وتبقى حياة الكتاب فينا ثقافة

أمل الجهورية

يختلف المشهد في احتفاء الثقافة عن غيرها من المشاهد الأخرى لمختلف الأحداث التي تسنح لنا الفرصة بحضورها، حيث نستشعر الجمالية كوننا نعيش بالقرب من تلك الفئة ونتقاسم معها باستمرار العطاء والهَم المشترك الذي يأخذ الكثيرون على عاتقهم مسؤوليته من خلال حرصهم على إثراء المشهد الثقافي العُماني بما تجود به خلاصة الفكر لديهم.

إنّ الاحتفاء السنوي بالكتاب في السطنة يعدُ عرساً ثقافياً كما يسميه البعض، وهو موسم حصاد للكثير من النتاجات الفكرية والأدبية التي يعمل عليها مؤلفوها لفترات طويلة تمتد عند البعض لسنوات؛ ليكون معرض مسقط الدولي للكتاب هو المحتضن لها والمنصة التي تنطلق منها للفضاء الثقافي، ومن ثم إلى منافذ أخرى للإهداء أو البيع.

إنّ الزائر لمعرض الكتاب يجد أمامه الكثير من الخيارات لما يمكن أن يرفد به ذائقته معرفياً وأدبياً سواء من ناحية ما المعروض من الكتب المتنوعة، أو ما تشهده الأنشطة والفعاليات المصاحبة من مشاهد ثقافية أخرى كالمسابقات، واللقاءات، والمحاضرات، والجلسات النقدية ليجعل من عنوان الحدث يمتد لكونه أكثر من مجرد مكان لعرض الكتب وبيعها، بل مساحة ثقافية واسعة لتعزيز الفكر وإثراء الثقافة لديه.

وأمام هذا العرس الثقافي تمتد منصات بيع الكتب وعرضها لمسافات طويلة تكاد لا تكفيها زيارة واحدة، حيث يتزاحم الكثيرون هناك شيباً وشبابَا بقوائم عديدة لتزويد مكتباتهم الخاصة بكل جديد حمله المعرض، أو البحث عن إصدارات تخدم توجهاتهم البحثية والعلمية، أو مشاركة من يعز عليهم الاحتفاء باصداراتهم التي يدشنونها خلال هذه الفترة وكل هذه المشاهد تؤكد لنا أنّ الغريزة الثقافية باقتناء الكتاب لم تؤثر عليها التقنية، ولم يضعفها توفر المكتبات الإلكترونية المجانية المتاحة بكل سهولة عبر محركات البحث؛ الأمر الذي يجعل هذه التناقضات تزيد من رصيد الكتاب الورقي، وبقاء دور النشر التي يزداد وجودها عاماً تلو الآخر.

أمام تغيرات الزمن وتطوره المتسارع تبقى الرغبة الأصيلة باقتناء الكتب تسكننا ويصحبها شعور جميل لا يزال حياً فينا، وأحسبه سيبقى كذلك مستمراً يعيه ويستشعر طعمه من اعتاد صحبة الكتاب، وأدرك أن تزويد مكتبته الشخصة سنوياً بأشياء جديدة تعزز من بقاء الإرث الثقافي في بيته، وتحفظه لأجيال قادمة، وقبل كل ذلك يبقى الهدف من كل هذا، أن نقرأَ، وأن يكون التزامنا مع الكتاب وحاجتنا إليها كحاجتنا للبقاء، فهو ثقافة نستمد منها طاقاتنا الفكرية واللغوية، ورصيد نرفد بها معرفتنا.

Amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك