الكتاب غذاء من نوع فاخر

عبدالعزيز السعدي

انفض مؤخرًا معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته الحادية والعشرين وسط ليال حفّها ود وألق شديدين، استمتع رواده طيلة أيامه بعناوين الكتب ودور النشر والحركة المستمرة بين أروقته الجميلة، فترى الشاب والشيخ والطفل والمرأة بكل تجلياتها وأطيافها وسنواتها كل يغذي روحه بما لذّ وطاب من الكتب حسب ما يود ويهوى، فعالم القراءة والمكتبات عوالم أخرى تأخذك على تخوم المعرفة والعلم، تكسبك الثقة والإدراك والإحساس بالشيء مهما صغر ودنا، فهي غذاء للنفس والعقل والقلب كذلك كما يقول المثل الألماني "المكتبة مستشفى النفوس" والكتاب هو غذاء من نوع آخر مختلف ولذيذ، فيكون أحيانا عصي الهضم ولكن سره فيه وحجته قائمة وراسخة ومفعوله باق.

وبحكم ميولي الشعرية من الضفة الشعبية لاحظت أن الشعراء الشعبيين كانت لهم إصداراتهم هذا العام في عدد من العناوين واعتبره الأكثر نوعا ما؛ مقارنةً بالسنوات الماضية وقد احتفوا بنتاجهم وجهدهم بمعية أصدقائهم وكذلك زوار المعرض، إلا أنّ ملاحظتي كانت ولا زالت قائمة منذ سنوات ولم أجد لها مبررا كافيا بالرغم من محاولاتي لإيجاد ولو بسيط عذر، إلا أنني أفشل في ذلك كثيرًا وهي قلة زوار الشعراء الشعبيين للمعرض مقارنة بشعراء القصيدة الفصيحة وكذلك بكتاب السرد (القصة والرواية) بحكم أن هذه الأجناس الثلاثة في نفس السفينة، حيث إنّ الأخيرين كانا وما زالت لهما أجوائهما الخاصة وتفاعلهما المباشر وغير المباشر كذلك مع المعرض حتى قبل افتتاحه بأيام، احتفاءً بزملائهم وبالقراء من مختلف المشارب فتجدهم بين أركان المعرض ومع دور النشر والناشرين ولا شك أنّه قد تربطهم علاقة وثيقة بهم، علاقة امتدت لسنوات لعوامل عديدة منها متابعتهم الدائمة لهذه الدور وما تصدره سنويًا لهذه الأعراس الثقافية السنوية ومتابعة إصداراتهم الشخصية في هذه الدور ومدى قابليتها لدى القراء زوار المعرض وكذلك متابعة إصدارات زملائهم حيث إنّهم أسرة واحدة بالرغم من الشلليّة الحميدة بينهم ومشاركتهم في مختلف الفعاليات المصاحبة للمعرض من محاضرات وأمسيات وحفلات توقيع وكذلك التواصل الدائم مع وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الحديثة وحديثهم عن المعرض والجديد الذي طرأ فيه والعناوين الجديدة المطروحة، وكذلك تفاعلهم مع الزوار بشكل جميل ولائق بمؤلف يخلص سنواته للكتابة والمغامرة وسبر الأغوار واكتشاف أراض بكر.

هنا لا أعمم ولا أعلم بالظروف المحيطة بهم فربما تكون زياراتهم في أوقات لا أكون موجودًا بها وربما بسبب ظروف شخصية تحيط بهم ولكن هذا ما أجده ويجده غيري أيضًا على الرغم من كون الشاعر الشعبي في كثير من الأحيان وجد فرصته في الظهور هنا وهناك، بسبب كثرة المنابر التي تشجع موهبته وجنسه الأدبي فلابد من المحافظة عليها بالقراءة والإطلاع وتزويد قصيدته بما يجعلها تنافس بقية الأجناس الأدبية، ومعارض الكتب فرصة ثمينة لصقل الموهبة والاطلاع على ثقافات أخرى وكتابات جديدة وقصائد نابضة بالشعر والحياة.

تعليق عبر الفيس بوك