إعلاميون: البرامج الحوارية في حاجة إلى تنويع القضايا المطروحة للنقاش تجنبا لملل المشاهدين

أكدوا أهمية تنمية مهارات معدي البرامج بالإذاعة والتليفزيون في عصر تبادل المعلومات

< الراشدي: للبرامج الحوارية أثر كبير في توجيه المستمع والمشاهد بشرط الشفافية والتخصص

< الزدجالي: نجاح البرامج الحوارية يعتمد على طرح الرأي والرأي الآخر وحيادية المذيع

< المطاعني: المشاهدون يهتمون بالتواصل فقط مع البرامج التي تلامس قضاياهم اليومية

< الوهيبي: بعض المقدمين يكررون مقاطعة الضيوف ويتحدثون أكثر منهم

< المعمري: غالبية البرامج تركز على القضايا الثقافية والاقتصادية وتفتقر إلى التنويع

< البادي: المشاهد العماني لا يميل إلى البرامج التي تفتعل مشكلات لتزيد نسبة مشاهدتها

أكَّد عددٌ من الإعلاميين والمتابعين أهميَّة الاستفادة من البرامج الحوارية في الإذاعة والتليفزيون العماني، لزيادة وعي الجماهير من خلال تنويع القضايا المطروحة للنقاش ورفع سقف الحرية لتناول كافة القضايا التي تلامس الحياة اليومية للمواطن والمقيم؛ عبر اعتماد الشفافية كمبدأ عام في العمل لضمان الحفاظ على ثقة المشاهدين، وحرصهم على متابعة البرامج عبر أثير الإذاعات والفضائيات العمانية.

وقال عدد ممن شاركوا في استطلاع "الرُّؤية" إنَّ التكرارَ في تناول قضايا موسمية من نفس زاوية الطرح هو أول مسمار في نعش أي برنامج ناجح. وأشاروا إلى أهمية التركيز على تأهيل معدي البرامج وتنمية مهاراتهم وضخ دماء جديدة من الشباب العماني الموهوب في هذا المجال، خاصة وأن المشاهد بات اليوم أكثر اطلاعا وبإمكانه البحث عن أى معلومات يريدها عبر شبكة الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية، وهو ما يستوجب العمل على مزيد من التطوير في مختلف جوانب العمل الإعلامي لملاحقة التطور التكنولوجي والاحتفاظ بنسبة مرتفعة من المشاهدة.

الرُّؤية - خالد الخوالدي

وقال الإعلامي راشد بن حميد الراشدي: إنَّ للبرامج الحوارية أثرا كبيرا في توجيه المستمع والمشاهد، خاصة في حال اهتمت بقضايا الحياة اليومية للمواطنين من خلال لقاءات ونقاشات تصب في مصلحة المجتمع وتقويمه وبناء مقدراته والاستماع لاحتياجاته. وأضاف راشد الراشدي بأنَّ من بين ما يطرح في وسائل إعلامنا المسموعة والمشاهدة هناك برامج جميلة وناجحة، نالت رضا الجمهور، وساهمت في رصد ما يريده المجتمع في شتى المناحي وينقصها فقط القليل من الشفافية في الطرح وهو ما يضمن زيادة عدد متابعيها وتأكيد مصداقية برامجها.

وقال عبدالعزيز بن درويش الزدجالي مدير مساعد بدائرة الإعلام بوزارة الخدمة المدنية: إنَّ البرامج الحوارية من القوالب الإعلامية الأكثر شيوعا في العمل الإذاعي والتليفزيوني؛ وذلك لسلاسة إنتاجها وإخراجها، إضافة إلى حجم المعلومات والتفسيرات التي تقدمها، وقد تعود الجمهور عليها واستأنسها لأنها غالبا ما تلامس قضايا المجتمع، لكن نجاح هذه البرامج الحوارية يعتمد على مدى ما توفره المحطات القائمة عليها من مقومات النجاح مثل الميزانية والإعداد المميز والتقديم المتزن، إضافة إلى الإكسسورات الإخراجية الأخرى، ولعل أهم عناصر نجاح هذه البرامج هو الحيادية في الطرح، وتناول الموضوع من مختلف أطرافه دون الارتكاز على محور معين أو وجهة نظر واحدة.

مساحات أكبر للجمهور

وقال الكاتب الصحفي علي بن راشد المطاعني: إنَّ البرامج الحوارية الإذاعية والتليفزيونية لها أهمية كبيرة، ويُنتظر منها أن تفرد مساحات واسعة للحوار حول مختلف القضايا الجماهيرية لأنها أصبحت من أهم وسائل مناقشة القضايا الهامة وربط وسائل الإعلام العمانية بالجماهير. مضيفا بأن الجماهير تسعى للتفاعل مع وسائل الإعلام، ولا يمكن لهذه الوسائل أن تستفيد من ذلك التفاعل إلا من خلال ما يُسمى بـ"البرامج الجماهيرية" التي تطرح قضايا الناس وتعالج الإشكاليات التي يلمسها المجتمع. ويُمكن لهذه البرامج أن تتوجه في الفترة المقبلة إلى تعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع مثل التسامح والبر والإحسان والرحمة وبر الوالدين والعلم، وهو ما لن يتحقق إلا باستضافة مختصين يعلقوا على هذه الجوانب ويستطيعون أن يبرهنوا على حديثهم بأدلة من القرآن الكريم والحديث الشريف والسنة المطهرة والأعراف العمانية، إلى جانب مناقشة غيرها من القضايا العامة سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية.

وأضاف المطاعني بأنَّ على وسائل الإعلام الإذاعية والتليفزيونية عند تناولها للمواضيع التنموية أن تهتم أكثر برأي الناس، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا الزراعة والتنمية الاجتماعية والصحة والتربية. وفي هذا العصر لا مجال لبث برامج معلبة، وإنما يجب أن نفتح مواضيع حوارية يشارك فيها مسؤول يتحدث عن جانب من الجوانب التي تخص مؤسسته، وفي الوقت ذاته نفتح مجالا للطرف الآخر، وهو الجمهور؛ ليتداخل ويحاور هذا المسؤول بالاتصال المباشر، وهذه البرامج الجماهيرية التي تأخذ صدى عند عامة الناس ويكون لها متابعين من كافة الشرائح.

وقال المطاعني إنَّ ما ينقص البرامج الجماهيرية العمانية هو الإعداد الجيد وهو أمر مهم جدا؛ لذا على المعدين أن يكونوا متخصصين حتى يستطيعوا أنْ يقدموا مادة تنافس البرامج الأخرى ويكون لها نصيب من المتابعة الجماهيرية؛ لأنَّ الجمهور لديه خيارات كثيرة للمتابعة وأن تكون هذه المواد ذات جودة عالية توضح أن من قام بإعدادها تعب وبحث وكافح حتى يحصل على المعلومة؛ فكما يعرف البعض أنَّ البرامج الحوارية يقوم المعد ومقدم البرنامج بالتجهيز لها مبكرا ليكون البرنامج هادفا ومفيدا، وهو ما يحتاج إلى فرق إعلامية متخصصة تعمل على إعداد البرنامج بشكل متكامل من خلال التقارير والإحصائيات واللقاءات مع الجماهير والتحضير مع أشخاص مختصين، حتى لا يمل المشاهد من المحتوى. ومن خلال متابعتي لهذه البرامج الحوارية، أرى أنها تحتاج إلى إعداد مسبق وفرق متخصصة لإنتاج برامج ذات علاقة بقضايا تهم الناس؛ لأنَّ وقت البث غالٍ جدا ومهم جدا، ويجب أن لا نضيعه ونستفيد من الإمكانيات المتاحة بوسائل الإعلام.

وأشار المطاعني إلى أنَّه لا ينكر الجهود التي تبذل من قبل القائمين على الإعداد والتنفيذ والمذيعين والمقدمين في وسائل الإعلام، لكن لابد أن نرفد هذه الوجوه الشابة بخبرات في الإعداد والتوجيه؛ لأنَّ الإعلام يعتمد على الخبرات في الإعداد بالدرجة الاولى، وإذا أردنا تجويد عمل فلابد أن تكون هناك خبرات رائدة لتنمية مهارات العاملين في المجال؛ فالمادة المقدمة لابد أن تكون ذات مضمون وعُمق إعلامي وذات قيمة مضافة للجمهور.

