الإعلام سبب الشائعات

 

يوسف البلوشي

 

في مجالسنا التقليدية وتحديدًا عند كبار السن يتداولون بصفة يومية مع ممارساتهم الشائعة تأثير ما قاله فلان وما طرحه فلان وما وصفه فلان.. ويمسك طرف الحديث رجل طاعن في السن فيقول: إننا منذ الأول ومع ضعف وجود قنوات الاتصال والتواصل وفي ظل عدم وجود الهواتف ولا التلفزيونات إلا أنّ الأنباء لم تأت أبدًا كاذبة أو غير صحيحة أو تكون مجرد شائعة.

ويسرد: فاليوم الشائعة تجدها من حولك، وفي أصعب الظروف؛ أحيانا تسمع أن فلانا مات وهو حي يرزق.. ويقول العجوز إنّ السبب في ذلك يعود إلى الإعلام.

أصبح كثير من الناس يقرن رواج الشائعات بالإعلام، وذلك لضعف دوره في درء هذه الشائعات وعدم وجود المتحدث الرسمي عن أي مؤسسة تحوم حولها الشائعات.

ولذا تجد أنّ معظم المؤسسات سواء الحكومية أو من القطاع الخاص تدور حولها الشائعات؛ لاسيّما حول أبرز الشخصيّات.

نحن لن نقف دفاعًا أو نضالا أو استبسالا عن الإعلام، ولكل شخص وجهة نظره ورؤيته؛ حيث إن دخول الإعلام في مهاترات الشائعات والاكتفاء ببيان الحقائق بحسب فنون العمل الصحفي في حد ذاته كافٍ وكفيل بأن يظهر نوايا الآلة الإعلاميّة.

والشائعة لم تكن وليدة اليوم بقدر ما لها من ماض تشرئب منه المجتمعات، وتبحر بوسط مياهه، وتعيش بين جنباته وتنخر أحيانا في أوصاله لدرجة أننا لم نعد ندرك صحة الشيء من عدمه. والشائعة مصدرها الإنسان وضررها على الإنسان؛ ونهى عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم- كما في حديث "بئس مطيّة الرجل".

بالنسبة للسلطنة قد تكون الشائعات موجودة ولكنّها ليست مؤثرة؛ وذلك لأن هنالك عدة جهات تعمل على مكافحتها، ولكن أكثر ما يقلق المجتمعات هي الشائعات المسافرة التي تأتي من الخارج والتي تستهدف مقومات البلدان ويحذر منها الجميع لأنّها تفتك باقتصادات بالبلاد وتؤثر على نتائجها وعطاءاتها.

قبل فترة خرجت نتائج ومعايير وأدوات قياس في عدة قطاعات لها هدف غير معلوم، ولكن يجب الحذر منها فمنها مؤشر انخفاض جودة التعليم الصحي، وأخرى انخفاض في جودة الصحة، وأيضا تدني مؤشر الاقتصاد، وكلها تعتبر شائعات مسافرة لها هدف واضح؛ وهو زعزعة ثقة المواطن العادي في بلاده، وأيضًا في القائمين على هذه القطاعات، وقام عدد كبير من الكتاب وأصحاب الأقلام بتوضيح ذلك ونفي بعضها بحكم إلمامهم بالمعايير ومؤشرات القياس الحقيقية.

ورغم أنّه لم تخرج إلى الآن جهة تتبنى ندوة معينة أو مؤتمرا أو ورشة عمل للتصدي للشائعات وخاصة الشائعات المسافرة؛ إلا أن هناك مبادرات مثل إقامة مؤتمر العلاقات العامة الذي جاء بعنوان الإعلام والشائعة، وهي مبادرة جميلة تضع اليد على الجرح الغائر في التصدي ومعرفة مكامن الأسباب لهذه المشاكل؛ التي دائمًا ما تكون بيئة مناسبة لولادة الشائعات.

usf202@yahoo.com

 

 

تعليق عبر الفيس بوك