ملتقى عمان الاقتصادي يستعرض دور السلطنة في الربط بين الشراكة الخليجية الآسيويّة وإبراز فرص الاستثمار الواعدة

خبراء ومختصون يبحثون آفاق التعاون الاقتصادي مع إيران ودور القارة الصفراء

السنيدي: استكمال تصاميم مشروعات تخزين الحبوب والصناعات الغذائية بالسلطنة ودول الخليج

الفطيسي: السلطنة تحتل موقعًا مميزًا على خارطة "طريق الحرير".. وتكامل منظومة النقل يجذب الاستثمار

الجابري: تخصيص 90 كيلومتر مربع في "منطقة الدقم" للمدينة الصناعية الصينية

الحبسي: "الخمسية التاسعة" تستهدف الاستجابة للتحديات عبر 4 تحولات رئيسية و10 مرتكزات

الاسترشاد بالخطط القطاعية لاستشراف مستهدفات التنمية على المدى الطويل

اعتماد منهج "الموازنة الصفرية" للحد من "الأوامر التغييرية" وتفادي ترحيل المخصصات المالية

الرؤية - فايزة الكلبانية

انطلقت أمس أعمال ملتقى عمان الاقتصادي في دورته الخامسة تحت عنوان "عُمان جسر الشراكة الخليجية- الآسيوية"، تحت رعاية معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة.

ويناقش الملتقى آخر تطورات الاقتصاد العماني وفرص الاستثمار والعلاقات الاقتصادية العمانية الآسيوية وسبل تطويرها على مختلف الأصعدة. وتنظم الحدث وزارة التجارة والصناعة ومجموعة الاقتصاد والأعمال، بالتنسيق والتعاون مع صندوق الاحتياطي العام للدولة وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والبنك المركزي العماني وغرفة تجارة وصناعة عمان. ويستعرض الملتقى آفاق الاقتصاد العماني في ظل التراجع الذي شهدته أسعار النفط وآليات التكيف مع الواقع الجديد، علاوة على تسليط الضوء على موقع ودور السلطنة كجسر للشراكة الخليجية الآسيوية، وعرض الفرص الاستثمارية في السلطنة وآفاق الاستثمار مع الجمهورية الاسلامية الإيرانية، وتطور القطاع المصرفي ودوره في تشجيع الاستثمار الأجنبي، فضلا عن أبرز العوامل الجاذبة للاستثمار في السلطنة، وتعزيز ريادة الأعمال من خلال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وعقدت خلال الملتقى 7 جلسات عمل؛ دارت الأولى حول آفاق الاقتصاد العماني عبر استعراض الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني واتجاهات أسعار النفط، والتكيف مع الواقع الجديد، وأبرز ما تحقق في استراتجية التنويع الاقتصادي وأهداف الخطة الخمسية التاسعة. وفي الجلسة الأولى، ألقى معالي الدكتورعلي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط، كلمة أوضح فيها أن السلطنة تفاعلت مع أزمة انخفاض أسعار النفط والإيرادات النفطية وتأقلمت معها، حماية لاقتصادها من هذه التداعيات، واستغلت الفرص لتطوير سياسات ترشيد الإنفاق العام وزيادة فعاليتها، كما أقرت المضي في البرامج الحكومية لتطوير البنى الأساسية وتعزيز قدرة القطاع الخاص على النمو. وأضاف السنيدي أن حكومة السلطنة وبتوجيهات سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ــ أعزه الله ــ تواصل برامجها لاستقطاب الاستثمارات من الدول الشقيقة والصديقة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتوسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد العماني واتخاذ الإجراءات الكفيلة لتطوير بيئة الأعمال والاستثمار وإيجاد الفرص المواتية، إلى جانب إطلاق المشاريع الاستثمارية الكبيرة، والعناية بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال. ودعا معاليه جميع المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء من خلال الملتقى للمشاركة في الاستثمار بقطاعات الخدمات العامة؛ كقطاع الصحة والصرف الصحي وإدارة المخلفات الصلبة، بالإضافة إلى القطاعات الخمسة التي حددتها الخطة الخمسية التاسعة؛ وهي القطاع اللوجستي والصناعات التحويلية والسياحة والتعدين والاستزراع السمكي. وأكد السنيدي أن الحكومة بدأت في اتخاذ مجموعة من الإجراءات لإضفاء المزيد من المرونة والتسهيل على بيئة الأعمال والاستثمار في السلطنة؛ كإطلاق "بوابة استثمر بسهولة" وإنشاء قسم بوزارة التجارة والصناعة يعنى بتقديم المساعدة في سبيل تسهيل وإنهاء إجراءات إقامة المشاريع الاستثمارية التي تزيد تكلفتها على 10 ملايين ريال عماني، علاوة على تدشين نظام النافذة الإلكترونية الواحدة "بيان"، وإنشاء مديرية عامة بوزارة الإسكان متخصصة في تقديم وتسهيل الخدمات لمشاريع التطوير العقاري والسياحي وتعديل مواد قانون استثمار رأس المال الأجنبي.

العلاقات الاستثمارية

وقال معالي الدكتور وزير التجارة والصناعة إن التقديرات تشير إلى أن الأنشطة غير النفطية، حققت نموا قُدِّر بحوالي 4.7% مع نهاية عام 2015، في ظل نسبة تضخم لا تصل إلى 1%، والتي بلا شك تعكس نجاح السياسات الاقتصادية للحكومة نحو التنويع الاقتصادي على الرغم من الضغوط على الموازنة بسبب الانخفاض الحاد في الإيرادات النفطية. وبيّن معاليه أنّه على الرغم من تدني أسعار النفط، فإنّ موارد عُمان الإنسانية والطبيعية والسياحية؛ كفيلة بضمان استمرارية النمو، لاسيما وأنّ البيئة الاستثمارية والفرص المتاحة للاستثمار متعددة وجاذبة في دولة آمنة ومستقرة، كما أنّ انتشار الموانئ يسهل الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للسلطنة. وأكد أنّ السلطنة جزء من المنظومة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، وأنّها جزء من منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتتمتع باتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وأوضح وزير التجارة والصناعة ان من الأمثلة الأخيرة التي تثبت ذلك، العلاقات الاستثمارية والاستراتيجية مع جمهورية الصين الشعبية، والتي نشأت وتطورت لتثمر شراكة استثمارية في إدارة الموانئ، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية المتاحة بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية وخاصة في مجال ربط الموانئ. وأضاف معاليه أن الصندوق الاحتياطي العام للدولة ماضٍ مع مؤسسات يابانية ومستثمرين من دول المجلس لاستكمال التصاميم لمشاريع تخزين الحبوب والصناعات الغذائية في السلطنة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

النقل والاتصالات

من جهته، قال معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات إن السلطنة باتت تتمتع بمستوى عالٍ ومتميز من البنية الأساسية المتمثلة في الموانئ والمطارات وشبكات الطرق والاتصالات. وأضاف- خلال مناقشات الملتقى- أن موانئ السلطنة أصبحت على خارطة مشروع طريق الحرير، وقد دشنت السلطنة مع الصين علاقات استراتيجية في قطاع الموانىء، مشيرا إلى أن هناك 3 مناطق حرة في السلطنة تتمتع بميزات كبيرة؛ وهي صحار والدقم وصلالة وكلها معززة بالموانىء والمطارات، إضافة إلى المناطق الصناعية، فضلا عن المشروع المستقبلي للقطار، حيث يمر مسار القطار في هذه المناطق الحيوية. ودعا الفطيسي المستثمرين للاستفادة من هذه المناطق في إقامة مشاريع استثمارية، مشيرًا إلى إمكانية أن تخدم هذه المناطق الخطوط الملاحية والتجارية مع دول شرق إفريقيا من ناحية، ودول إيران والهند ووشرق ووسط اسيا من ناحية أخرى. وشدد معاليه على أن السلطنة لا تعارض المنافسة الشريفة، لكنها تواصل بعزم تطوير الأهداف والعمل على تحقيقها.

فيما قال معالي سلطان بن سالم الحبسي أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط- في كلمته بالمتقى- إن أهداف ومرتكزات خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016-2020)، تكتسب أهمية خاصة، نظراً لكونها الخطة المكملة للرؤية المستقبلية 2020، وهي تمهد لإعداد الرؤية المستقبلية "عمان 2040". وبين الحبسي أنه من هذا المنطلق كان من الأهمية بمكان عند إعداد الخطة الخمسية التاسعة، إجراء تقييم شامل لخطة التنمية الخمسية الثامنة (2011-2015) والرؤية المستقبلية "عمان 2020"، والاستفادة منهما في إعداد الخطة الخمسية التاسعة (2016-2020). وأوضح معاليه أن من أبرز نتائج هذا التقييم، أن الرؤية المستقبلية "عمان 2020" نجحت في تحديد الأولويات العامة الصحيحة، والتي تمثلت في الاستقرار الاقتصادي المستدام، والتنويع الاقتصادي، وتنمية الموارد البشرية، وتنمية القطاع الخاص. واستعرض معالي الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط أهم مؤشرات الأداء في الخطة الخمسية الثامنة المنتهية في عام 2015؛ إذ يتضح أن الأداء كان جيداً؛ حيث بلغ متوسط معدل النمو نحو 3.5% بالأسعار الثابتة، وهو ما ينسجم مع المعدل المستهدف في "الرؤية المستقبلية 2020" والبالغ 3%، في حين بلغ معدل النمو في اقتصاديات الدول المتقدمة 1.7%، و3.3% في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يشير إلى أن أداء السلطنة كان في حدود المعدلات الدولية.

ارتفاع كبير

وأوضح معالي أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط، أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط ساهم عند بداية الخطة الخمسية الثامنة وحتى منتصف عام 2014 بجانب الزيادة في معدلات إنتاجه، إلى تحقيق انتعاش اقتصادي وتوازن مالي إيجابي. وتابع أنه مكّن الحكومة من اتخاذ عدد من الإجراءات المالية الإضافية في الأعوام الأولى من الخطة، لحل مشكلة الباحثين عن عمل وزيادة التوظيف بالقطاع العام، وزيادة الرواتب والعلاوات والحوافز، بالإضافة إلى إنشاء مشروعات استثمارية جديدة في قطاعات البنية الأساسية والمشروعات الاجتماعية، والتي تم تمويل الالتزامات المالية المترتبة عليها من فوائض الإيرادات النفطية. غير أن الحبسي أشار إلى أن هذه الزيادة في حجم الإنفاق الجاري أحدثت تأثيرا سلبيا على التوازن المالي والاستقرار الاقتصادي في ظل انخفاض أسعار النفط. وأكد الحبسي الحاجة الماسة للعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية من ناحية، ومن ناحية أخرى احتواء التوسع في الانفاق الجاري، من أجل الحفاظ على الاستدامة المالية. وبين أن السلطنة نجحت بشكل عام في تحقيق أهداف الخطة الخمسية الثامنة، وذلك من خلال التوفيق بين زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي مع انخفاض معدل التضخم، والحفاظ على مستوى معيشة المواطن، رغم الانخفاض الكبير في أسعار النفط منذ يونيو 2014 وحتى الآن.

ومضى معاليه قائلا إن إعداد الخطة الخمسية التاسعة يتواكب مع مجموعة من التغيرات الإقليمية والدولية، والتي يأتي في مقدمتها التقلبات الحادة في أسعار النفط، وعدم استقرار الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، ودخول الاقتصاد العالمي في موجة من الركود إثر تراجع معدلات النمو في الاقتصاديات المتقدمة والناشئة على حد سواء؛ وهو ما تطلب أن يكون لهذه الخطة خصوصية في منهجية إعدادها وتحديد أهدافها، بما يمكنها من البناء على ما تم تحقيقه في الخطط السابقة، لضمان إحداث نقلة نوعية وكمية في قطاعات التنويع الاقتصادي، وإنشاء مشاريع إنتاجية مولدة لفرص العمل، وإيجاد مصادر لتعزيز موارد الدولة المالية غير النفطية وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني. وأشار الحبسي إلى أن الخطة تستهدف الاستجابة لهذه التحديات عبر أربع تحولات رئيسية؛ وهي التحول في هيكل الاقتصاد العماني من اقتصاد يعتمد أساسا على مصدر واحد وهو النفط إلى اقتصاد متنوع، وذلك بتوسيع القاعدة الإنتاجية لتشمل القطاعات الواعدة التي تتمتع فيها السلطنة بميزة نسبية كبيرة.

وأوضح أن التحول الثاني يتمثل في محركات النمو، من خلال تمكين الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي من القيام بدور رائد مع تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعمل الحكومة على خلق المناخ الداعم لنمو اقتصاد قادر على المنافسة. وتابع أن التحول الثالث يكون في إدارة المالية العامة لتكون أكثر فاعلية وأكثر انضباطاً، عبر ترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية مع إشراك القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية. وأشار إلى أن التحول الرابع والأخير يتمثل في هيكل سوق العمل، من خلال إحداث نقلة نوعية في تأهيل المواطن العماني وخاصة الشباب، ليقوم بدور رئيسي في التحول من العمل الحكومي إلى العمل الحر المنتج.

تقييم الأداء

وأكد الحبسي أن أهداف ومرتكزات الخطة جاءت نتيجة لتقييم الأداء في الماضي، وما تم تحقيقه في إطار الرؤية المستقبلية "عمان 2020"، والخطة الخمسية الثامنة والتحديات التي برزت من خلال هذا التقييم، إضافة إلى الحوارات التي عقدت مع مختلف الأطراف. وأضاف أنه تم الاسترشاد بالخطط القطاعية التي بذلت فيها الجهات المعنية جهداً كبيراً لاستشراف مستهدفات التنمية على المدى الطويل أي حتى عام 2040، مشيرا إلى "الاستراتيجية اللوجستية 2040" و"استراتيجية قطاع السياحة 2040" و"الاستراتيجية الصحية 2050" و"استراتيجية الثروة السمكية 2040" و"الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040".

وبين معاليه أنه تمّت الاستعانة بالدراسات التي اعدتها المنظمات الدولية ودوائر البحث العالمية، وهي على سبيل المثال لا الحصر: تقرير البنك الدولي حول بيئة الأعمال، والذي قام على أساس مسح ميداني شمل 500 مؤسسة من مؤسسات الأعمال في السلطنة، وتقرير البنك الدولي حول التنويع الاقتصادي، والدراسات الحديثة من جامعة هارفرد حول آفاق التنويع الاقتصادي، وتقرير منظمة التجارة والتنمية بالأمم المتحدة "أونكتاد" حول التنويع الإقتصادي والابتكار في السلطنة. واستعرض معالي الامين العام للمجلس الأعلى للتخطيط، مرتكزات الخطة الخمسية التاسعة، والتي أشار إلى أنها تقوم على 10 مرتكزات وهي استدامة النمو الاقتصادي واستقرار الأوضاع الاقتصادية الكلية والتنويع الاقتصادي وتوسيع القاعدة الإنتاجية وتوفير فرص عمل منتجة ومجزية للمواطنين. وأضاف معاليه أن مرتكزات الخطة تقوم كذلك على تنمية القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار والتركيز على البعد الاجتماعي وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية وتنمية المحافظات وتفعيل وإثراء الحياة الثقافية وتعزيز دور المواطنة والهوية، وتعزيز الاستدامة البيئية ومواجهة المخاطر الطبيعية وأخيرا تطوير الأداء الحكومي.

خطط مستقبلية

وأبرز معاليه - في كلمته- الجوانب المتعلقة بتنفيذ استراتيجية الخطة الخمسية التاسعة، مبينا أنّ هذا الجهد المبذول في إعداد الخطة لا يمكن أن يكتمل إلا من خلال خطة تنفيذية لمختلف الجوانب المستهدفة في الخطة، ويستوجب ذلك وضع آليات فاعلة لتحقيق أهداف هذه الخطة على أرض الواقع. وبين أنّه تم التركيز على وضع استراتيجية للتنفيذ تشتمل على الجوانب التالية: تطوير منهجية التخطيط المتعلقة بالبرنامج الاستثماري للوزارات والجهات الحكومية الأخرى، من خلال اتباع منهج "الموازنة الصفرية" للحد من الاعتمادات الإضافية التي تطرأ أثناء تنفيذ الخطة (الأوامر التغييرية)، وكذلك تفادياً لحجم الاعتمادات التي ترحل من خطة إلى خطة وكذلك عدم اعتماد المخصصات المالية للمشاريع المقترحة إلا بعد استكمال إجراءات ما قبل الإسناد، والتي تتضمن الإجراءات الفنية (التصميم والإشراف) والاجراءات القانونية وأيضا معاملة المشاريع (المستمرة) المُرَحّلة من الخطة الخمسية الثامنة التي لم يتم الالتزام بها وتمثل نحو 25% المشاريع الجديدة، من حيث وجوب استكمال كافة اجراءات ما قبل الإسناد.

ولفت الحبسي إلى أن من بين الجوانب التي تم التركيز عليها في وضع الاستراتيجية؛ عدم اعتماد اية مشاريع جديدة خلال الثلاث سنوات الأولى من الخطة الخمسية التاسعة، بحيث تعطى الأولوية في التنفيذ للمشاريع المرحلة التي بُدء العمل بها خلال الخطة الخمسية الثامنة والتي تمثل نحو 75%، على أن يتم النظر في المشاريع الجديدة التي تقدمت بها الجهات الحكومية بعد مرور ثلاث سنوات من الخطة، وفقاً لمبدأ الخطة الدوارة. وزاد قائلا إنه يستثنى من ذلك المشاريع الملحة ذات الضرورة القصوى للتنفيذ؛ مثل المشاريع التي تخدم التنويع الاقتصادي أو تلك التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة للعمانيين (المشاريع الإنتاجية)، وكذلك إحالة المشاريع ذات الأولوية المجدية اقتصادياً إلى القطاع الخاص لدراسة إمكانية تنفيذها وفقاً لما حدده المجلس الأعلى للتخطيط في هذا الشأن.

استثمارات الدقم

إلى ذلك، قال معالي يحيى بن سعيد الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم- في كلمة له- إن الموقع الجغرافي الذي تتمتع به السلطنة يؤهلها لأن تكون جسرًا بين دول آسيا والشرق الإفريقي والشرق الأوسط ودول الخليج، ومركزًا إقليميًا للخدمات اللوجستية. وأوضح الجابري أن حركة التجارة البحرية العمانية منذ القدم، كانت حلقة الوصل بين حضارتي وادي النيل وما بين النهرين من جهة، وحضارة السند من جهة أخرى، كما إنّ حركة التجارة البحرية التي أسسها العمانيون على مر التاريخ شكلت عصب الحياة الاقتصادية في عمان، بمختلف الأنشطة التجارية في ذلك الوقت كالنقل والتجارة بين تلك الموانئ.

وكشف معاليه أن مباحثات تجري بين هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ومجموعة من رجال الأعمال الصينيين، بهدف تخصيص قطعة أرض كبيرة بالمنطقة بمساحة 900 هكتار (90 كيلومتر مربع) لتطويرها والتسويق لها، تضم جميع الصناعات الخفيفة والمتوسطة وتكون كحق امتياز لمجموعة صينية تدعمها الحكومة الصينية.

وأضاف معاليه أنّ رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- للميزات الاستراتيجية التي يتمتع بها الموقع الجغرافي للدقم تتمثل في وفرة المواد الخام المعدنية ووفرة المخزون السمكي والقرب من مناطق النفط والغاز والتنوع الطبيعي، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي يتوسط شواطئ السلطنة بمواجهة بحر العرب المفتوح خارج نطاق القيود الجغرافية والجيوسياسية وعلى مسافة قريبة من ممرات ملاحية عابرة للمحيط الهندي تتسم بالأهمية التجارية على المستويين الإقليمي والعالمي. وأشار إلى أن هذه الممرات تشكل شريانًا تجاريًا لنقل المنتجات الصناعية والمواد الخام والمواد الهيدروكربونية بين دول جنوب شرق آسيا وشرق القارة الأفريقية، مرورًا بمنطقة الشرق الأوسط ووصولا إلى الدول الأوروبية المطلة على البحر المتوسط. وأكد معاليه أنّ مشروع تطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم يسير وفقًا لما هو مخطط له، وستكون سنوات الخطة الخمسية التاسعة (2016-2020) بمثابة عنوان لانتهاء كافة مشاريع البنية الأساسية بالمنطقة، بغية استكمال مسيرة التنويع الاقتصادي، ودخول العديد من المشاريع الاستراتيجية مراحل التشغيل.

دعم القطاع الخاص

وأكد الجابري التزام الهيئة بدعم جهود القطاع الخاص وتمكينه من توظيف الفرص الاستثمارية المتاحة من خلال مختلف الأدوات الاستثمارية التي يطرحها على الهيئة.

وأشار معاليه إلى استكمال تنفيذ مشروع تطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم والذي يضم عددًا من القطاعات التي من شأنها أن تساهم في التنويع الاقتصادي وتعزز جهود باقي المؤسسات بالدولة للنهوض بقطاعات اقتصادية أخرى مشيرًا إلى أنّ المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تضم ميناء تجاريا وحوضا جافا ومنطقة صناعات بتروكيماوية وثقيلة ومتوسطة وخفيفة، بجانب ميناء للصيد البحري، ومجمعا للصناعات السمكية، ومنطقة الخدمات اللوجستية، ومنطقة تخزين النفط الخام في رأس مركز، والمنطقة السياحية والمنتجعات، ومطار الدقم، ومركز الأعمال التجارية، والمنطقة الاقتصادية.

وفي الأثناء، شهدت الجلسة الافتتاحية كلمات رئيسية ألقاها معالي المهندس محمد رضا نعمت زاده وزير التجارة والصناعة والمناجم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسعادة تشيان كه مينغ نائب وزير التجارة بجمهورية الصين، وسعادة ميكي يامادا نائبة الوزير للشؤون الخارجية باليابان.

تعليق عبر الفيس بوك