"أخوي أخذه الوادي"..!

يوسف البلوشي

"أخوي أخذه الوادي.. أخوي أخذه الوادي"، كانت ترددها وهي تُهرول، والدموع تملأ مآقيها، باحثةً عن حُضنٍ رؤوم ويدٍ حانية تمسح عنها الدمع وتهدئ عنها الرَّوع، فارتمت بأحضان أمها التي -ولأول مرة- لم تستطع مبادلة خوفها اطمئنانا، فمن هول الصدمة زُرِفت الدموع نحيبًا واعتصرت الفؤاد غُصةٌ أرهقت القوى، فخارت الأقدام، لتسقط الأم على الأرض فاقدة وعيها.

بكاءٌ هنا وهناك.. حالة طوارئ من الدرجة (ج) في كافة أرجاء البيت.. وبين ذهول وعويل ترتسم ملامح المشهد في واحدة من قرى عُماننا الحبيبة، خلال فترة تأثر أجواء مناخنا بمرور أخدودٍ منخفض "الهمايل".

البعضُ قد يقول إنَّ "تراجيدية" المشهد السابق -بلا شك- لا ترفَع الحرج عن أهالي الطفل الذين لم يُعيروا اهتماما للتحذيرات المتوالية والتنبيهات المتعددة الصادرة عن المركز الوطني للإنذار المبكر والهيئة العامة للأرصاد الجوية، وأنهم لم يكونوا على قدر الحدث، بدليل أنهم أطلقوا أطفالهم في الشارع في وقت الازمة فحدث ما حدث، مُعليين ذلك بأنَّ الأضرار التي قد تنجم عن منخفضات الأخاديد وتدهور الحالة الجوية عمومًا هي جزء من الكوارث التي تحدث في أيٍّ من دول العالم، وأنها ليست مقتصرة على السلطنة فحسب.

أتفق مع هذا الرأي قطعا، بل وأزيد بأن جهودًا مقدرة ومشكورة بذلتها كل الجهات المعنية للخروج بأقل أقل الخسائر جراء المنخفض، سواءً من هيئة الأرصاد أو شرطة عُمان السلطانية بكافة تشكيلاتها أو الدفاع المدني كلٌّ في مجاله، إلا أن هذا في الوقت ذاته لا يرفع الحرج كذلك عن بعض الجهات التي ما زالت لم تتعامل بجدية مع معضلة الأودية والخيران المنتشرة بكثرة على امتداد هذا الوطن الغالي، والتي مع كل أخدود تمتلأ عن آخرها وتتساقط على أثرها صخور الجبال المحيطة ببعضها فتُهلك هذا وتجرف ذاك.

لم أتقصد بتلك الكلمات انتقاصا من أحد، ولكن كُلَّها محاولات من باب تكاتف الجهود لأجل الحفاظ على أرواح أبناء هذا الوطن الغالي، سيما وأننا ومع تكرار تأثر أجوائنا المناخية -على مدار الفترات الماضية- نسمع أنباءً عن حالات وفاة هنا وهناك، في مؤشر على عدم مبالاة البعض (على عكس مما يجب أن تُوْجِده من خلق حالة متقدمة في الوعي للتعامل معها بشكل أفضل يحد من الخسائر) بما يُبث هنا وهناك من تحذيرات، وما يُسفر عنه ذلك من احتجازات في أودية وحالات جرف مركبات، تخلف وراءها حالات تدمع لها العيون وتعتصر لها القلوب.

إنَّنا اليوم أصبحنا بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى قانون أو إجراءات صارمة؛ تحفظ على عُمان أرواح أبنائها؛ بغض النظر عن أماكن مرور تلك الأودية ومساراتها.

Usf202@yahoo.com

تعليق عبر الفيس بوك