بين التحفيز والتثبيط يُصنع النجاح والفشل

طالب المقبالي

كل يوم يمر في حياتنا يُعلِّمنا الكثيرَ من الأمور التي يجب علينا اتباعها أو اجتنابها؛ حيث نستنبط من هذه الحياة خطَّ سيرنا ومنهجَ عملنا، والذي على ضوئه بمقدورنا أن نصنع النجاح في أنفسنا وفي الغير، وكذا الحال نستطيع أن نصنع الفشل.

فقبل شهرين أو أكثر من الآن، طلبت مني ابنتي التي تدرس في الصف الخامس أساسي (حلقة ثانية) أن أشتري لها مجلة ماجد التي تصدر بإمارة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. سررت لطلبها وقد لبيته من فوري؛ وذلك من أجل تحفيزها على القراءة بعدما سيطر الحاسب الآلي والآيباد على ثقافة أولادنا وأبعدهم كليا عن القراءة والاطلاع عدا الكتب المدرسية.

وما إن استلمت المجلة إلا وبدأت تقرأ القصص والمقالات، ومن ثم بدأت في حل المسابقات التي رصدت لها المجلة جوائز نقدية بسيطة في قيمتها المالية، لكنها كبيرة في مضمونها المعنوي المحفز للعطاء وللقراءة وللاستمرار.

وفي صباح كل أربعاء تذكرني ابنتي بأن أحضر لها نسختها من المجلة، وكالعادة تقوم بحل المسابقات وترسلها عبر البريد، وتترقب في كل عدد جديد أن يظهر اسمها ضمن الفائزين بإحدى المسابقات، وقد أخبرتها بأن العدد الذي ستظهر فيه نتائج المسابقات التي شاركت بها هو الأسبوع الخامس.

أتي الأسبوع الخامس وظهرت المسابقات التي شاركت في حلها، لكنه لم يظهر اسمها ضمن الفائزين. حزنت قليلاً فأقنعتها بأنك إن لم تفوزي في هذا العدد أو العدد القادم سيأتي بإذن الله العدد الذي ستفوزين فيه، وهذا يتوقف على الرزق الذي يهبك الله إياه، فإذا كتب لك الله رزقا من هذه المسابقات سيأتيك من دون شك، لكن تأكدي يا ابنتي أنك الآن مستفيدة أكثر من المبلغ الذي ستحصلين عليه لو كنتِ من الفائزين.

فالاستفادة من القراءة والمطالعة يجعلك إنسانة مثقفة ومطلعة وسوف يفيدك ذلك في المستقبل، وستكون جائزتك بإذن الله أكبر مما ستحصلين عليه الآن.

ثم أتى الأسبوع الثاني فلم تجد اسمها، حزنت في البداية، وذكرتها بالكلام الذي قلته لها إياه سابقاً، فاقتنعت، وقلت لها ادعِ الله تعالى أن يوفقك في الفوز، فالله عز وجل قال في كتابه العزيز "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) فالله تعالى جل جلاله أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة.

وفي الأسبوع الثالث اشترت المجلة وبحثت عن اسمها فوجدته من ضمن الأسماء الفائزة، صرخت ورقصت وهي تحتضن المجلة، فقلت لها هنا يجب أن تشكري الله لأن الله تعالى قال: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) صدق الله العظيم.

استمرَّت في شراء المجلة عددين آخرين وهي تنتظر مبالغ الجائزة أن تصل واليأس بدأ يسيطر عليها، فقلت لها: يا بنيتي صحيح أنت فزت، لكن ربما المبلغ لن يصل! فهو يرسل عبر البريد، وربما يذهب لمكان آخر فيفقد.

هنا استفحل اليأس فيها، وبدأت تفقد الأمل، أسبوعًا بعد أسبوع، فانقطعت عن شراء المجلة، وأنا ما زلت أحضرها لها أسبوعيا وأحفزها على حل المسابقات، لكنها فقدت الأمل، فأنا من حبطَّها بفرضية ضياع الجائزة، وبعد أيام وصل ظرف بداخله المبلغ، وهنا صرخت ورفعت يديها إلى السماء شاكرة لله متضرعة دون طلب مني لها بذلك، وعلى فورها طلبت مني أن أحضر لها المجلة، فأحضرتها، وقامت بحل المسابقات من جديد.. وهنا نتبين أنه بين التحفيز والتثبيط يُصنع النجاح والفشل.

muqbali@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك