غرف المعاينة

مُحمَّد رضا اللواتي

بداية.. ينبغي تقديم الشكر لوزارة الصحة على ما تقوم به من خطوات جادة لأجل تطوير المنشآت الصحية، وتوفير الخدمات التي تتوافق مع ما تشهده السلطنة من تطوُّر حضاري، وما يتَّسق مع طموح المواطن العماني، كما أنَّ سعيها لأجل مراقبة نشاط المستشفيات والعيادات الخاصة لأجل التأكد من نمط الخدمات التي تقدمها وجودتها، وتوافق منشآتها مع ما تشترطه قواعد تقديم الخدمات الصحية عالميا، ينبغي أن يكون محلَّ تقدير كبير، ونرجو أن تُكلَّل جهودها بالتوفيق لما فيه مصلحة هذا الوطن العزيز.

إذ ليس من شك أنَّ "الأمن" و"الصحة" و"الإسكان" و"التعليم" الأعمدة الأربعة التي يرتفع فوقها الثقل الحضاري المتمثل في أولى أشكاله براحة المواطن واستفادته المُثلى من خيرات أرضه، وما يُؤسف له، وفق جمع كبير من المحللين والمتابعين العمانيين، أن حركة "تطوير خدمات مساري التعليم والإسكان" لا تزال بعيدة -وبعيدة جدا- عما يُريده المواطن ويتمناه، بل -والعُهدة على أولئك المحللين- لا يزال الوضع الإسكاني بعيدا حتى من رفع معاناة المواطن وتعبه في هذا المجال.

ولنعُد إلى ما كُنا فيه، جاءت فكرة غُرف المعاينة ما قبل الدخول إلى طوارئ المشفى لأجل تقييم الحالات ومعرفة مدى شدة احتياجها إلى العناية الفورية من غيرها التي قد لا تكون بتلك الشدة من الاستعجال، فضلا عن التي لا تحتاج، ربما، أساسا إلى عناية خاصة، ويمكن توجيهها إلى المراكز الصحية. إلا أن اللافت في هذه الغُرف النقاط التالية التي تم رصدها في كل من المستشفى السلطاني ومستشفى النهضة:

1- صغر حجم غرفة المعاينة، وقلة عدد الكادر المتوفر فيها؛ الأمر الذي يؤدي إلى طول الطوابير التي تتنظر دورها لأجل المعاينة. ومن المعلوم أنه ما لم تتم المعاينة لن يتم تشخيص مدى خطورة الحالة، وسوف يظل المريض في انتظار دوره مهما كانت شدة حالته.

2- الأعجب من هذا، أنه وفي حالة وجود مريض لا يستطيع الانتظار من شدة ما يعانيه من آلام -وقد رصدت هذه الحالة شخصيًّا- يُقال له من قبل موظفات غرفة المعاينة، أن يظل ينتظر حتى يأتي دوره، في حين أن ألم الحصاة التي في كليته مثلا، أو حتى ألم الصدر الذي يعاني منه، جد لا يُطاق، لكنه لا يتلقى أدنى اهتمام إلى أن يأتي دوره، في حين أن الذين يسبقونه في الدور، ربما يعانون من السعال والبرد والحمى!

3- بعد المعاينة، قد يُطلب من المريض، وإن كان يعاني من ألم الصدر، أو ارتفاع في ضغط الدم، أن يظل في الانتظار خارجا لأن الأسرة كلها في صالة الطوارئ مشغولة بالمرضى! ونتساءل: هل على المريض حينها أن ينتظر حتى تتمكن منه الذبحة الصدرية مثلا؟! صحيح أن الأسرة كلها مشغولة ولكن لا بد من إيجاد حل لهذه الحالة ومثيلاتها. ليس من المعقول أو المقبول بتاتا الطلب من المريض بما يعانيه من شديد الألم أن يظل في الانتظار لحين أن يأتي دوره! وإلا، فهل من المنطقي أن يسبقه المصاب بالحُمى مثلا في تلقي العلاج لكونه قد سبقه زمنا في القدوم، في حين أن كليته تتفطر من الألم لوجود حصاة فيها مثلا؟!

4- لم لا تُصبح غُرف المعاينة مزودة بطبيب أو أكثر لتقديم علاج فوري لحالات نزلات البرد وصرفها عن أن تتجه إلى صالة الطوارئ، والعمل الفوري واللازم تجاه الحالات الصعبة التي يشتكي المريض منها بحدة وعم جعله بآلامه في طوابير الانتظار طويلا حتى لا يفتك به المرض أكثر؟ وبعبارة أخرى: ما المانع من أن تتحول غُرف المعاينة إلى غرف للعلاج الممكن تقديمه خارج صالة الطوارئ، والتصرف الفوري تجاه الحالات الصعبة وبالغة الخطورة؟ في الواقع، توجد لائحة أمام المرضى تحدد أنماط الحالات وكيفية تصنيفها والوقت المتوقع لمعالجتها، إلا أنه، عمليا، لا يكون هنالك تطبيق حقيقي لها بالنظر إلى الملاحظة التي أوردناها الآن.

5- لقد كان فتح قسم القلب مستقلا عن المشفى وبمبناه الخاص به من إنجازات الوزارة حقيقة، والتي ينبغي أن تُشكر عليها، فهل بالإمكان دراسة نقل الطوارئ المختص بحالات آلام الصدر والقلب مباشرة إلى المبنى الجديد للقلب؟ يمتاز المبنى الجديد بصالة ضخمة جدًّا تبدو وكأنها بهو فندق كبير -الغريب أن المهندس نسي تخصيص جزء بسيط منه لغرفة للصلاة- أليس بالإمكان توظيف جانب منه بالنحو الذي يستطيع استقبال حالات طوارئ القلب؟ لا شك سيجعل هذا المقترح إن كان قابلا للدراسة وفق مبدأ "لكل مشكلة حل" الشواغر في صالة الطوارئ الرئيسية أكثر، والضغط هنالك أقل، ومكان مريض القلب من موقع العلاج الرئيسي لمشكلته أقرب.

... تأتي الملاحظات أعلاه لأجل دعم خطوات الوزارة في تطوير عملها ليس إلا، واتساقا مع ما تقوم به مشكورة من جهد الارتقاء بخدماتها.. وختاما، نرجو للجهود المخلصة بالنجاح، وسعي خدماتنا نحو حياة أفضل.

تعليق عبر الفيس بوك