أنا امرأة.. ولست رجلا!

زينب الغريبيُّة

حين يأتي يوم المرأة أو ذكر حقوق المرأة في أي مكان، تتكاثر الأحاديث عن حقوق المرأة من باب مساواتها بالرجل في الحقوق والأعمال والدور المجتمعي، وتكثُر العروض من فيديوهات ورسائل تظهر دور المرأة كأم ومربية ومساهمة في المجتمع، وتتعالى أصوات النساء في الدفاع عن أنفسهن كإنسان وصاحبات أدوار في المجتمع، ويظهر الرجال الداعمون للمرأة يواسون النساء ويصطفون إلى جانبهن كرجال منفتحين مقدرين دور المرأة ليحظوا بالرضا والقبول منهن. دائما ما أستغرب من كل هذه المشاهد المتكررة، وكأنَّ العالم يتوقف عند هذه القضية فلا تتطور.

حقيقة ما يزيد استغرابي من هذا الموضع، وكأن النساء يشعرن بأنهن خُلقن عبثا بلا فائدة منهن في هذه الحياة إن لم يشاركن الرجل في أدواره، ويبدو أنَّ هذا المأزق ما وضعه العالم الخارجي لنا، فلابد من مساواة المرأة بالرجل في الأدوار والواجبات، فكما خلق الرجل خلقت المرأة، وخلق النبات والحيوان ووُجِد الجماد، كل هذه الأشياء وغيرها خلقها الله لسير الحياة على وجه الأرض وتطورها، فلو فقدت إحدى هذه الحلقات لاختل التوازن في الحياة، وبطبيعة الحال كان لابد أن يكون لكل منها دوره الذي يكمل الدور الآخر حتى تكتمل الصورة، ولو كانت الأدوار والمهمات متشابهة في معطياتها، فسيظهر النقص ويحدث الخلل بالتالي؛ لذا وجب الاختلاف وهذا هو الطبيعي.

وإنطلاقا من هذا الاختلاف، اختلفت الأدوار بين الرجل المرأة في المسؤوليات والحقوق، والمهمات التي يقوم بها كل منهما، ولكنَّ المساواة بينهما تكمُن في أن يؤدي كل منهما دوره ويحصل على حقه في المقابل، الحمل والولادة والعناية بالطفل وعمل المنزل من طبخ ونظافة وتنظيم مدخلات المنزل ومخرجاته، بالفطرة هي مهمة المرأة، وبحب منها تؤديها وهي واجباتها الأساسية في الحياة حسب الطبيعة التي خلقها الله تعالى عليها، فلا يمكن أن ننكرها ونحن "لا نشعر بالخجل" منها، ولكن حينما اختلطت المفاهيم وأصبحنا نرى أن العمل في المنزل لا يعد بأهمية عمل الرجل من أجل تلك الأسرة، وأن دور المرأة في المجتمع يكون بخروجها للعمل خارج المنزل لخدمة المجتمع، ومزاحمة الرجل في كل الأعمال حتى وإن كانت لا تليق بالمرأة من باب طبيعتها وقدرة تحملها التي خلقت عليها، وحشمتها المطلوبة كالأعمال العسكرية، عندها المطالبة بالمساواة اختلت وأصبحت من أجل مساواة المرأة بالرجل في تعميم النساء على جميع أصعدة وقطاعات العمل وإلا فلا توجد هناك مساواة، هل تكون المرأة قاضيا وهي لا تستطيع أن ترى طفلا مقتولا؟ أو أن تطلق الرصاص على مجرم؟ أتحكم شعبا وهي تموت وتحيا وتدخل في حالة نفسية لو رأت رقم امرأة أخرى في هاتف زوجها، وتطلب الطلاق من أبسط موضوع يحدث بينها وبين زوجها لولا أن العصمة بيده.

هنا.. أنا لا أنتقص من المرأة، فأنا منهن حتى لا يؤخذ عليَّ هذا، ولكني أوضح طبيعة المرأة التي خُلقت عليها والتي قد لا تُمكِّنها من القيام ببعض الأعمال، وحتى لا يعتبر دور المرأة في منزلها انتقاصا من المرأة نفسها والبحث عن واجباتها وحقوقها خارج المنزل، بالطبع لست ضد عمل المرأة فأنا عاملة، ولكن مع ما يليق بالمرأة من عمل، وعلى أن لا يعطل مهمتها الأولى وهي واجباتها في المنزل، حتى وإن وجدت الخادمات فمهمة التوجيه والرقابة تظل مهمتها، والرجل لا يستطيع القيام بدور المرأة في المنزل على أية حال؛ فطبيعته التي خلق عليها لا تمكنه من ذلك فلا يملك قوة صبر المرأة ولا حجم العاطفة التي تحملها فتدفعها للعناية بالأطفال والزوج بلا تأفُّف ولا تعب، وتسهر الليالي وتقوم من الصباح الباكر لتكملة مهمتها، الرجل لا يستطيع القيام بذلك، ولكنه لا يشعر بالنقص من عدم امتلاكه تلك القدرات، فعدم شعوره بهذا النقص أدى إلى احترام الآخرين لدوره، وهذا ما أريد التوصل إليه.. فمتى ما احترمت المرأة مهمتها وآمنت بها واعتبرت حقها وواجبها منطلقا من مهمتها الأساسية التي تؤهلها الطبيعة لها، وصلت إلى مستوى القناعة الذي يحقق لها الرضا.

فلا تستطيع المرأة -وإن تحدثنا عن أنفسنا في مجتماعتنا المسلمة- أن تكون بلا زواج -ولا الرجل أيضا- فهذه سنة الحياة، ورباطها المقدس هذا هو حلم يراودها منذ صغرها حين تحمل الدمية وتعتني بها، وبعد الزواج يأتي موضوع الحمل والولادة ولو لم يحدث لصرفت المرأة -وكذلك الرجل- كل ما تملك من أجل العلاج لأجل الحصول على طفل تقوم بالاعتناء به والسهر عليه والتعب من أجله دون أن تشعر بانها تتعب، فهي تقدمه على محبة منها ورضا، فلما تنكر على نفسها حين تحصل على هذا كله بأنها لم تحصل على شيء من حقوقها. وحقيقة النساء اليوم في مجتمعنا العماني تقف في البيوت حاملة مسؤولية البيت والأولاد والمنزل، وكثير من شبابنا يعملون في العسكرية يرتحلون من مكان لآخر، غير من يعملون في المدن أو العاصمة تاركين جل مسؤولية المنازل والأولاد على عاتق النساء، ومنهن العاملات خارج المنزل، وتقف المرأة حاملة تلك المسؤوليات، وكثير من الرجال يقدرون لهن ما يقمن به، فبذلك تقوم المرأة بدورها مع الرجل في المجتمع إن لم يكن أكثر من دورها، وتجد حقوقها في منزلها وخارجه، بل وتجد من المساواة في الكرامة العدالة ما يناسبها.

فلا نحتاج يومًا لنا كي نبحث فيه عن حقوقنا؛ فلدينا منها الكثير حسب أدوارنا التي خُلقنا من أجلها، ونجد أنفسنا في دورنا الطبيعي متساوين مع الرجل في دوره الطبيعي، فلم يسلبنا أحد أدوارنا التي خُلقنا من أجلها، ولنكف عن سلب الآخرين أدوارهم، لنحقق الرضا لأنفسنا بذلك.

zainab_algharibi@yahoo.com

تعليق عبر الفيس بوك