الكرة الإيطالية: مسلسل احتضار مستمر

حسين الغافري

عاشت الكرة الإيطالية فترات صعبة في العقد الأخير خصوصاً بعد الأزمة المالية التي عصفت باقتصادات العالم قبل وبعد عام 2008م وأثقلت بشكل كبير جداً الحضور المعتاد للكرة الإيطاليّة في المنافسات المحلية والأوروبية. ولعلّ غياب القوة المالية المحرك الأبرز والرئيسي في عالم الرياضة كانت له ضريبته الكبرى التي جعلت من أسراب النجوم التي كان يعج بها الدوري الإيطالي تُهاجر إلى شواطئ ومدن أخرى. ما يُظّهر نواتج وملامح الأزمة لكل هذه الأحداث هو المستوى المخيف وغير المسبوق في مسلسل الحضور الإيطالي في الدوريات الأوروبية كدوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي خصوصاً مع وصولنا إلى دور الثمانية في البطولتين وغياب تام لأي ممثل إيطالي.

مع كل هذا حضر يوفنتوس كآخر فرسان إيطاليا في دوري أبطال أوروبا وأكثرهم ثقل فني وأداء متصاعد يستحق الإشادة حتى بعد خروجه في الجولة الاقصائية الماضية على يد بايرن ميونخ وتقديمه وجها مشرفا للكرة الإيطاليّة غاب عن بقية المشاركات في الأعوام الماضية. يوفنتوس خرج من الباب الواسع وأحرج بشكل كبير بايرن ميونخ على أرضه وبين جمهوره وكان قريب من المرور، وقدم مباراة فنيّة بدرجة ممتازة تمكن فيها من خنق المضيف. يوفنتوس وحتى آخر اللحظات كان قريب جداً من التأهل لولا الهدف المتأخر الذي أحرزه مولر وقلب المباراة لصالح الألمان وأضعف القدرة الذهنية والبدنية التي بدأ بها. ومع هذا، لا يُمكن إخفاء القدرة الفنية التي تمتع بها عناصر بايرن ميونخ وعودتهم بالنتيجة. واليوم مع خروج يوفنتوس من البطولة الأوروبية الأعرق يكتمل النصاب بمغادرة مبكرة لفرسان الدوري الإيطالي بعد خروج روما على يد ريال مدريد الإسباني وقبلهما نابولي على يد بلباو الإسباني في الأدوار التمهيدية.

على صعيد الدوري الأوروبي فالحال مماثل أيضاً بخروج لاتسيو بنتيجة كبيرة على يد سبارتا براغ التشيكي بثلاثية بيضاء من ملعب الأولمبيكو بروما، وكان فيورنتينا قد سبق لاتسيو بخروجه من دور الـ32 على يد توتنهام الإنكليزي الذي أقصاه بروسيا دورتموند.

مع كل ذلك فلا تبدو الرؤية واضحة المعالم في رؤية شكل مغاير للأندية الإيطالية في المنافسات الأوروبية خلال العام المقبل. مرحلة التشاؤم طاغية وسوداوية والأسباب متعددة وأبرزها: الغياب المالي، والتداول السوقي في استقطاب نجوم اللعبة -كما كانت عليه في سالف الزمن الجميل للكرة الإيطالية-. ما يضاعف الأزمة أيضاً، هو استمرار خسارة النقاط في التقييم الأوروبي لأفضل أندية أوروبا وهو ما كلف إيطاليا مقعد لصالح ألمانيا في بطولة دوري أبطال أوروبا قبل أعوام قليلة، ومع هذا فإن استمرار غياب الأندية الإيطالية في الأدوار المتقدمة سيعزز فقدان مقعد آخر لربما خصوصاً إذا ما علمنا تواجد ثلاثة أندية ألمانية في دور الثمانية للبطولتين وتصاعد الترتيب لدوريات أخرى. ختاماً، مع كل دوامة الضبابية في الدوري الإيطالي إلا أنّ الحلم بعودة جنة كرة القدم إلى صدارة أندية العالم لازال لم يمت. الأزمة ماهي إلا مرحلة سبات قد نرى فيها عودة الحياة والنجوم الكروية إلى الدوري الإيطالي ولن يتم ذلك في المرحلة القادمة إلا بضخ الاستثمارات الأجنبية في السوق الكروية وهو ما بدأ به إنتر وروما وكان قد أوجد نجاحه في نادي باريس سان جيرمان وموناكو بفرنسا ومانشستر سيتي وتشيلسي في إنكلترا.

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك