"أوبال" تحشد أطراف قطاع النفط للبحث عن آليات التعاطي مع "العاصفة الهوجاء".. والحفاظ على العمالة الوطنية التحدي الأبرز

توقعات ببلوغ "نقطة التوازن" بين العرض والطلب على الخام الأسود هذا العام رغم استمرار الضغوط

< العوفي: انخفاض التكلفة التشغيلية لبرميل النفط العماني إلى 9.5 دولار

< ريسوتشي: "تنمية نفط عمان" تنتظر توجهات الحكومة حول "أفضل" أساليب التمويل

نظَّمتْ الجمعية العمانية للخدمات النفطية "أوبال" المنتدى السنوي للجمعية، ليجتمع كافة أطراف قطاع النفط والغاز تحت سقف واحد، تحت عنوان "المضي قدما في ظل التحديات"، فيما أقيمت حلقة نقاشية حول "العاصفة الهوجاء" التي هبَّت على القطاع، وآليات التعاطي مع تداعياتها المتباينة.

وتضمَّن المنتدى عرضا حول آفاق وتوقعات سوق النفط العالمي، قدمه ريشي كابور الرئيس التنفيذي المشارك لمؤسسة انفستكورب. وشرح كابور عددا من الأسباب التي أدت إلى تراجع أسعار النفط، منها ما يتعلق بزيادة العرض وأخرى تتعلق بتراجع الطلب، وتوقع أن يشهد العام الجاري نقطة التوازن بين العرض والطلب وتعافي الأسعار تدريجيا.

الرُّؤية - نجلاء عبدالعال

وكشفَ سعادة المهندس سالم بن ناصر العوفي وكيل وزارة النفط والغاز، أنَّ مُتوسط التكلفة التشغيلية لبرميل النفط العماني بلغ 9.5 دولار للبرميل خلال العام الماضي، فيما كان متوسط الكلفة الإجمالية للبرميل في 2015 نحو 26 دولارا للبرميل، وتوقع سعادته أن ينخفض متوسط التكلفة الاجمالية في العام الحالي نتيجة الجهود الحثيثة من قبل الشركات لمحاولة تقليص الإنفاق، بما لا يؤثر على القوى العاملة الوطنية.

نقاط مضيئة

وعلى هامش الندوة، قال سعادة المهندس سالم العوفي -في تصريحات صحفية- إنَّ هناك الكثيرَ من النقاط المضيئة في قطاع النفط بالسلطنة من بينها خفض كلفة الانتاج وزيادة مستويات انتاج النفط حتى وصل المتوسط خلال الأشهر الثلاث الأخيرة إلى مليون برميل يوميا، علاوة على توسيع عقد شركة "بي.بي" إلى المرحلة التالية في مشروع حقل خزان، وتوقيع اتفاقية نقل عمليات مربع 7 من بتروجاز إلى عمان هيدروكربون فيندر، وتوقيع اتفاقيات لمربع 56 ومربع 54. وأشار إلى أن كل هذه النقاط المضيئة تدل على أن قطاع النفط مازال يعمل بنشاط، موضحا أن هذا لا يعني أننا لا ننتظر الخروج من النفق لأن أسعار النفط شئنا أم أبينا تزيد الضغوط على عمل الشركات بجميع أحجامها، وكلما طالت فترة تراجع الأسعار كلما زاد الضغط على الشركات، ليس في عمان فقط بل على مستوى العالم.

وبيّن سعادته أن الشركات مازالت تعمل، وأن شركة واحدة فقط هي التي غادرت وهي شركة أرديسيز، وذلك بسبب انتهاء عقدها، وعدم وجود أعمال إضافية جديدة تقوم بها، لكن الشركات الأخرى سواء الأجنبية أو العمانية فإن عملها مازال قائما ومستويات الانتاج والاجور مازالت جيدة ومازالت تتحمل ضغوط الأسعار المتراجعة للنفط. واستدرك قائلا: "لكن قد يستمر هذا التحمل حتى وقت محدد، لذا نأمل تعافي أسعار النفط قريبا"، لافتا إلى أنه فيما يتعلق بأوضاع العمالة الوطنية في القطاع، فلا بديل عن الاجتماعات المتواصلة مع العمال ومناقشة الحلول، خاصة مع محدودية الخيارات المتاحة.

وفي إجابة عن سؤال لـ"الرؤية" حول المشاريع التي تضمن استمرارية الإنتاج في السنوات المقبلة؟ قال إنه لا تزال هذه المشاريع مستمرة وعمليات الاستكشاف ما زالت متواصلة، لكن هناك مشاريع على سبيل المثال ربما تكون مستقبلية مثل مشروع حقل "جبال" التابع لشركة تنمية نفط عمان والمتوقع الإنتاج منه في 2020، وبالتالي لا يزال أمامنا مشوار طويل للإنتاج من هذا الحقل، ما يعني أن هناك إمكانية لإبطاء وتيرة الاستثمار في هذا المشروع. وتابع بأنَّ هناك مشروعا آخر تابعا لتنمية نفط عمان وهو الخاص بإنتاج البخار بالطاقة الشمسية، وقد انتهت المرحلة الأولى والمرحلة الثانية على وشك الانتهاء، ولا تزال هناك مرحلتان مستقبلا، وهناك إمكانية إيقاف أي مرحلة من هذه المراحل دون التأثير على إنتاج الحقل في الوقت الحالي، والتعويض لإنتاج البخار من خلال إحدى الطرق التقليدية. واوضح ان ذلك يعني أن هناك فرصة لإبطاء وتيرة بعض العمليات التي لا تؤثر على الإنتاج في الوقت الحالي، لكن حاليا كل المشاريع مستمرة دون أي تغيير حقيقي.

القوى الوطنية العاملة

وفي سؤال آخر لـ"الرُّؤية" حول الخطوات التي يجب اتباعها فيما يتعلق بالقوى العاملة الوطنية المسرحة في شركات المقاولات، قال سعادته إن الخطوات المطلوب اتخاذها فيما يتعلق بالعمال المسرَّحين هي إعادة تأهيل الكثير من الكوادر المحلية، بحيث تكون المهارات المطلوبة متماشية مع سوق العمل. وأوضح ان هناك فجوة كبيرة حاليا بين مخرجات التعليم والمعاهد الفنية والتقنية من جهة، وبين احتياجات سوق العمل من جهة أخرى، مشيرا الى انه كلما اتسعت هذه الفجوة كلما برزت إشكالية إيجاد وظائف حقيقية للأيدي العاملة الوطنية. وتابع سعادته أن هناك مخرجات جامعية وشهادات جامعية ودبلوم، ولكن إذا لم تتماشى هذه الشهادات مع حاجة سوق العمل ستظل الفجوة قائمة.

وحول إمكانية توفير فرص عمل للمواطنين والشركات العمانية في الخارج، أكد سعادته أن فرصة الشركات موجودة وبالفعل استطاعت بعض الشركات العمانية أن توسع أعمالها وتفوز بعقود في عدد من الدول المجاورة، وحصلت على عقود عمل في السعودية والإمارات والبحرين وقطر، لكن بالنسبة للعمالة الوطنية العمانية فالوضع مختلف. وأوضح أن هناك فارق بين رواتب الأيدي العاملة الوطنية مقارنة مع رواتب الأيدي العاملة الوافدة في دول مجلس التعاون، مشيرا الى انه في حالة خروج العمالة العمانية للعمل في بلد آخر، ستتعامل مقارنة مع العمالة الوافدة في ذلك البلد، وبالتالي تكون مستويات مقارنة الرواتب في غير صالح العماني.

وحول لجوء شركة تنمية نفط عمان للاقتراض، أكد سعادته أن توفير التمويل للاستمرار في الانتاج لأي من شركات النفط سهلـ لكن التحدي الحقيقي يأتي في إمكانية ضخ مزيد من الاستثمارات لانه يمثل محاولة للصمود أمام التراجع في أسعار النفط، وكلما طالت فترة تراجع الاسعار تزداد صعوبة هذا الصمود. وبين أن شركة تنمية نفط عمان باعتبار أن الحكومة هي المساهم الأكبر فيها، فإنها عندما تقدِم على البحث عن وسائل للتمويل فإنها تقوم بذلك نيابة عن الحكومة ووضع الشركة المالي والإنتاجي وسمعتها في السوق، وهي جميعها عوامل تمكنها من الحصول على التمويل بسهولة.

وفي السياق، قال راؤول ريستوتشي مدير عام شركة تنمية نفط عمان في تصريحات خاصة للرؤية إن الشركة لم تلجأ إلى الاقتراض حتى الآن، وأن الأمر متروك للحكومة باعتبارها صاحب حصة الأغلبية في الشركة، حيث يؤول الأمر إليها لبحث أفضل الحلول التمويلية الملائمة وتحديدها، مشيرا الى ان أية خطوة تخطوها الشركة في هذا الاتجاه ستكون نابعة من الحكومة وقرارها بهذا الشأن.

