مخاطر العلاج بالأعشاب

أسماء القطيبيَّة

مراكز العلاج بالأعشاب الطبيعية، إحدى الأنشطة التجارية التي انتشرت بشكل كبير في السلطنة خلال السنوات القليلة الماضية، وهي تلقى إقبالا كبيرا من قبل الناس، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية تعذر على الطب الحديث علاجها حتى الآن. ولعل قلة الثقة في الخدمات الصحية المقدمة في البلد وقلة جودتها هو الآخر سبب لإقبال الناس على هذه المراكز. خاصة وأنه وبالمقارنة مع العلاج الحديث فإنَّ العلاج بالأعشاب الطبيعية يستغرق مدة أطول من قبل أن يظهر مفعوله العلاجي، عدا المخاطر المحتملة في كون الأعشاب مغشوشة أو منتهية الصلاحية أو محفوظة بطريقة غير ملائمة مما يفقدها فائدتها المرجوة. فعلى الرغم من القوانين التي تشترط الحصول على تراخيص لمزاولة مهنة العلاج بالأعشاب، وتصاريح بيعها، إلا أنَّ الصحف تطالعنا دائما بمخالفات بعض تلك المراكز، وعدم استيفائها الاشتراطات الصحية اللازمة في التعقيم وتخزين الأعشاب. هذا عدا أولئك الذين يعملون في المهنة دون ترخيص. وليست ببعيدة قصة ذلك المعالج الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بقدرته على علاج المستعصي من الأمراض بعد دراسته المزعومة في جامعة غربية، ليُكتشف في النهاية أنه ليس سوى محتال، زور شهادة من جامعة لا تدرس هذا التخصص أصلا، وقد استمر مركزه بالعمل واستقبال افواج الناس الذين توهم بعضهم أنَّ بأعشابه حصل لهم الشفاء، وعاد بعضهم لمزيد من الدواء قبل أن يتم اغلاقه.

كما أنَّه من الملاحظ في مراكز وعيادات العلاج بالأعشاب أن التشخيص غير دقيق كما يجب، فليس لدى هؤلاء ما يكفي من الأجهزة لفحص المراجعين للتأكد من الإلتهابات والأورام والأمراض الباطنية، وإنما يقتصر التشخيص على التشخيص الأولي المتمثل في سؤال المريض عمَّا يعانيه وتحديد موضع الألم ليتم صرف الدواء بمقادير معينة ولفترات زمنية طويلة، وهذا بالطبع قد يؤدي إلى أخطاء كثيرة، وقد يترتب عليه آثار جانبية شديدة الخطورة، خاصة على المسنين بسبب ضعف مناعتهم من جهة، وبسبب عدم التفات المعالج لتاريخهم المرضي من جهة أخرى.

العلاج بالطب النبوي، هذه العبارة التي لا يكاد يخلو منها أي إعلان ترويجي لمراكز العلاج بالأعشاب تجعلني أتساءل أي طب يقصد هؤلاء؟ هل هو الطب النبوي الذي أولفت فيه كتب هي عبارة عن مجموعة أحاديث موضوعة في فضل التداوي بالثوم والعسل وغيرهما؟ أم هو مجرد شعار ترويجي يقصد به إضفاء هالة دينية على عمل مراكز العلاج بالأعشاب لجذب الزبائن؟ فلو سلمنا جدلا أنه كان في زمن النبي يتم التداوي بعلاجات معينة، فهذا لا يجعل من تلك العلاجات بعد ألف واربعمائة سنة علاجات صالحة للأمراض التي يعاني منها الناس في الوقت الحاضر. فنمط العيش، ونوع الطعام والمناخ وغيرها تجعل من كل مريض حالة خاصة تستلزم تشخيصا مناسبا قبل علاجها. والأمر الذي لا بد من ذكره هنا في مسألة الطب النبوي أن النبي كان يتداوى بما تعارف عليه الناس في زمنه وبيئته من الدواء لا أكثر. وعليه فإن "الحجامة الإسلامية" كما كتبت في إعلان أحد أشهر مراكز التداوي بالأعشاب في البلد هي علاج تعارف عليه الناس قبل البعثة النبوية، وجعلها "إسلامية" لا يهدف إلا إلى تحقيق ربح إضافي في جيوب المستفيدين.

لست ضد اللجوء إلى هذه المراكز والعيادات التي تقدم العلاج بالأعشاب، أو العلاج الشعبي كما يطلق عليه أيضا، وإنما أدعو إلى مزيدٍ من التشديد الرقابي على عمل هذه المراكز والعيادات، لكي لا تبقى فرصة لبعض المتحايلين في استغلال الناس لأهداف مادية، وإلى عدم التساهل في تنفيذ العقوبات والغرامات المنصوص عليها في حالة حدوث تجاوزات ومخالفات من قبل العاملين في مراكز العلاج بالأعشاب. كما أدعو إلى مزيد من الوعي المجتمعي حول العلاج بالطب الشعبي، وعدم التعامل إلا مع المصرح لهم بممارسة المهنة، خاصة وأن كثيرًا من الدجالين يزعمون أنهم معالجون بالأعشاب كغطاء على ما يقومون به من أعمال ممنوعة.. مع خالص أمنياتي لكم يا أعزاء بالصحة والعافية الدائمين.

Asmaalqutibi@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك