معرض الكتاب وأسعار الكتب

صالح البلوشي

في اليوم الثاني لمعرض الكتاب (الخميس) ذهبت إلى إحدى دور النشر المصرية، التي تبيع كتبًا تراثيّة في مختلف الفروع، مثل: علم الكلام، والفقه، والأصول؛ لاقتناء بعض الكتب الكلاميّة القديمة، ففوجئت بوجود مبالغة كبيرة في أسعارها، رغم أنّ طبعاتها كانت رديئة -كمعظم كتب هذه الدار- فقلت في نفسي: ربما يكون سبب ذلك، أنّ المعرض ما يزال في يومه الثاني، فربما تنخفض الأسعار نسبيا في الأيام القادمة، أو ربما هي أفضل من دور النشر الأخرى، فذهبت إلى دار أخرى ووجدت كتابا عن الآراء الكلامية للإمام الهادي يحيي بن الحسين، وبما أنني كنت أنوي كتابة مقالا عن الآراء الأصولية والكلاميّة للهادي، قررت شراءه، إلا أنني فوجئت بوجود مبالغة كبيرة في سعر الكتاب، رغم رداءة الطبعة وصغر حجم الكتاب، حيث كان سعره سبعة ريالات كاملة، مع العلم أنّي اشتريت قبل ثلاث سنوات فقط كتابًا ضخما عن الرسائل الكلاميّة والأصولية للإمام نفسه بأربعة ريالات فقط، وكانت طبعة فاخرة وأنيقة.

هناك شكاوٍ كثيرة بخصوص ارتفاع أسعار الكتاب وخاصة في دور نشرٍ بعينها، مما دفع ببعض الإعلاميين العمانيين إلى كتابة (هاشتاج) في برنامج التواصل الاجتماعي (تويتر) يدعون فيه إلى مقاطعة إحدى تلك الدور؛ بسبب أسعارها المبالغ فيها، والتي لاحظتها بنفسي في السنوات الماضية، مما جعلني لا أقترب من هذه الدار هذا العام، ولكن والحق يقال، فإنّ هناك عدة أسباب لهذا الارتفاع منها: تكلفة الشحن، وإيجار المساحة المعروضة في المعرض لبيع الكتب، بالإضافة إلى تكلفة الإقامة في الفندق، وغيرها بالإضافة إلى أنّ بعض الدور تأتي من مناطق صراع ساخنة، مثل: سورية، والعراق، واليمن، رغم إعفاء دور النشر السورية من إيجار أجنحتها في المعرض؛ تقديرًا لها لحضورها المعرض رغم الظروف الأمنيّة التي تعيشها سورية منذ عدة سنوات.

وبالإضافة إلى شكاوى مرتادي المعرض بارتفاع الأسعار، أشتكى كثير من العارضين من ضعف الإقبال على المعرض هذا العام، وأكّد لي بعضهم أنّهم متفاجئون من قلة المرتادين للمعرض، وضعف الحركة الشرائية، ويبدو أنّه بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار فإنّ كثيرًا من المهتمين بالكتب اقتنوا ما يحتاجون إليه من معرض الشارقة الدولي للكتاب، في نوفمبر الماضي، لذا، فمن الطبيعي جدا أن تقل مشترياتهم في هذا المعرض، وقد التقيت - شخصيًا- في المعرض ببعض الكتاب والمثقفين وكانت أيديهم خالية من الأكياس التي تحوي الكتب كعادتهم في مثل هذه المعارض، ولمّا سألتهم عن السبب قالوا: إنهم أشتروا كثيرا مما يحتاجون إليه من كتب من معرض الشارقة الدولي للكتاب، ولا يرغبون بشراء المزيد قبل الانتهاء من قراءتها.

كما أنّه من المُلاحظ في هذا المعرض بالذات عدم وجود لوحات إعلانيّة في الشوارع الرئيسة؛ للترويج للمعرض كما كان يحدث في السنوات الماضية، وباستثناء الإذاعة والتلفزيون والصحف المحلية فلم أجد أي إشارة إلى وجود معرض دولي للكتاب من أجل جذب الجمهور، وقد أشار إلى هذه النقطة الكاتب علي البوسعيدي في مقاله "معرض الكتاب، وضعف الترويج" الذي نُشر في "الرؤية" أمس.

ومن الدروس التي تعلمتها في هذا المعرض، أنّه بإمكانك أن تحصل على تخفيض كبير في أسعار بعض الكتب والموسوعات إذا كنت تعرف البائع جيدًا أو أحد يعرف البائع، فقد استطعت شراء موسوعة كبيرة في الحضارة، كان سعرها المعلن عنه هو 67 ريالا عمانيا، ولكن بفضل تدخل أحد الأصدقاء من الكتاب العمانيين وكان يعمل في جناح خاص بإحدى الهيئات الخاصة استطعت شراءها بـ 45 ريالا فقط، مما يؤكد أنّ كثيرًا من دور النشر تتعمد رفع بعض أسعار الكتب التي لديها، وقد جربت ذلك عدة مرات، منها: مرة كنت فيها مع الأديب سماء عيسى وذهبنا إلى دار نشر أدبية معروفة برفع أسعارها فأختار كتابًا للمفكر الفلسطيني أدوارد سعيد، وسأل البائعة عن سعرها، فقالت: ثمانية ريالات وذَهَبَتْ لإحضار الكتاب ثم جاءت أخرى -والحديث عن الدار نفسها دون أن تلتفت إلى الحديث مع المرأة الأولى- لتسأل سماء عيسى ماذا تريد؟ فأشار إلى الكتاب السابق فقالت قيمته سبعة ريالات! واتضح وجود تناقض في معرفة السعر بين عارضتين تبيعان في نفس الدار، مما يؤكد مرة أخرى أنّ كثيرًا من الأسعار تخضع لمزاج العارض وليس السعر الحقيقي للكتاب.

تعليق عبر الفيس بوك