الاهتمام بقضايا المواطنين

وقال جُمعة بن راشد بن سالم الوهيبي: إنَّ البرامج الحوارية لابد أن تركز أولا على قضايا تمس المواطن وتخدم المجتمع، وهذه النوعية من البرامج تستقطب نسبة كبيرة من المشاهدة، على اعتبار أنها تتناول قضايا ذات ارتباط وثيق بتفاصيل الحياة اليومية للمواطن والمقيم، وبالرغم من أنَّ مداخلات بعض الضيوف ذات طابع أكاديمي، وتعطي انطباعا بأن فئة عريضة من المشاهدين قد لا تتجاوب معها، بالنظر إلى محدودية أفقها المعرفي، غير أن هذا الانطباع صار متجاوزا، على اعتبار أن قطاعا واسعا من المشاهدين بمختلف مستوياتهم التعليمية، يتعاطون مع هذه القضايا المطروحة، مهما كان مستواهم التعليمي، بما في ذلك الأمي، أصبح بمقدوره أن يحلل أي قضية تطرح للنقاش وإلى غير ذلك من القضايا التي تطرح للنقاش التي تهم كل بيت في ربوع السلطنة.

وأضاف الوهيبي: من خلال المتابعة، أرى أنَّ هناك برامجَ حوارية تطرح قضايا متعددة تهم المواطن، وتتنوع بين مواضيع الفكر والأدب والرياضة...وغيرها من القضايا والمواضيع، غير أنَّ هناك نقطة أساسية، لابد من لفت الانتباه إليها، وهي المتعلقة بأسلوب إدارة هذه البرامج الحوارية؛ فالملاحظ أن أغلبهم يفتقرون إلى تقنيات تنشيط هذا النوع من البرامج حيث نجد بعضهم لا يلتزم الحياد، والبعض الآخر يتحدث أكثر من ضيفه، وآخرون يكثرون من مقاطعة المداخلات رغم عدم اكتمالها، وهناك من يجمع كل هذه السيئات دفعة واحدة. وهناك من يتوفر لديه الحد الأدنى من مؤهلات إدارة البرامج الحوارية، وقد ساعده في ذلك المعرفة التي اكتسبها من خلال التخصص أو الخبرة، ومن المؤكد أنه بالرغم من الكثافة العددية للبرامج الحوارية بقنواتنا كما قد يبدو ظاهريا؛ فإن هذه البرامج لا تزال دون تطلعات مختلف فئات المشاهدين، بالنظر إلى تغليب محاور على حساب أخرى، وضيق مساحة النقاش المخصصة.

وقال الصحفي عبدالله بن محمد المعمري: إنَّ البرامج الحوارية -سواء الإذاعية أو التليفزيونية- تمثل نسقا مهمًّا في مناقشة قضايا المجتمع، ولها أيضا دورها المحوري في توضيح بعض النقاط التي قد تكون مجهولة الفهم أو يجهلها عدد من أفراد المجتمع المعنيين بها أو تلامسهم بشكل مباشر. وأضاف: إنَّ أهمية هذا النوع من البرامج الإعلامية تقودنا للحديث عن برامجنا الحوارية المحلية ومدى ملامستها لقضايا الفرد والمجتمع، وأرى أنَّ هنالك نقصا في تنوع هذه البرامج الحوارية التي لا يزال المجتمع متعطش لها وبقوة؛ حيث إنَّ تركيز البرامج الحوارية التليفزيونية أو الإذاعية مُتجه إلى المجالين الثقافي والاقتصادي، مع وجود برامج حوارية ترفيهية نجدها بين البرامج الإذاعية بشكل واضح، وأخرى توعوية في مجال أو مجالين محددين؛ هما: السلامة المرورية والصحة. فيما البرامج الحوارية المجتمعية التي تُعنى بقضايا المجتمع ومشكلاته وما يدور فيه من مواضيع تحتاج إلى مساحة أكثر للطرح، نجدها مغيّبة أو نادرة، فلا نجد سوى برنامجين أو ثلاثة من هذا النوع من البرامج الحوارية ترتكز في منبر الإذاعة.

وقال المعمري إنه قبل عشر سنوات أو يزيد، كانت هنالك برامج حوارية مجتمعية، ناقشت قضايا المجتمع وتعمَّقت فيه أكثر، وكشفت ما يحدث بين جنباته وأيقظت القلوب قبل الأعين، بهدف القضاء علي الظواهر السلبية أو إيجاد الحلول الجذرية لها، وما إلى ذلك من الأهداف التي حققتها، إلا أنها للأسف اختفت بعد فترة دون أن نعرف الأسباب الحقيقية وراء اختفائها رغم ما كانت تقدمه من أفكار ورؤى تفيد كل الجهات وتعمل على تصحيح مسارها إلى الأفضل والارتقاء بقيمة العمل بها، ونتمنى أن تعود.

الحوار الهادف والبناء

وقال الكاتب يوسف بن علي البادي: إنَّ الحوارات والبرامج الحوارية بصفة عامة تستفز وتحرك مشاعر بعض الناس، وهي ردود فعل متوقعة لدى كثير من الشعوب ومن بينها بطبيعة الحال الشعب العماني الذي يؤمن بالحوار الهادف والبناء، وأحيانا ما تخلق البرامج الحوارية مشكلة حتى تكون ناجحة جماهيريا وقد تكون هذه البرامج ليست موجودة لدينا في عمان؛ إلا أنها موجودة في بعض الدول العربية. ولدى تليفزيون السلطنة برامج تتناول مواضيع ليست ذات أهمية أو مواضيع مستهلكة ويتكرر النقاش فيها كل فترة وبعض الأحيان سنويا وفي فترات ومناسبات محددة يتم طرح نفس المواضيع بنفس الفكرة والطرح دون تجديد ولا طرح مغاير وتكون الناس سمعتها مرة ومرتين حتى تصبح المشكلة المطروحة في نظرهم عادية رغم أنها قد تكون مشكلة مهمة، ويعاني منها المجتمع، لكن تكرارها بنفس الصياغة يجعل منها قضية مألوفة وليست ذات اهتمام لدى الشارع. وعلى سبيل المثال: مشكلة الرواتب وعلاوات العمل عند حراس المدارس؛ حيث أصبحت تناقش بشكل كبير لكن ما عادت تجذب الاهتمام لأنها صارت تطرح بشكل اعتيادي ومتكرر من نفس الزاوية. ومثال آخر، التخطيط في الشوارع ومشكلة الحوادث والمتسبب وفيها والسرعة الجنونية التي باتت مشكلة لا تناقش بأسلوب علمي قابل للعلاج.

وأضاف البادي: إنَّ المشكلة الأساسية في طريقة طرح المشكلة بالأسلوب الذي يقدم الحلول والعلاج قبل عرض المشكلة نفسها والتركيز عليها، والمشكلة الأخرى أن الأشخاص المشاركين في الحوارات لا يساهمون في علاج المشكلة بذاتها، وإنما هم فقط ينظرون في أمور كثيرة وعموميين في طرحهم وليسوا متخصصين في الموضوع المطروح والمشكلة المطروحة؛ فمثلا لو افترضنا أننا عند مشكلة مع الصيادين في منطقة (ب) يستضيف البرنامج مدير ومسؤول الصيادين في منطقة (أ) فهو مدير بالفعل، لكنه لا يدرك حجم المشكلات والمخاطر والحلول والعلاج لمشكلة الصيادين في منطقة (ب)، وكان يفترض استضافة المدير المسؤول في نفس المنطقة حتى يستطيع تفنيد المشكلة وطرح الحلول المناسبة ويستطيع المقدم أن يواجهه بأي نقطة تفيد النقاش والحوار.

وتطرق البادي إلى أن بعض البرامج تبث في يوم معين من أيام الأسبوع كالاثنين مثلا فيحاول المعدين والمقدمين طرح مشكلة معينة حتى لو لم تكن جديرة بالنقاش في ذلك الوقت، وفي بعض الأحيان يجتمعون لخلق مشكلة من العدم واستضافة متحاورين تجهز لهم حتى الإجابات لأنه ليست هناك حرية كافية لعرض المشاكل الحقيقية، خاصة تلك المشكلات الشعبية وإيجاد الحلول المفيدة من خلال هذه البرامج يفترض أن تستضيف المتسبب في القضية وليس ضيوفا خارجين عن الموضوع؛ فهؤلاء أدري بطرح قضيتهم وهذه هي مهمة البرامج التي تحرك الرأي العام ولا يحركها المسؤولون؛ فالإعلام سلاح لابد أن يستخدم في العلاج وإذا لم يتم تحقيق ذلك يفقد الإعلام هدفه وسبب وجوده.

تعليق عبر الفيس بوك