ومن جانبه، قال مسلم بن راشد المنذري الرئيس التنفيذي لـ"أوبال" في تصريحات خاصة لـ"الرؤية" إن لكل طرف أهداف وتحديات وقد تشكل أهداف أحد الأطراف تحد بالنسبة لطرف آخر، وعلى سبيل المثال فاذا كان سعي الحكومة نحو مزيد من العمالة في المشاريع النفطية فإن أحد تحديات المقاولين هو أجور العمالة وعدم مرونتها. وأشار إلى أن هناك الكثير من العمل والخطوات التي يمكن للجمعية القيام بها، ومنها الشق الخاص بالتعمين والتدريب وتحسين كفاءة الأعمال بما يرشّد الإنفاق، مشيرا إلى أنه لا مفر ولا بديل عن التحاور وطرح كل الاشكاليات والتحديات على طاولة النقاش، علاوة على تقديم مقترحات للحل للخروج من الأزمة بأقل الخسائر للجميع.

العاصفة الهوجاء

وخلال فقرة العصف الذهني في الجلسة النقاشية، توازت الأطروحات المقدمة مع عنوان العرض المرئي والذي جاء تحت مسمى "العاصفة الهوجاء"؛ حيث طرح المشاركون في الجلسة آراء صريحة بعضها ربما جرى طرحه للمرة الأولى. وجمعت الجلسة النقاشية كل من سعادة المهندس سالم بن ناصر العوفي وكيل وزارة النفط والغاز، وراؤول ريستوتشي مدير عام شركة تنمية نفط عمان أكبر منتج للنفط في السلطنة، وحسام بن أحمد النبهاني نائب رئيس العلاقات الخارجية والمسؤولية الاجتماعية بشركة اوكسيدنتال عمان، والدكتور عامر الرواس الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع تكنولوجيا النفط والغاز، والمهندس محسن الحضرمي مدير عام شركة شلمبرجير عمان، وحمود بن راشد التوبي الرئيس التنفيذي لشركة الشوامخ للخدمات النفطية.

وخلال النقاش، أوضح سعادة وكيل وزارة النفط والغاز أن النظر بتفاؤل أكبر مما يحتمله الواقع قد يفاقم المشكلة، لذلك لابد من الموضوعية في تحديد التحديات وطرق تخطيها، متوقعا أن يشهد العام الحالي استمرارا لضغط اسعار النفط حتى عام 2017. وقال إن من الصعوبة بمكان التنبؤ في الوقت الحالي بمستوى اسعار النفط، لكن الواضح أنه أصبح هناك نقطتي مقاومة للسعر أحدها أدنى وهو 25 دولارا للبرميل والآخر أعلى وهو 30 دولارا للبرميل، فكلما وصل السعر إلى 25 دولارا يعاود الصعود وكلما وصل إلى 30 دولارا عاود الهبوط وضاق التذبذب ما بين 30 إلى 25 دولارا.

فيما قال مدير عام تنمية نفط عمان إن أهم ما يجب الاتفاق عليه هو أن الجميع في قارب واحد، وأن عليهم التجديف في اتجاه مشترك، حتى يظل القارب يبحر بأمان، مؤكدا أن الشركة -والقطاع بشكل عام- مرت بكثير من الاوقات الصعبة فيما مضى، وأن أفضل وسيلة هي عدم اللجوء أبدا إلى وقف الانتاج. ومن جانبه قال الدكتور عامر الرواس إن الحكومة استطاعت في المرحلة الماضية من خلال الشركات الكبرى مثل شركة تنمية نفط عمان وغيرها إقامة منظومة متكاملة من الشركات التي تساند بعضها عبر شركات عمانية كبيرة ومتوسطة وشركات تقدم خدمات ومقاولين، ومن المهم بمكان الابقاء على هذه الشركات بما يمكنها من مواصلة التعاون والاستمرارية ويكفل لها القدرة على الانتاج بنفس المستويات بعد انتهاء الأزمة الحالية. وأشار الى أن أهمية الندوة تتمثل في تلاقي أطراف المصفوفة الانتاجية من حكومة وشركات كبرى ومتوسطة ومقاولين وممثلين عن العمال، فهذه الأطراف تطرح رؤاها وتحدياتها وهي أولى خطوات وضع حلول تحتاجها الشركات للخروج من المرحلة الصعبة التي يمر بها القطاع ككل. أما فيما يتعلق بالقوى العاملة الوطنية في القطاع فقد طرحت عدة أفكار وآراء وجاء أحدها من صاحب السمو السيد محمد آل سعيد خلال فتح باب المشاركة من أحد الحضور بمقترح البحث عن فرص عمل بالخارج للعمالة الوطنية، والذي أكد سعادة وكيل النفط والغاز أنه ليس سهل التنفيذ بسبب تفاوت الأجور.

تعليق عبر الفيس بوك