رئيسا "الإعلام والثقافة" بمجلس عمان يوصيان بسرعة تصحيح الأخبار المغلوطة لمواجهة الشائعات

مجلس الشورى يعكف على تفعيل دور المتحدث الرسمي في الجهات الحكوميّة والخاصة

الحرسوسي: اللجنة تبنت مسودة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتنظيم تداولها لتجريم الشائعات

المشيخي: شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة سرعة انتشار الشائعات لغياب الوعي

تفاؤل بمساهمة مؤتمر الإشاعة والإعلام في تنمية الوعي المجتمعي بكيفية التعامل مع الشائعات

مسقط - الرؤية

اتفق سعادة حمودة بن محمد الحرسوسي رئيس لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشورى والمكرم الدكتور أحمد المشيخي رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة على أن الإسراع في نشر المعلومة الصحيحة وتوضيح كافة المعلومات من أهم الإجراءات التي يمكن إتخاذها لمواجهة انتشار الإشاعات في المجتمع، وقالا إنّ وسائل التواصل الاجتماعي كان لها أثر كبير في زيادة انتشار الشائعات وترويجها بين قطاعات أكبر في المجتمع، وأوضحا أنّ مؤتمر الإشاعة والإعلام الذي يعقد بالسلطنة خلال يومي 27 و28 مارس المقبل سيكون له نتائج إيجابية على مستوى توعية المجتمع بأخطار الإشاعة وكيفية مواجهتها والتعامل معها.

وقال سعادة حمودة بن محمد الحرسوسي رئيس لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشورى إنّ لجنة الإعلام والثقافة تبنّت في الدورة السابعة من مجلس الشورى مسودة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتداولها، وهذا القانون أعدته اللجنة من خلال فريق قانوني بمعية الأكاديميين في جامعة السلطان قابوس، وأعدت له القوالب والنصوص القانونية ويضم 5 فصول تقريباً تشمل حوالي 38 مادة منها ما يتضمن الجزاء لمن يسرب المعلومات، والتأكيد على أنّ المعلومة حق للصحفي وللباحث ولكل من يريد أن يستغلها اقتصادياً، كما يجرم نشر الإشاعات ، وأوصينا من خلال اللجنة بإنشاء المركز الوطني للمعلومات.

وأضاف الحرسوسي أنّ لجنة الإعلام والثقافة تعكف على دراسة لتفعيل دور المتحدث الرسمي في الجهات الحومية والخاصة، والذي يكون من دوره الرد الرسمي على أي إشاعة، ولهذا نعمل على استكمال الجهود في هذا السياق استكمالاً لمشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتداولها، وحسب الأنظمة والقوانين في عمان هناك متحدثون رسميون وكذلك الأمر في بعض المؤسسات شبه الحكومية إلا أنّ ذلك لم يتم تفعيله، ونعلم جميعاً أهميّة الوضوح وعدم الضبابيّة وسهولة الوصول إلى المعلومة، وهذا القانون يضمن التواصل الدائم مع ما يطرح من إشاعات ومن ثمّ الرد عليها في الوقت المناسب للقضاء على الإشاعات قبل استفحال خطرها.

مؤتمر الإعلام والإشاعة

وحول مؤتمر الإعلام والإشاعة، قال سعادة رئيس لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشورى إنّه مؤتمر جيد ومن المتوقع أن تكون له آثار إيجابيّة على مستويات عدة أهمها توعية المجتمع بخطورة الإشاعات وتأثيراتها المختلفة على الدولة والأفراد، وكيفية تداول المعلومات بشكل آمن، خاصة وأنّ المؤتمر يغطي كافة الجوانب القانونية والاجتماعية والإعلاميّة بشكل علمي مدروس من خلال أوراق البحث والمناقشات المتوقعة.

وأشار سعادته إلى أنّ انتشار الإشاعات في مجتمعنا يعد أمراً طبيعياً خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الأجهزة الحديثة والهواتف الذكيّة التي سهلت من تبادل الأخبار والإشاعات وترويجها بسرعة وعلى أكبر نطاق، وهناك الكثير من الإشاعات منها ما يؤثر على الأفراد أو يؤثر على الاقتصاد ومؤسسات الدولة المختلفة، لكن مجتمعنا لا زال أقل تأثراً بالإشاعات وهناك منطق وعقل يحكم عملية رواجها في بلادنا.

ومن جانبه، قال المكرم د. أحمد المشيخي رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة إنّ شبكات التواصل الاجتماعي تعد سبباً رئيسياً لرواج الإشاعات في المجتمع حتى صارت مادة دسمة لتلك المواقع وخاصة واتساب وتويتر وفيس بوك، بينما يختلف الأمر مع الشبكات الاجتماعية التي تعتمد على الصورة مثل انستجرام واليوتيوب على سبيل المثال لأنّ الصورة تعد وثيقة في حد ذاتها، وبحاجة إلى تقنية وبرامج متخصصة للتلاعب بها، مما يعقدها ويصعب تزييفها، بعكس المعلومات المكتوبة التي يمكن أن تروج أياً كان مدى صحتها.

وأضاف المشيخي أنّ تلك الشبكات ساهمت في إنتشار الإشاعات بشكل أوسع، عكس الوسائل التقليدية سابقاً حيث كانت الإشاعة تنتقل عبر الرواة ومن شخص إلى آخر أو لمجموعة أشخاص، لكن الآن تغريدة واحدة يمكن أن تصل إلى عشرات الآلاف من المتلقين، أو رسالة واحدة تصل إلى مئات الأشخاص المشتركين في جروب على واتساب مثلاً، وما يزيد من خطورة الإشاعة أنّ كل متلق يعيد نشرها للأطراف الأخرى وأحيانا دون أن يقرأ المضمون، لهذا فإنّ انتشار ظاهرة الإشاعات في المجتمع باتت أكثر خطورة.

وحول أهم الإجراءات التي يجب اتباعها لمواجهة مخاطر الإشاعات، قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة إنّ الحل يتمثل في الإسراع بنشر المعلومة الصحيحة وتصحيح المعلومات الخاطئة التي تتناولها شبكات التواصل أو وسائل الإعلام المختلفة.

وأشار المكرم د. أحمد المشيخي إلى أنّ الإعلام الرسمي لا يتأثر بالإشاعات كثيرًا، بحكم أخلاقيات العمل الإعلامي التي تحتم عليه أن تكون مصادر معلوماته موثوقة وصحيحة، ولهذا نجد أنّ الإشاعات لا تلعب دوراً أساسياً في التغطيات الإعلاميّة الرسمية، بحكم أن كل وسائل الإعلام لابد أن تستقي موادها المختلفة من مصادر موثوقة مثل وكالات الأنباء أو الأشخاص المعنيين مع ذكر أسمائهم .

وأكد أنّ وسائل الإعلام تتحمل المسؤولية كاملة عن نشر المعلومات الصحيحة، وإذا لم يحدث فإنّ القانون يلزم الجهات المعنية بالتصحيح في نفس المساحة والمكان، وحسب معرفتي بوسائل الإعلام العمانية فهي لاتنشر أي معلومة أو خبر دون وجود أكثر من مصدر رسمي، عكس شبكات التواصل حيث الفرصة أكبر لنقل الإشاعات لكن الآن هناك امكانية للوصول إلى هؤلاء الأفراد حتى لو كانت حساباتهم بأسماء وهمية خاصة إذا كانت الإشاعات لها تأثير على الدولة أو المجتمع أوالحياة الخاصة للأفراد، في هذه الحالة يتم التدخل وفق نصوص قانونية تحكم ذلك .

وقال رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة إن الإشاعات تشمل مختلف جوانب الحياة، سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وهناك اشاعات تؤثر على الأفراد أو تؤثر على الدولة والمجتمع بوجه عام وعلى النظام العام، والإشاعات كمفهوم تتمثل في نقل المعلومات عبر أشخاص وتداولها دون التأكد من مصادرها وتعتمد على مصدر سماعي (قيل لي، أو سمعت كذا) وعندما تسأل عن المصدر الأساسي للمعلومة لا تجد إجابة، كما أنّ انتقال الإشاعة من فرد إلى فرد يضيف جزءا جديدا إلى المعلومة، وكل مرحلة يضاف إليها جديد، وإذا أجرينا دراسة على إشاعة من الإشاعات وكيف انطلقت وكيف وصلت في نهاية المطاف قد تجد أنّها وصلت إلى الآخرين بمفهوم آخر .

وأضاف المشيخي: ذات مرة كنت أقوم بالتدريس في أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة، وأجريت دراسة حول كيفية انتقال الإشاعة وكان مجال البحث هو الطلاب، وأعطيتهم إشاعة لتداولها دون أن يعرف كل منهم تفاصيل ما يوجد عند الآخر، بعد 45 طالبًا وصلتني المعلومة بشكل مختلف عن أصلها، وهكذا تتطور الإشاعة، وكل من يتداولها يضيف عليها حسب مفهومه أو علاقته بالمادة المتضمنة، أو حسب اهتماماته الخاصة، وتتغير حتى في المعنى، وعلى هذا الأساس تتطور الإشاعة وتأخذ عدة أشكال .وفي أكثر الأحوال يكون هناك أحداث متزامنة أو أسباب على أرض الواقع مرتبطة بالإشاعة وربما سببًا في انتشارها.

كثير من الخيال

ويضرب المكرم الدكتور أحمد المشيخي مثالاً بإشاعة قوية انتشرت عام 2005 حول وجود سيّارات تجوب القرى والولايات البعيدة حيث أماكن تجمعات الأطفال وتقوم بحقنهم بفيروس الإيدز، وانتشرت الإشاعة في ربوع السلطنة وأثارت الذعر، وكان ذلك بالتزامن مع واقعة الممرضات البلغاريات في ليبيا اللواتي قمن بحقن الأطفال بفيروس الإيدز، وصادف أنّ وزارة الصحة العمانية كانت في تلك الآونة استأجرت سيّارات دفع رباعي لتطعيم الأطفال في الأماكن البعيدة، وهو ما أدى إلى أن تصبح الإشاعة شبه حقيقية، وسارعت وزارة الصحة إلى توضيح الحقيقة ووضعت ملصقاً على السّيارات وانتهت الإشاعة، ولهذا يمكن القول أنّ الإشاعات قد تكون مرتبطة بحدث حقيقي، ويبني عليها الجمهور الكثير من الخيال فتخرج بهذا الشكل .

وحول دور مجلس الدولة في الحد من الإشاعات، قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة: لا ننظر للموضوع باعتبار أننا بحاجة إلى إتخاذ إجراءات من عدمه، فالإشاعة سلوك بشري موجود إينما وجد الإنسان منذ فجر التاريخ، وبالتالي لا يمكن وضع قوانين أو إجراءات لمنع الإشاعات لأننا لن نستطيع تكميم أفواه الناس، لكن نحاول قدر المستطاع إيجاد آلية معينة تساعد الجهات المعنية سواء حكومية أو خاصة أو أفرادا للتأكيد على نقل المعلومات والحقائق إلى الناس لكي تخفف من حدة الإشاعات المنتشرة في المجتمع، حيث إنّ الإشاعة تموت وتنتهي عندما تتوفر المعلومة من مصادرها الأصلية، وكلما أسرعت في ذلك كلما عملت على إنهاء الإشاعة في المهد وكلما تأخرت كلما انتشرت الإشاعة أكثر وتم تحويرها .

وعن الدور المأمول من مؤتمر الإشاعة والإعلام والتأثير المتوقع، قال المكرم الدكتور أحمد المشيخي إنّ المؤتمرات العلمية بشكل عام هي مؤتمرات النخبة والمتخصصين والباحثين في قضايا مختلفة، وأي مؤتمر علمي تقدم فيه أوراق وأبحاث ودراسات لابد أن يكون له فائدة للمجتمع، وعلى الأقل سيستفيد المجتمع عندما يرصد الإشاعة وأنواعها وكيفية انتشارها ومدى تأثيرها، وتبصير الجهات المعنية بإمكانيّات الحد من هذه الظاهرة والسيطرة عليها لعدم انتشارها بشكل واسع في المجتمع من خلال الأوراق والمناقشات العلميّة التي يشهدها المؤتمر، واعتبر أنّ المؤتمرات في نهاية المطاف تجارب علميّة ودراسات تقدم للناس وتعطي توصيات يجب الأخذ بها.

تعليق عبر الفيس بوك