الثلاثاء الدامي..

إضاءة

مسعود الحمداني

اليوم: الثلاثاء 1 مارس 2016م..

الوقت: الساعة الواحدة ليلا..

المكان: الطريق الواصل بين عبري وفهود

الحدث: اصطدام حافلة نقل جماعي بشاحنة، ومن ثم اصطدام سيارة (صالون) بركام الحادث..

الوفيات: ثماني عشرة روحًا بريئة.

الإصابات: ستة عشر مصابا.

اكتسى الشارعُ بثوب الدم، وتلوّن بلونِ الموت، ولبسَ الليلُ المقمرُ رداءً أسود، وتعالت صيحاتُ الثكالى من كل مكان، كذئبٍ يعوي في ليلٍ دامس، حادثٌ ترمّلت فيه نساءٌ، وفقدت فيه أسرٌ عائلَها، وزوجاتٌ فقدن أوزاجهنّ، وعروسٌ تنتظر ليلةَ العمر فإذا بالموت يخطف فرحتها، وحكاياتٌ إنسانية أكبر من أن توصف، مشهدٌ مهولٌ، وقلوبٌ دامعة، ولا نملك إلا التسليم لأمر الحي الذي لا يموت، ولا حول ولا قوة إلا بالله..

كتبتُ أكثر من مرةٍ عن ضرورة إعادة النظر في إجراءات السلامة في حافلات النقل العام، وأنْ يتم مراقبتها مركزيا من الشركة الأم، فما نراه في الشوارع الرئيسية من سرعة جنونية لهذه الحافلات والتي تمر علينا كرصاصة منطلقة، دون اكتراث بأرواح من فيها، يجعلنا نتساءل عن الإجراءات الرادعة لمساءلة سائقيها.. وهل هي مزودة بما يكفي من نظم السلامة، وهل يتم تحديد سرعتها آليا من الشركات الناقلة.. أم أن الأمر متروك للسائق وتقديره؟..

الحادثُ الذي هز عمان من أقصاها إلى أقصاها، لا يزال مجهول السبب، رغم إفادة السائق التي لا يمكن الجزم بدقتها وصحتها، والتي تترك حبالَ التساؤلات على الغارب، ولا شك أنّ الشرطة قادرة على كشف ملابسات الفجيعة ومسبباتها بطرقها واحترافيتها العالية..

إلا أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه لحافلةِ نقلٍ جماعية، والتي يكون عدد ضحاياها عادة مرتفعا، ولن يكون الأخير إذا لم تُتخذ مجموعةٌ من الإجراءات الرادعة للحد من مثل هذه الحوادث، بدءا من السيرة الذاتية (المرورية) لمن يتولى قيادة هذه المركبات، وانتهاء باتخاذ مجموعة من الإجراءات الضرورية في كل حافلة..

فالرقابة المركزية على هذه الحافلات من الشركة الأم أو من شركة النقل أصبح ضرورة ملحة، كما أنه يجب تحديد سرعةِ هذه الحافلات (فنياً) بسرعةٍ معينة لا تتجاوزها كما هو حاصل في شركة النفط العمانية (بي دي أو)..كذلك يجب وضع كاميرات مراقبة داخلها للرجوع إليها في حالات الحوادث أو التجاوزات، إلى جانب إلزام الشركات الناقلة بوجود سائقٍ (معاونٍ) في كل حافلة ليتبادل القيادة مع السائق الرئيسي في حالة الشعور بالنعاس، أو الإرهاق، أو حتى في حالات الطوارئ التي قد تطرأ على السائق الآخر ..كما يجب تحديد نقاط تبادل للحافلات أو السائقين في حال المسافات الطويلة جدا، وذلك حفاظا على أرواح البشر..هذا إلى جانب الفحوصات الروتينية الفنية المعتادة للفحص على الحافلات.

أخشى أن تمر هذه الفاجعة ـ كغيرها ـ دون أن تغيّر من نمط إجراءات السلامة المرورية في الحافلات شيئا، وأن تعود الأمور كما كان الحال قبل الحادث، وهذا سيعني أننا لا نستفيد من دروس الأيام إلا حين تهب ريح الكوارث علينا، وبمقدار حاجتنا للعبرة..

رحم الله موتى ذلك الحادث المفجع وتغمدهم بواسع رحمته، وألهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان..

وإنّا لله وإنّا إليه راجعون

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك