سندان.. أول الغيث قطرة

فائزة الكلبانية

لأعتقد أني سأكون مبالغة إن قلت إنّ مشروع مدينة سندان المتكاملة للصناعات الخفيفة يعد أهم حدث اقتصادي في هذا العام حتى الآن..

فالمشروع الذي ستنطلق أشغال إنجازه في يونيو المقبل - ويعد الأول من نوعه بالسلطنة - يتربع على مساحة قدرها 250 ألف متر مربع ويحتوي على 2400 ورشة ومعرض للسيّارات المستعملة ومواد البناء، بالإضافة إلى 450 مكتبًا و1400 وحدة سكنية؛. ولن يقتصر المشروع الذي سيصبح جاهزًا للتسليم بعد سنتين على الوحدات الخاصة بالعمل والسكن فقط بل يمثل مدينة متكاملة توفر لسكانها كل متطلباتهم فالذين يسكنون المدينة ليسوا بحاجة للتنقل إلى خارجها لاقتناء أي شيء حيث سيجدون داخل المدينة كل متطلباتهم بما يفوق توقعاتهم؛ فالمشروع سيحتضن أيضاً مسجدًا وهايبر ماركت ومستشفى ومطاعم ومحلات للتسوق وبنوك ومكاتب للطيران وكل الضروريات مما يوفر للسكان إقامة مريحة في ظروف مثالية.

ويعد سندان تجسيد عمليًا على مفهوم التنويع الاقتصادي وإنزاله على أرض الواقع، كما أنه يمثل إضافة نوعيّة وكميّة للقطاع الصناعي.. وحتى يتم ضمان القيمة المضافة لهذا المشروع فقد سبقته عملية تخطيط ناجحة ساهمت بقدر كبير في جعل المشروع واقعًا معاشًا، فهو لم يكن وليد اللحظة والصدفة والظروف، بل تمّ التحضير له جيدا على مدى أكثر من سنتين، ووفق خطة وضعت التميّز وتجسيد مشروع متكامل على أحدث المواصفات نصب عينيها؛ حيث تم إجراء الدراسات المتخصصة والاستطلاعات العامة على السوق المحليّة لمعرفة متطلبات رجال الأعمال الناشطين في القطاعات التي يتضمنها المشروع مثل السيّارات المستعملة والبناء، بالإضافة إلى صنع جسر من التواصل مع رجال الأعمال للاستماع إلى آرائهم ومعرفة تصوّراتهم ورؤيتهم لمواصفات المعارض والورش التي سيتم تشييدها، فضلا عن أنّ القائمئن على الأمر اطلعوا على كثير من التجارب الدولية المماثلة ومن ثمّ الاستفادة منها حتى يرى المشروع النور.

إن مشروع سندان سيفتح آفاقا واعدة لتعميم الفكرة بإقامة مشاريع أخرى مماثلة في مختلف أرجاء السلطنة.. علاوة على أنه سيعلي من قيمة التنافسية عبر حفز القطاعات الخاص على طرح العديد من المشاريع المماثلة. وفوق ذلك فإنّه سيوفر فرص العمل أمام الشباب العماني لا سيما الكوادر الفنية والتقنية التي تعد مثل هذه المشاريع بيئة مثالية لها تلبي طموحاتهم وأفكارهم الإبداعية..

أتمنى من أعماق قلبي ألا تكون سندان نموذجًا يتيمًا، وأن تكون أول الغيث الذي تتبعه سلسلة من المشاريع المماثلة الطموحة، التي نأمل تزايدها في المرحلة المقبلة.. وندعو كافة أصحاب الأعمال والمستثمرين لإقامة عدد من المدن الصناعية وأن نجعل الصناعة في ظل انخفاض أسعار النفط هي رأس الرمح في معركة التنمية والتقدم.. وأن نسعى عبر هذه المشاريع لاستثمار سواعد أبنائنا الفتية وتشجيع الشباب ممن يمتلكون أراضي ومساحات شاسعة ومواقع استراتيجة على الاستفادة منها عبر إطلاق مشاريع صناعية عملاقة، تصب في معين التنويع الاقتصادي، وتعود على الوطن والمواطن بالمنفعة والخير العميم.

تعليق عبر الفيس بوك