموح مشروع، ولكن كيف سيتحقق؟ إذن العبرة بالنتائج، وليس في النوايا التي تدفع بها النفوس الطامحة، وربما تكون أمَّارة بالسوء فعلاً.

لذلك يجب ألا يعوّل في الأمر على الخُطى الخاطئة، بل على الخطيئة إذا وقعت وسكت عليها، وعلى ما سيفرضه واقع الحال، وأننا كمراقبين على أداء جمعية الصحفيين العُمانية، نرى أنّ لها جهوداً كبيرة تعبّر عن فاعليتها في المجتمع والساحة الخارجية، وأنا أتحدث عنها هُنا من الداخل، وليس كما يفعل البعض، عندما يتحدثون عنها من بُعد نسبي، فربما أتى البعض بالحكم عليها بتلك الأحكام القاسية نوعٍ ما، لأنّه لم يقنع نفسه حتى الآن، أن الجمعية تُشبع طموحه هو، ورأيي الشخصي - وأنا لست عضواً أو مرشحاً لعضوية إدارتها - أن من يريد إصلاحاً صادقاً للجمعية، عليه أن يتواضع في مواقفه قليلاً، ويقبل بداية بعضويتها حتى يستطيع أن يُقيّم أداءها عيناً.. وليس سمعاً، ومن ثم يتدرّج في رقيّ سلم مجدها، أمّا أن ينتظر إلى أن يُنتخب لإدارتها، أو رئاستها وهو خارجها، فهذا أمر لا يوافق المنطق ولا العقل.

إنّ هذا اليوم الإثنين الخامس والعشرين من أبريل، هو موعد انتخابات الجمعية، ولكم كأعضاء أن تختاروا من ترون مناسباً لقيادتها للفترة القادمة، وأن تفرضوا على مجلس الإدارة الجديد، شرطاً يُلزمهم بوضع خطة عملية للتطوير والتغيير والتجديد، وليس كمن يجلس على قمة ربوة بعيدة، فيرمي بسهامه من هناك، فقد لا يسعفه البعد حتى يصيب الهدف إصابة مباشرة، وإنما سيخلق صوتاً وشوشرة في الجو، وقد تؤذي السَّامع بالضُّر وليس بالنفع، ولكنّها لا تخدم ولا تُصلح وضعاً، فقد يظنه الرأي من بعيد أنّه حقيقة، ولكن سيجده مجرد نسج من خيال.

إنّ البناء لا يأت جملة واحدة، وإنّ الأخطاء تأتي وقت البناء، وما يأتي لاحقاً هو مجرد اكتشاف للأخطاء التي حدثت في السابق، وأنّ من ظل على كرسي النقد - لأنّه الأسهل - فلن يُحدث التقدم المطلوب بهذه الطريقة، والجمعيّة تمثل الصحافة العُمانية، شئنا أم أبينا، لذلك علينا أن نأخذ بيدها، لكي تبرز اسم عُمان عالياً، ليس في الداخل العُماني وحده، وإنما في المحافل الدولية جمعاء، كناقلة للفكر العُماني الوضاء، والخالي من شوائب الكراهية والتحيّز أو التحزّب، فلنجعلها بأيدينا العُمانية، شعلة على قمة جبل شمس تُرى حتى من الرمس، فهلموا بنا لننثر الخير على رُبى الخير.

Safeway.om@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك