رسائل لم يحملها البريد

فايزة الكلبانية

 رسالة أولى

هناك كثير من الهواجس والوساوس والمخاوف والأفكار التي تتردد على أذهاننا، فالفتاة تظن أنّها لن تتزوج، والمرأة تظن أنّها لن تنجب، والشاب يظن أنه سيواجه الفقر والبطالة، والعجوز يظن أنّه سيواجه الأمراض، والطالب يظن أنّه لن ينجح، ولكن كل هذه الظنون قد تكون من صنع الشيطان وهواجسه لنا، فلنحسن الظن والثقة بالله ونتوكل عليه، ولابد من أن القادم أجمل وأجمل كما يقال بأن البعض يرحل إذا أحتجت إليه، والبعض يرحل إذا انتهى من حاجته، والبعض يرحل عندما يجد بديلاً عنك والبعض يرحل: ليكمل حياته بدونك، والبعض يرحل إذا علم ألا مكانة له في قلبك، ويبقى أنّ كل طرق الرحيل موجعة.

رسالة ثانية

كثيرا ما تمر بكل إنسان لحظات يشعر فيها برغبته في "الاختلاء والعزلة" مع نفسه، بعيدًا عن صخب حياته المعتادة، قد تكون حالة نفسية يمر بها البعض منا ممن تكون حياتهم اليومية مزدحمة بجدول من الأعمال والالتزامات العملية والاجتماعية والإنسانية والشخصية تارة أخرى، وفجأة يختفي عن الأنظار، وإن كان موجودا بين الناس حوله قد تنتابه حالة من الهدوء والصمت وسط ارتفاع الأصوات والنقاشات والمشادات من الناس الموجودين حوله، إلا أنّه اليوم لا نشعر بوجوده، فيفتقده البعض، وقد يفسر البعض الآخر هذه الحالة تفسيرًا بعيدًا عن الواقع كنوع من "الكبرياء والغرور"، أمّا البعض الآخر فقد يتفهمون الوضع ممن اعتادوا على المرور بمثل هذه الحالة مع أنفسهم، ويوقنون بأنّ فلانا في حاجة للابتعاد والعزلة مع نفسه قليلا لإعادة ترتيب أوضاع حياته اليومية، واتخاذ قرارات حاسمة في البعض منها بتروٍ، ومحاسبة نفسه على البعض من الأخطاء أو الهفوات التي ارتكبها في بعض من قراراته ليعيد النظر فيها قبل فوات الأوان، وليجدد من مخططاته وأفكاره المستقبلية، بحيث تكون "فترة نقاهة" فالمسافات التي نبقيها بيننا وبين بعض البشر حولنا لا تعني الغرور إنّما يراد منها الإصلاح والتعديل والتجديد مع النفس ومن ثمّ يعود لمتابعة برنامج حياته اليومية كالمعتاد.

رسالة ثالثة

"الذكريات" غالبا لابد لنا بين الحين والآخر بأن نعود إلى صفحات الماضي المتربعة في ذاكرتنا، ذكريات أحببناها بكل تفاصيلها، وأخرى نتمنى أن نمحيها من ذاكرتنا لأنّها كثيرًا ما تؤلمنا كلما مرت عبر بوابه القلب، ولذا نجد البعض حريصا على تدوين مواقف حياته وتجاربه مع مرور مراحله حياته العمرية باختلاف تأثيرها الزماني والمكاني والشخوص سواء هنا أو هناك، تجارب منفردة ومميزة بحنينها بجنونها وتفاصيلها، فرائحة الذكرى تلتصق بكل الأشياء، بكل مكان، بكل الأشخاص، لا نسيان يجدي عنها ولا تنسى، البعض يرحل والبعض ما زال باقيًا والبعض ممن ودعناهم لحياة أبدية ولكنهم كانوا أجمل من مرّ عبر بوابة القلب يوما، وتارة يكون البعض أقسى وأوجع من مروا عبر البوابة ذاتها.

رسالة رابعة

تسير الأمور أحيانًا كثيرة بعكس ما نشتهي أو نتوقع، فتسود الدنيا أمام عيوننا ونغضب ونثور وندعي أننا سيئو الحظ أو " منحوسون"، وقد يتطور الوضع إلى الأسوأ فنرتكب أفعالا طائشة نتمنى لو أنها لم تحدث ويعود الزمن إلى الوراء، لننظر للأمور بمنظار" الآن"، فكم من قلوب تحطمت، وكم من أعين بكت، وكم من عزيز فُقد بسبب لحظة غضب قد تظل نتائجها مخيمةً على حياتنا أبد الدهر. أيقنت يومًا ما بأنّ الغضب شعور يزورنا بدون استئذان مستفزا كل حواسنا، وأحيانا يلغيها، ومن هنا تختلف طرق التحكم في الغضب لدى الناس، فأعظم الناس من يواجه جبروت غضبه بابتسامة فعلا.

همسة من بريدي،

أيّها الراحلون،،

السماء بلاد، لمن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.. وبريد الأمنيات، سيمطر ولو بعد حين مثلما تمطر اليوم أملا، وحبًا، وحياة..

لا تسمحوا لأحد أن يأخذ الأولوية في حياتكم عندما تكونون خيارًا ثانويًا في حياتهم.

 faiza@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك