فكرة تلوح في الأفق

مدرين المكتوميَّة

عبارة عميقة أطلقها الفيلسوف بوذا منذ آلاف السنين حينما قال "أنا أتألم إذًا أنا موجود"؛ ليرددها في العصر الحديث ديكارت "أنا أفكر إذًا أنا موجود"، وحسب فهمي المتواضع لا أعتقد أنه يقصد بالفكر هنا الفكر بصورته الخاصة إنما عموميته التي يمارسها جميع الناس لا محالة بسبب "وجودهم"!

فالتفكير شيء جميل يدل على محاولة الإنسان إيجاد حلول لمشاكله أو محاولة إيجاد مخارج للآخرين من مآزق ألمَّت به، أو أنها محاولة لتوسيع مساحات الفرح حتى تشمل الآخرين وفي كل الأحوال فإنَّ التفكير حالة إيجابية تبرهن الصحة العقلية لمن يفكر، ولكن قد يقود التفكير الحاد إلى حالة سلبية وربما تتطور لتصبح جنونية إذا ما فاق التفكير المقدرات العقلية البشرية، فيجب على الشخص أن لا يبالغ في التفكير حتى لا يقتله البحث عن أشياء تفوق مقدراته فيمرض بغياب الحقيقة ويصبح عقله في حالة متاهة، ويمكن أن يقوده إلى التهلكة عدم المقدرة على السيطرة ويصبح بلا عقل يعيده إلى رشده.

فهنالك علماء بتفكيرهم العميق استطاعوا أن يقدموا للبشرية خدمات سهلت عليهم حياتهم كثيراً فمن هولاء توماس أديسون هذا العالم الأمريكي المشهور الذي اخترع المصباح الكهربائي وعمل على تطويره، واخترع الطاقة الكهربائية وعمل على توليدها، إضافة إلى أنّه اخترع مسجل الصوت والعديد من الاختراعات التي كان لها أثر كبير في الحياة البشرية، ويعتبر توماس أديسون من أكثر الأشخاص إنتاجاً في تاريخ البشرية؛ وذلك بتفكيره الإيجابي العميق ومثله كثير من العلماء الذين لم يقف تفكيرهم عند نقطة معينة.

فالتفكير عموماً هو المساحة التي نعطي فيها أنفسنا فرصة البقاء مع الذات وتحليل مشاعرنا والبعد عن كل شيء، ومن العجائب البشرية تلك الحالات التي يعيشها الإنسان بينه وبين نفسه وبينه وبين المجتمع من حوله. تلك اللحظة الفاصلة والأكثر غرابة لدى الإنسان نفسه حين تنقلب أفكاره فجأة وتتغير مساراته بفعل ما يمر به في تلك اللحظة من المعتقدت والاضطرابات النفسية والتي تعبث بكل دواخله فتتشكل حينها عليه بنات ما يريد وما لايريد، وما سيحدث له.

وفي مُجمل الأمر، يقال إنَّ أكثر لحظات الخسارة والفقد هي تلك اللحظة التي نخرج فيها عن المألوف ونكون أشخاصا يجهلنا الآخر ومَنْ حولنا، ويصدم من تفكيرنا المحدود في لحظة أستطيع أن أطلق عليها لحظات العصبية أو الانزعاج الشديد، والعكس كذلك قد نتناسى أمرا ونغض الطرف عنه بمجرد أننا نريد أن نعطي للآخر فرصة للبقاء أكثر معنا، وكل شخص لديه طريقته في التفكير وفي الحفاظ على أشيائه الثمينة، وكذلك لديه القدرة على خسارتها وبشدة دون أن يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان.

خُلاصة الأمر أنَّ كل ما نحن فيه وعليه، وسيترتب علينا مستقبلًا، ينبع من أفكارنا، فعلينا حينها نعطي لأنفسنا الوقت الكافي لنصل لما نريد بطريقة صحيحه دون عناء ومشقه وطرق ملتويه، بل سنصل بسهوله ويسر إذا ما أخلصنا لأفكارنا وأعطيناها الوقت الكافي وبتأني تام.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك