د. عبدالله المسكري*
هناك أسس ومتطلبات لابد من القيام بها أثناء إقامة المشروع التجاري وهذه المتطلبات أساسية؛ لاستمرارية المشروع، وزيادة فرص بقائه؛ لا سيّما مع تقلبات السوق، وتغير أنماط التسوق لدى الزبائن.
صحيح أنّ التوفيق من عند الله سبحانه وتعالى والإنسان لا يرزق نفسه؛ لكن الرزق مقسوم ومقدر، كما أنّه من الأمور الغيبية، ولكنّ الإنسان مسؤول عن الأسباب والحركة، والفعل المؤدي إلى البحث والتنقيب عن مواضع الرزق، ومن ثمّ العمل لاستخراج هذا الرزق، وأيضا القيام بحقوق وواجبات تعين على استمرارية الرزق، وحصول البركة؛ ومنها أداء حقوق الرزق.
فكلمة تاجر لا تعني ممارسة التجارة ككلمة مجردة تساعد على اكتناز الأموال والاستحواذ عليها؛ وإنما هي مجموعة من الصفات والأخلاقيات والسلوك وإنّما تنقسم إلى أربعة حروف كل حرف له رمزيته ودلالته الخاصة به:
(ت): تعني توكل على الله ومن ثمّ تخطيط وتنظيم وحركة والسعي لاقتناص الفرص بشرط عدم التسبب في الإضرار بالآخرين أو القيام بالوسائل غير الشرعية وغير القانونية للحصول على المال، وهذا في حالة حدوثه يتسبب في الإضرار بصاحبه آجلا أم عاجلا كما أنّه سبب لانتزاع البركة والتي هي سر كبير في تنمية المال وتطويره.
( ا ): تعني أمانة فالتاجر أمين من خلال جودة ما يقدمه وأمين في أداء حقوق الزبائن والموردين كما أنّه أمين على المحافظة على هذه الخدمة التي يقدمها للزبون وبالتالي عليه أن يخدم المستهلك بالطريقة السليمة والشرعية بعيدا عن الغش والتسبب في الإضرار بالآخر.
(ج ): تعني جرأة وإقدام وعدم التردد بعد الاعتماد على الله فالتاجر لابد له من جرأة أثناء ممارسته العمل التجاري ولكنّها جرأة فيها الكثير من الحذر، وأهمها الحذر من التسبب في الإضرار بالآخرين سواء كانوا تجارًا أم مستهلكين. إنّ الجرأة لا تعني بحال من الأحوال الإقدام على استغلال الآخرين وإنما البحث عن الفرص التجارية بالطرق القانونية والشرعيّة.
( ر ): الربح وهنا نلاحظ أنّ الربح يأتي في المرحلة الأخيرة فهو وسيلة من وسائل العمل التجاري وليس غاية في حد ذاته فالغاية الأسمى هي مرضاة الله سبحانه وتعالى والربح التجاري إن لم يأت من خلال الطرق السليمة فإنه يكون استغلالا وأكلا بالباطل للمال.
ومن الأخطاء الشائعة افتخار البعض بأنّه يستطيع أن يبيع الذي لا يمكن بيعه ويرد هذا إلى حنكته وخبرته وقوة حجته وقد دار بيني وبين أحد التجار الآسيويين حوارًا في سوق مطرح الشهير حيث قال لي هذا التاجر مفاخرًا بخبرته وقوة حجته أنّه يستطيع أن يبيع (مشط) الشعر للرجل الأصلع، وأنّه سيقنعه بشرائه ودفع ثمنه ثم وهو خارج من المحل يتحسس شعره ليجد نفسه بأنّه أصلع وأنّه ما كان ينبغي له أن يشتري المشط!!! وهنا بادرته بعفوية بأنني لا يمكن أن أفعل هذا لأنّ الأخلاق لا تسمح لي بالاستغلال وإنما سأنصح الأصلع هذا بعدم شراء (المشط) لأنّه لا يمكنه من الاستفادة منه. وهذا خلق إسلامي بسيط كما أنّه من موروثاتنا الأخلاقية في سلطنة عمان؛ نفعله دائمًا في عملنا التجاري خاصة مع الأطفال أو أصحاب الحالات النفسيّة الذين يمرون بحالات تؤثر على اختيار ما يناسب احتياجاتهم.
إن رواد الأعمال محتاجون لهذه الروح الإيجابية في التعامل مع الكسب الحلال في قيادة أعمالهم التجارية.
فالتجارة أخلاق قبل تحقيق الربح.. وعمان تستاهل كل خير.
· مؤسس المنارة العالمية