التبولة وصحن الشاورما..!

حقيبة ورق

حمود بن علي الطوقي

لم أكن أود الكتابة من قريب أو بعيد حول ما أثير من ردود ساخطة على تغريدة سعادة الأخ سالم العوفي وكيل وزارة النفط والغاز، وانشغال عدد كبير من المغردين والناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي بهذه التغريدة، فالأمر بالنسبة لي كمغرد ومتابع أيضا لما يدور في هذا الفضاء الواسع، كان يتمحور في مسارين مختلفين، المسار الأول: كان يعكس تأثير الحسابات الشخصية للمغردين المسؤولين وأهميتها في التواصل المباشر مع المواطنين؛ وهذا بحد ذاته شيء إيجابي، أمّا المسار الآخر فقد تأكد لي يقينا أن هناك فراغا كبيرا لدى البعض يحاول أن يستغله في حوارغير هادف ولا بنّاء..!

لست هنا في موقع المدافع عن تغريدة الوكيل فهو من غرّد وهو من يعلم بمغزى هذه التغريدة وغيرها من التغريدات التي قد تكون أثارت حفيظة المغردين .

ولكن استحضر هنا ربط أحد خبراء الاقتصاد عندما كان يتحدث عن تقلبات سعر النفط بأن التبولة وصحن الشاورما، أضحت تنافس سعر برميل النفط في إشارة إلى التدهور الذي تشهده أسعار الخام حاليًا، وأنه يجب علينا أن نبحث عن مصادر بديلة قد تكون أفضل من النفط؛ هذه السلعة التي يتهددها النضوب وتقلبات الأسعار.

لقد وصلتني رسالة من أحد الأشقاء بالمملكة العربية السعودية يتعجب من هذا الهجوم الشرس من قبل المغردين على الوكيل، مؤكدا أنّ المغرد العماني يتّصف بالتميز في تغريداته، والتي عادة تكون واقعية ولا تخدش ولا تمس أحدًا إلا من يتهجم على ديننا الحنيف أو يتطاول على الوطن ومنجزاته.. هكذا تابعنا المُغرّد العماني ويجب أن يستمر في هذا التميز عن غيره.

أمّا الجانب الذي لا يليق بالمواطن عندما يتحول إلى استغلال هذه الوسائط للاستهزاء والسخرية كما تابعناها بعد تغريدة سعادة الأخ سالم العوفي، هنا أذكر نفسي وأذكركم بالآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ) [الحجرات11].

من المؤسف وأقولها بألم أن يتصيّد الناس في أخطاء الآخرين، ولماذا نعمّق نطاق الاستهزاء لحد السخرية وما تبعه من شماتة، والمؤسف أن نستغل شبكات التواصل لتعميق الإساءة على الآخرين بدلا من تضييق فجوة المشكلةً، وتقديم النصح والإرشاد. إنني كمتابع أرى أنّ خطورة هذا السلوك تكمن في اتساع رقعة المتابعة، والتي تساهم في تفشي هذه الظاهرة وتكرارها والخوف من ترسخها بين الشباب والجيل الواعد لتصبح مستقبلا سمة سلبية عمانية تطغى على الجوانب الأخلاقية التي عرف بها العمانيون، فما يعرف عن عمان والعمانيون مجتمعًا ونسيجًا متماسكًا يسوده الوئام والتفاهم والتعايش ومحب للسلام، ودائمًا ما نسمع عن العمانيين بوصفهم "ذوي أخلاق عالية".

إنّ ما حصل من ردود تتسم بالتهكم والسخرية على تغريدة سعادة سالم العوفي ليس من تعاليم ديننا الحنيف وليس من أخلاق العمانيين التي يشيد بها الجميع، فالمسؤول وإن أخطأ فهو بشر وليس معصوما عن الخطأ، ومن منّا لم يقع في هفوة أو زلة لسان، كما أنّ هذا المسؤول هو جزء من نسيج المجتمع العُماني وابن عمان ومشهود له بالكفاءة والنجاحات، فلم لا نركز على الجوانب الإيجابية ونتغاضى عن السلبية منها، هل نرضى لبعضنا تلك الشماتة؟

لا أدافع عن المسؤول فربما أخطأ في التشبيه الذي لم يقصده، ولنلتمس له العذر، وننبهه إلى خطئه بالتي هي أحسن بدلا من أن نسخر كل طاقتنا وإمكانياتنا لكي نبدع ونتفنن في تعميق المشكلة حتى تتحول إلى ظاهرة.

وهناك أسباب أخرى وهي الفراغ وغياب التوعية والتي أيضا ينبغي معالجتها فمثلا قلما تجد هذا الجانب من السخرية والتهكم في المجتمعات الغربية والمجتمعات الآسيوية مثل كوريا واليابان، وينبغي التصدي لهذه الظاهرة ومنع انتشارها بمختلف الوسائل سواء بالتوعية وتجاهل تداولها والمحاسبة القانونية لمن يسيء في ذلك وفق التشريعات القانونية، وأن نعزز من التوعية للشباب والأجيال لخطورة هذه الظاهرة ونبذ التهكم والسخرية والشماتة من الآخرين لخطورتها وتأثيرها السلبي في المجتمع والنسيج العُماني، وعلينا التركيز على الجوانب الإيجابية وغرس السمات الاخلاقية لتبقى وتستمر عمان مجتمعا ونسيجا متماسكا بأخلاقه العالية محبا للتفاهم والتعايش والسلام..

ودمتم ودامت عمان في أمن وسلام

تعليق عبر الفيس بوك