من هنا يبدأ التغيير.. رياضتنا المحلية ويوم المعلم

المعتصم البوسعيدي

حقيقة:

يبلغ المرء من العمرِ عتيا، يركض وتركض معه الأيام، يدور في فلكِ الأحداث ومقادير الرب ذي العزةِ والجلال، يمرُ على مراحل منها ثوابت لا تتغير ومنها متغيرات لا يستطيع لها سبيلا، من الشمسِ إذ تغيب وحتى الفجر بداية محو الظلام، تمامًا كما هو صانع الأجيال إذ تراه في كل مرة كأنك تشاهده أول مرة؛ ذلك أن قيمة الأشياء في أصلها، والعلم أصل كل حقيقة، فكل عام والمعلم حقيقة بلوغ المرام.

اتفاق:

إذا ما اتفقنا على أن العلم يعتبر اللاعب الأهم في عملية أي تغيير إيجابي، سندرك مقولة "كان كوان يو" مؤسس سنغافورة الحديثة: "أظن أنني لم أقم بالمعجزة في سنغافورة، أنا قمت بواجبي نحو وطني؛ فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت مكانة المعلمين من الطبقات الدنيا في المجتمع إلى المكان اللائق بهم، وهم من صنعوا المعجزة التي يعيشها المواطنون الآن". ولا أعتقد أن نظرتنا للمعلم تضعه في مراتب متدنية لكن التغيير يجب أن يطال توجيه الموارد للمعلم وتوحيد الجهود على جعله مركز التغيير وقطب الرحى نحو مستقبل أكثر إشراقًا وبهاء.

إستراتيجية:

يوم المعلم يجب أن يحتفي -أيضًا- بتقويم واقعه؛ وسبر الإيجابيات لتعزيزها، ووضع الدواء على الداء لمعالجته، ولعلَّ الرياضة تتداخل مع التعليم على أكثر من صعيد، وهذا ما يهمني في مقام حديثي اليوم، لاعتبارات متعددة سأختزلها في إستراتيجية الرياضة العُمانية التي صاغها المشرع بتكاملية من "المختصين الذي يمثلون المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة العاملة بالمجال الرياضي"، علاوة على المنخرطين بالرياضة -لاعبين أو مدربين- كما أنَّ الإستراتيجية تقوم على احترام أحكام الميثاق الدولي للتربية البدنية والرياضية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وعدد من القرارات الدولية والمواثيق.

الرياضة المدرسية:

ليس من الصدفة أن يكون المجال الأعلى في المحور الأول من إستراتيجية الرياضة العُمانية قائم على "الرياضة المدرسية"، لكن الأمر ليس مثاليًا في التنفيذ وبالتأكيد ليس بالسهل خاصة مع تباين النظرة حول الرياضة كما تحدث عنها الدكتور علي الخطيب حين أشار إلى وجود وجهتي نظر: "نظرة تشيد بدور الرياضة وأخرى تدعي بترفيهيتها"، وأجزم أن الأخيرة نظرة الأغلبية ما يفسر تعاملنا "الصغير" مع الرياضة الذي أشبهه -شخصيًّا- كمن يبني بيتا على أساس من "ملح"!! وبالعودة لإستراتيجيتنا فإن عملية إسقاط الثلاث نقاط المذكورة تحت مجال الرياضة المدرسية على أرض الواقع يضعنا أمام سؤالين بسيطين.. ماذا تحقق؟! وهل هناك اتحاد للرياضة المدرسية؟!!

بين الماضي والحاضر:

قُمت بإعادة الذاكرة للرياضة المدرسية أو بالأحرى ما تمثله "حصة" الرياضة قبل سنوات خلت من خلال طرحي لمجموعة من الأصدقاء سؤال: ماذا كانت تمثل "حصة" الرياضة في الجدول المدرسي؟! الإجابة المتوقعة كانت حاضرة بين فسحة وترفيه وتغيير من الواجبات المسؤوليات وغيرها، نعم أدرك أن الأمر تغير وأصبحت الرياضة مادة ولها اختبار ودرجات، لكن ما زلنا نحتاج لأكثر من ذلك، نحتاج لفهم عميق لعلاقة التعليم بالرياضة، نحتاج لغرس مفهوم ذلك في النشء وقبله لدى المسؤول ومعرفة مدى قدرة التعليم على جعل الرياضة قيمة عُليا وسلوك تربوي ينطوي عليه مصلحة وطنية كبرى، ويوم المعلم فرصة ذهبية للتذكير وإعادة تقييم أنفسنا.

من هنا يبدأ التغيير:

الرياضة مشكاة لا قيمة لها طالما لا تحمل مصباح التعليم؛ لذلك فإن الرياضة المدرسية يجب أن تكون مادة دسمة كمًّا ونوع، ومُعلمها مؤهل لصياغة الطالب معرفيًا وتربويًا من خلال الرياضة، وطالما أن لدينا إستراتيجية تساعد على تحقيق ذلك؛ فعلينا المضي قدمًا وليكن التغيير الذي يبدأ من هنا، من يوم المعلم الذي معه تتطور الحضارات ويقاس نماء مجتمعه، على أن الوصول "لمجتمع رياضي" يحتاج من أعلى سلطة في الرياضة تحقيق السطر الأول من رسالة الإستراتيجية.. "توفير خدمات وتسهيلات ذات جودة لممارسي الرياضة ودعم الرياضيين".

تعليق عبر الفيس بوك