بين "التبُّولة" والحلوى العُمانيَّة

حُمود الطوقي

مدينتان بَذَرهما الإغريق على سواحل لبنان والسلطنة.. مدينتان حَمَلتا التاريخ البحري امتداداً حتى الساعة في المكانين.. مدينتان لهما تاريخ خاص في الذاكرة البحرية، ولم تقفا عند حدِّ البحر، ولم يتوقف الحضور عند هذه النقطة، وإن كانت موغلة في القدم.

هذه الصِّلة من الوجهات المختلفة تصبُّ في صالح البلدين، أستحضر وأنا أسطِّر حروفَ هذا المقال لقائي بالراحل رفيق الحريري، الذي تحدَّث عن أهمية عُمان كبلدٍ آمن، يُمكن أن يكون مَوْطِئ قدم للبنانيين، هذه الزيارة قام بها الراحل رفيق الحريري في مرحلة سابقة، وفتحتْ مسارَ عبور اللبنانيين نحو السلطنة من دون تأشيرات، جاءت بعدها زيارة ابنه سعد الحريري لتفتح بابا لهذا التدفق، ولكن من وجهة نوعية -وهي المتصلة بتحقيق شراكات وتكاملات في الجوانب الاقتصادية- وهذا ما أكَّدته زيارة سابقة قام بها وفدٌ يُمثل غرفة تجارة وصناعة عُمان إلى بيروت، أكَّد الطرفان استعدادهما لإنبات شجرة اقتصاد متبادلة، ولكن في حينها.

الآن، وبرعاية من غرفة تجارة وصناعة عمان، يجيء الوفد اللبناني المكوَّن من كبار التجار، يحملون الرغبة لتحقيق ما لم يتحقَّق طوال العقود الثلاثة الماضية ليلتقي بنظيره العُماني، على أرض السلطنة؛ فالغرفة تُدرك معنى عمل هذا النوع من التلاقي، وتُدرك حَجْم المسؤولية الملقاة على عاتق المستقبل؛ اللقاء كان مثمرا، والطرفان قَبِلا بهذا النوع من اللقاءات، بما يُحقِّق الصيغة المثلى للتعاون الثنائي.

أكثر من 150 ماركة تجارية مُسجَّلة باسم اللبنانيين، وهي مُنتشرة في عواصم عالمية مُختلفة؛ لهذا فهي تحظى بانتشار واسع، فضلا عن تميُّزها بالجودة والعروبة والهُوية العربية؛ هم -أي اللبنانيين- لديهم الرغبة في إدخال هذه الماركات إلى الجغرافيا العُمانية؛ من قبيل: التصنيع والمطاعم والأقمشة والملابس والأناقة والتجميل والصناعات الجلدية والتدريب والتدريس...وغيرها.

سعادة سعيد بن صالح الكيومي رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان وجدها فرصة سانحة كي يدعم رواد ورائدات الأعمال؛ من خلال عقد شراكات انتفاعية مع التجار اللبنانيين، تتيح للطرفين تبادل السلع بينهما؛ مما سيساعد في تعزيز التقارب التجاري والاقتصادي والاستثماري بينهما.

بات من الضروري التفكير في كون وجود اللبنانيين ليس مجرد رغبة في التبادل التجاري، بل هناك منظور آخر غير مرئي، وهو تكثيف مستوى التعلم، والاستفادة من التجارب، وكسب الخبرات من جانب العُمانيين على وجه الخصوص، بما سينعكس مستقبليًّا على الأداء العُماني في صنع الاقتصاد المحلي.

يُصبح ضروريا هُنا الحديث عن التكتلات الاقتصادية العربية، في مقابل التكتلات الأجنبية والعالمية، والسبب هو أنَّ الاقتصاد لا يقل أهمية عن السياسة، إن لم يكن أهم؛ لذلك يُمكن ملاحظة أنَّ التكتلات تلقى ترحيبا بين مواطني الدول العربية، وقد نجح بعضها.

... معروف عن اللبنانيين براعتهم في التجارة والقدرة على "جرّ رجل المشتري" نحو السلعة على اختلاف أنواعها، وهذا يُمكن أن يحصل من باب "الاستفادة والإفادة"، وهذه لغة يُتقنها اللبنانيون تجاريًّا، ويعي طُرقها المستقبلية العُمانيون.

تعليق عبر الفيس بوك