التصدي للشائعات بسلاح الشفافية

خالد الخوالدي
 

اختصر الدكتور محمد بن عوض المشيخي رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان قابوس علاج الشائعة قبل المشاكلوالدوافع والتأثير المتوقع لها على المجتمع والدولة اجتماعيًا وسياسياواقتصاديا؛ من خلال كلمات بسيطة ومعروفة لدى الجميع هي (الشفافيةوالمصداقية) وقال من خلال تجربته التي عاشها لمدة أربع سنوات في المملكةالمتحدة البريطانية إنه لم ير أثرا للشائعة في المجتمع البريطاني وبحث عنالسر، وبعد التحري اكتشف أن سبب ذلك هو تطبيق الشفافية والمصداقية والموضوعيةفي حياتهم العملية والمؤسساتية.

ومعنا في السلطنة تنتشر الشائعة انتشار الأمراض الفتاكة بل إن سرعة انتشارها أكبر وأوسع وضررها أبلغ وأشنع؛ ومن هنا كان حري بنا عقد المؤتمرات والندوات واللقاءات والمحاضرات والتوعية بما تمثله هذه الشائعات من خطر على الدولة والفرد والمجتمع. وخلال اليومين الماضيين حضرت مؤتمر عمان الثاني للعلاقات العامة وحمل هذه الإشكاليّة وهذا الهم من خلال الربط بالدور الكبير الذي يمكن أن يؤديه الإعلام في التوعية، والحد من انتشار الشائعات فكان المؤتمر يحمل عنوان (الشائعة والإعلام) وخير ما فعلت مؤسسة المستقبل لتنظيم المؤتمرات والدعاية والإعلان من اختيار لهذه القضية الحسّاسة التي باتت تؤرقنا وتؤرق العمل المؤسسي في كافة القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية والمدنية.

وأدلى المحاضرون في المؤتمر بدلوهم حول الشائعة وتعريفها والأضرار التي تؤديها نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا على الفرد والمجتمع، وأرى أنّ الشائعة ستظل منتشرة في أوساط مجتمعنا العماني إذا ما ظلّ الوضع على ما هو عليه الآن حيث نجد انعداما في انسيابية المعلومات من المؤسسات الحكومية والخاصة في الدولة لوسائل الإعلام المختلفة وظلت مبادئ كالشفافية والمصداقية شبه معدومة لدى هذه المؤسسة يرافق ذلك حنق وتصيد أخطاء من قبل العامة وكأنّهم ينتظرون أي هفوة أو سبب لإصدار حكم مسبق على جهة أو مسؤول أو موظف حتى ينشروا شائعاتهم بدون التأكد ولا التمحيص ولا السؤال عمّا شاهده أو لمسه أو في بعض الأحيان سمعه ويعتقد في قرارة نفسه أنه حصل على السبق والتميز والانفراد وبعد مواجهته بالشائعة التي أصدرها وتوضيح الحقيقة بعد التحقق منها لا يجد ناشر الشائعة سوى التبرير غير المقبول والاعتذار بعد فوات الأوان وتلمس العفو من الجهة المسؤولة أو المسؤول أو الموظف الذين أثرت عليهم الشائعة وساهمت في تكبيدهم آثارا سلبية في مختلف جوانب الحياة.

وهذا يعود بنا إلى ضرورة الحفاظ على حقوق الإنسان وضرورة عدم تجريحهم أو النيل من سمعتهم وخصوصيّاتهم تحت أي مبرر أو حجة حيث يظن الكثير ممن يقوم بنشر الشائعة أنّه قام بواجب وطني متجنبا الأضرار التي يمكن تصيب الفرد من أمراض فقد تصيب أحدهم سكتة قلبية أو حالة مرضية مستعصية وكذا بالنسبة للمؤسسات سواء كانت حكومية أو خاصة أو مدنية تعمل فيها الشائعة ما لا يمكن تصوره من خسائر باهظة وتشويه سمعة ربما بذلت المؤسسة من أجلها سنوات وجهد ويأتي شخص "فاضي" ويهدم هذا العمل والجهد في ظرف ثوان من خلال نشر شائعة حاقدة وظالمة، تعمل على إرباك مؤسسة بكامل طاقمها حتى وإن ردت عن نفسها إلا أنّ المجتمع قد وضع في مخيلته وللأسف الشديد صورة نمطية أنّ كل ما تقدمه المؤسسة من رد لهذه الشائعة لا يتجاوز المبررات الكاذبة والخادعة للرأي العام ويصدقون بالطبع من أصدر الشائعة، وتتبقى فئة قليلة عاقلة ومتعلمة وتسعى إلى التثبت من المعلومة وتقيس الموازين بالعقل والحكمة وهي فئة تختفي في كثير من الأحيان وراء الكم الهائل من الذين يروجون للشائعة.

ولمعالجة إشكالية الشائعة وما قد تسببه في المجتمع تكون المسؤولية مشتركة لنا جميعا كأفراد ومؤسسات فعلى مستوى الأفراد يتطلب الأمر التمحيص وتقدير حجم الأضرار التي تؤديها الشائعة وعدم المساهمة في نشرها إلا بعد التأكد من المعلومة وإذا لم يستطع التأكد فعليه ألا يعيد الإرسال حتى لا يكون شريكا في تعميم الجهل على الجميع.

ومن ضمن الحلول لاحظنا خلال الفترة الماضية قيام المؤسسات الحكومية بإنشاء حسابات رسمية كمنصّات على شبكات التواصل الاجتماعي وذلك حتى يكون الرد سريعًا ومن جهة رسميّة وحتى لا تنشر الإشاعة من طرف واحد كما كان حاصل سابقا كما لاحظنا أنّ الجهات القانونية بدأت في محاسبة ومتابعة ناشري الشائعات والأكاذيب لذا رأينا انخفاضا حادا في نشر الشائعة ويتبقى الدور ملموسًا لوسائل الإعلام المختلفة في التوعية للحد من انتشار هذه الآفة ونؤكد على ضرورة نشر المعلومات بشفافية ومصداقية من قبل الجهات المختصة حتى تُقبر الشائعة في مهدها..

ودمتم ودامت عمان بخير.

 Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك