وأصبح للطفل العماني.. مجلة

حقيبة ورق

حمود بن علي الطوقي

بعودة زمنية نحو الوراء، سأجد نفسي أنني قبل 30 عامًا حصلت على أول بطاقة صحفية، كانت اعترافا من مجلة (ماجد) بأنني مراسل، قمتُ - وقتها - بتغطية الأخبار المدرسية وبعض الأحداث ذات الصلة بالمدارس والمكان في ولاية إبراء من محافظة شمال الشرقية، كان مؤشر الدراسة يقول إنني في الصف الأول الإعدادي.

كان ذلك توطئة تمهيدية قبل الولوج إلى عالم الصحافة الأكثر اتساعا، بما جعلني أسكن في منبع الخبر والمصدر والمادة التوثيقية الإخبارية المكتوبة.

يبدو أنّ تلك التجربة البعيدة أوجدت شعورًا عميقا وضمنيًا في داخلي، مفادها أنّ الطفل يحتاج إلى صوت ما، لكي يُخبِر عنه أو يقترب منه، لذلك ظل مشروع مجلة للأطفال يكبر بشكل متناغم في أعماقي، وخاصة عندما كنتُ أمرّ ببصري على مجلات الأطفال العربية التي تقع تحت طائلة بصري، فآخذها وأتلقفها بهدوء كبير .

في الآونة الأخيرة، زادت سطوة هذا الرابط الشعوري بيني من ناحية، والمشروع الطفلي الذي حلُمتُ به يوما من ناحية ثانية، وبخاصة عندما جلستُ أتأمل الأطفال الذين هم أقران (بنتي حلا)، في تأسيس اتجاهاتهم في هذا العمر المبكر نحو أشياء أخرى غير القراءة، بما يحقق لهم نوعا من البُعد عن تكوينهم الأصيل ذي الشخصية العمانية.

كما أنني لاحظت تلاشيا يحصل في الهويّة العمانية، خاصة لدى الناشئة، في وقت صارت فيه الحياة منفتحة على الجديد غير الخاضع للوعي الذي يمكنه من مجابهته عبر ثقافة مضادة تكرّس الهوية وتصقل حضورها في التكوين الأولي/ المبدئي عند الطفل.

هذا كله، وغيره، نشأ عنه انفلات عام، ربما سيشكل خطورة غير مقدور عليها - مستقبلاً- إن تراكمت بصيغة عميقة وسلبية، لذا وجدت أن مشروع (مجلة الطفل) ينبغي أن يتحقق بشكل عاجل.

الطريق نحو المصير بدأ منذ العام 2005، من خلال إضافة صفحات خاصة بالطفل في مجلة الواحة حملت عنوان (واحة الطفل)، وبين كل عدد والآخر كانت الرغبة تزداد تشبّثا في داخلي وتتكون ملامحها، مما جعلني أفكر في صفاء واقعي حول كيف يمكن صنع مطبوعة للأطفال تحمل وتعبّر عن أفكارهم وطموحاتهم، وتربطهم بالقراءة والكتابة، فضلا عن تحفيزهم للتمسك بأصالتهم التاريخية، عن طريق إيغال علاقتهم بتراث الأجداد .

من أجل تحقيق هذا الحلم، والسير وفق غاية واضحة المعالم، وضعت خطة طموحة، بدأتها بورشات تدريبية للأطفال، هدفها إنبات بذرتَيّ القراءة والكتابة فيهم، وكانت تلك الورشات (مجانية تماما)، وقد نظمت ما يقرب من 20 ورشة، يمكنني تقدير أرقام المستفيدين والمستفيدات منها طالبات وطالبات، بأنها تتجاوز الـ 250 فردا، والأمل موجود في إيصال هذا العدد إلى سقف الـ 1000 طفل خلال العام الجاري.

الآن، بوجود (مرشد) أستطيع القول إنّ الحلم تحقق، ومن هذا المنبر أعلن أنني سأكرّس وقتي لهذا المشروع، الذي أراه ليس مشروعا شخصيًا، بل هو للجميع، يهم كل بيت وأسرة ومدرسة، وكل طفل هو شريك فعليّ وحقيقي لهذا النجاح.

من هذا المشروع الذي اتطلع أن يطرق باب كل بيت ويدخل حاملا راية الفكر والعلم، لن ندّخر جهدا في جعل اشتغالنا الصحفي على هذه المطبوعة هو المسؤولية ذاتها، مع إدراكنا العميق بأنّ صحافة الطفل أكثر صعوبة وتعقيدًا مما قد يتصوّره البعض مقارنة بصحافة البالغين. لهذا ستكون مجلة "مرشد" عمانيّة المنشأ والتكوين والهويّة وسنحرص أنّ تساهم المجلة في نقل إبداعات الطفل العماني لتصل إلى وجدان الطفل العربي ومن أجل تحقيق هذا التوجه لن يتأتى إلا بالتعاون من قبل الجميع.

كما أثلج صدري وأنا استمع إلى ملاحظات من وصلتهم المجلة وكذلك إلى التشجيع والإشادة بفكرة هذا المشروع

نسأل الله التوفيق في النيّة والمسعى والعمل.

تعليق عبر الفيس بوك