هل كان زيدان مفتاح الكلاسيكو؟

 

حسين الغافري

انتهت القمة الكبيرة بين برشلونة وريال مدريد بفوز مُستحق للنادي الملكي الأبيض على الغريم التقليدي وينتيجة قوامها هدفين لهدف. مُباراة وبطبيعة قيمتها المرتفعة وقيمة الناديين والتاريخ الحافل والنجوم بالجانبين، فقد أخذت اهتمام الصحافة العالمية في كل مكان، وأوقفت عقارب الساعة في ملعب الكامب نو لأعين ترتقب اللقاء بأدق الجزئيات والتفاصيل. مُباراة كهذه تشغل الكل كونها تُنتج مباريات وصراعات فردية وجماعية داخل تنافس المستطيل الأخضر.. وقبلهُما راهنات جمهور وسوق السوداء تشتعل في إسبانيا خصيصاً في الكلاسيكو بأموال هذه المراهنات التي تصل لملايين الدولارات. ريال مدريد عاد في المباراة من بعيد رُغم التأخر بهدف سبق لبرشلونة وهو أمر لا يُستهان به بحد ذاته، ويُعبّر عن ميزة نفسية عمل زيدان على قراءتها ووضعها في قائمة القراءات الفنية الناجعة التي أوجدها خلال اللقاء. المباراة كانت غنية من حيث التقلبات الفنية في الجانبين مع إن برشلونة ظهر هشاً في آخر رُبع ساعة بشكل ملحوظ بغض الهشاشة التي بدأ فيها وغياب نجومه بالأخص الـMSN، والحذر الشديد في شوط المباراة الأول سواءً من برشلونة أو ريال مدريد. حاول كلا الفريقين الهجوم دون تغافل أو نسيان من أن ذلك قد يكون سلاحا مُعاكسا سلبا في أي ارتداد قد يحدث يكلف الكثير. ولكن أكثر ما شدّني في لقاء الكلاسيكو هو ثبات الأسطورة زيدان من الجانب الفني وتفوقه على انريكي طيلة اللقاء وهو أمر يجب الوقوف عنده بإهتمامٍ بالغ وتمكين زيدان أكثر في غرفة الملابس ومشاركته ببناء مستقبل الريال. والثقة بعمله لأعوام مقبلة بغض النجاحات في موسم واحد فقط كما جرت العادة بالإقالة عند إي إخفاق يحدث!

ولعلي تذكَّرت حينها صباح يوم المباراة وأنا أُتابع آخر الأخبار المتعلقة بمباراة دقيقة وتفصيلية تحظى باهتمام بالغ قبل انطلاقتها وحتى بعد صافرة النهاية وتكون حديث المجالس الرياضية والأعمدة الصحفية والأخبار التليفزيونية...وغيرها. تذكرت حينها تغريدة حسين ياسين مراسل الدوري الإيطالي على قنوات beIN Sports وقد كتب عبر حسابه الشخصي بتويتر متمنياً كلاسيكو يليق بإسمه وليس مجرد تمرين لميسي ورفاقه. ولعلي أفهم ما ذهب إليه بتغريدته ولا يمكن تفسيرها -كما فعل البعض- من زاوية التقليل بلقاء من هذا النوع، أو الانتقاص من قيمة فريق عريق كريال مدريد، ولكن يبدو واقع تعودنا -في آخر الأعوام- رُؤية النادي الملكي يتهاوى بقوة، ويظهر ضعف وخوف أمام برشلونة. ولعل نتيجة أربعة صفر الأخيرة خير دليل بالمعقل الملكي، وقبلها لقاء الخماسية البيضاء في عهد البرتغالي مورينهو.. وأيضاً سداسية مقابل هدفين.

... الكلاسيكو أنصف زيدان ولو في المستقبل القريب القادم، ومؤكد بأنه عزز بهذه النتيجة الأفكار التي يحملها لقيادة النادي الملكي في الموسم المقبل. حيث إنني وبعد هذا الفوز والأداء الذي قدمه لم أعد أشك في فرصة إستمراره لعام آخر بغض النظر عما ستؤول عليه النتائج في بطولة دوري أبطال أوروبا أو حتى الدوري الإسباني الذي من شبه الصعوبة أن يفلت من برشلونة وهو متقدم بفارق ست نقاط عن أتلتيكو مدري وسبع نقاط عن ريال مدريد ونحن نعيش الجولات الأخيرة. زيدان أصلح كثيراً الأضرار التي أوجدها بنتيز، وخلق لحمة قوية مع لاعبيه جعلهم يثقون بقدراته الفنية، ناهيك عن تركيزه لوسط الميدان بإعتباره مفتاح الفوز، وأوجد إنضباط فني في الخطوط الثلاثة على عكس الفراغات الكبيرة التي كانت في عهد بنتيز، ولعل إعادة إكتشاف لاعب محور دفاعي ككاسميرو كان من بين إيجابيات وجود زيدان على الدكة الفنية وهو مركز ظل شاغراً بعد الفرنسي مكاليلي والإسباني ألونسو.

ما أود أن أختم فيه أن الفوز لزملاء الدون البرتغالي هو فوز محسوب ثلاثة أرباعه لزيدان، فمن يعلم بأن تسعه وثلاثين لقاء لم يخسر فيها برشلونة يدرك بأن ما تحقق أمر لم يكن سهلاً بتاتاً، فجاء الريال ليوقف لتلك السلسلة البرشلونية وفي معقله بالكامب نو. سنشهد حقبة تنافسية منتظر بأن يقدمها زيدان بأفكاره أما برشلونة فعليه التفكير جيداً بأوضاعه وهو بأمتاره الأخيرة وقد تقلصت النقاط كثيراً في آخر اللقاءين، ولكن من يدري لعلها ستكون سقطة إيجابية يستفيق منها أمام أتلتيكو مدريد ضمن ربع نهائي الأبطال الأوروبي وينطلق مجدداً برحلة إنتصارات لا تتوقف إلا برفع الكؤوس الثلاثة نهاية الموسم كما حدث في العام المنصرم.. فالضربة التي لا تقتلك تزيدك قوة!

تعليق عبر الفيس بوك