مختصون: نشر ثقافة "الشراكة في التنمية" مسؤوليّة الهيئات الحكوميّة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيّات الأهليّة

أكّدوا على أهميّة أن يكون المواطنون والقطاع الخاص شركاء للحكومة في خطط التنمية

الفهدي: المشاركة في كل ما من شأنهِ خدمة الوطن فرض عين على كل مواطن ومؤسسة

العريمي: الدولة كانت المحرك الأساسي لكل المشاريع التنموية خلال عهد النهضة ومعاونتها واجب

محسن: الشراكة الحقيقيّة تفرض على جميع الأطراف التزامات وواجبات محددة لتنظيم التعاون

باقوير: تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني يدفع في اتجاه زيادة الإنتاجيّة

الهوتي: التزام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية مؤشر جيّد لقدرتها على المساهمة في التنمية المستدامة

الرؤية - مدرين المكتوميّة

قال عدد من المتابعين للشأن الاقتصادي إنّ العمل من أجل نشر ثقافة "الشراكة في التنمية" بين مختلف فئات المجتمع واجب على الهيئات الحكوميّة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيّات الأهليّة، وأكدوا أنّ الكثير من دول العالم التي حققت تقدمًا على عدة مستويات تبنت هذا النهج من خلال السماح للمواطنين ومؤسسات القطاع الخاص بأن يكونوا شركاء في تحقيق التنمية المستدامة وعدم الاعتماد كليًا على الهيئات الحكوميّة في توفير فرص العمل وإنجاز المشروعات الخدميّة. وطالبوا بخلق أرضية مشتركة بين المواطن والحكومة والقطاع الخاص لتفعيل آليات المشاركة وتنظيمها بما يدفع خطط التنمية إلى الأمام ويساهم في تحقيق أهداف الخطط الخمسية للدولة على المدى البعيد.

وقال الدكتور صالح الفهدي إنّ عضو مجلس الشورى إذا كان ممثلاً لولايته التي انتخب منها فإنّ الكاتب الحصيف الذي يحملُ رسالة البناءِ، والتقويمِ، والإصلاحِ، والتقييم يمثل المجتمعَ بأكملهِ. ومن هنا تأتي المشاركةُ في التنمية طريقاً مشرعاً أسلكهُ ككاتبٍ، بل وأُسهمُ في شقّهِ، وتعبيدهِ، والمحافظة على مكتسباتهِ، وترسّم وجهته المستقبليّة. على هذا النحو تترسّخُ فكرة المشاركة في التنمية واليقينِ بالإسهام في مفاصلها المختلفة، لهذا فإنني أولاً كمواطنٍ عليَّ واجب المشاركة في كل ما من شأنهِ خدمة الوطن بأيِّ حالٍ من الأحوال كواجبٍ ليس من الكفايات بل هو من فروض العين الواجب تأديتها، ثم إنني كمهتم ومجتهد في القضايا الفكرية والثقافيّة وتعزيز ملكات الإبداع في المجتمع، فإنني أقومُ جاهداً - وفق شعور ذاتي بالمسؤولية لا طلبٍ من أحد - بالأنشطةِ، والأعمال التي تسهم في رقي الفكر، وتعزيز القيم الكريمة في المجتمع. إضافة إلى دعم الأعمال التطوعية التي من شأنها تقوية أواصر أفراد المجتمع، والسعي إلى ترصين القاعدة الاجتماعية بتوحيد الرؤى والأهداف.

وأشار الفهدي إلى أنّه في إحدى الندوات التي شاركت فيها سأله واحدٌ من الجمهور: كيف يمكنني كمواطن لا أملكُ ما تملكه المؤسسات الحكوميّة من قدرات وإمكانيات للإسهامات الوطنيّة، فرد عليه بالقول: إننا كمواطنين لا يجب أن ننتظر طلباً من الوزير الفلاني، أو المؤسسة الفلانيّة كي نقدّم إسهاماً ما لوطننا، بل إنّ واجبنا الذي تفرضه علينا المسؤولية الوطنيّة يحتّم علينا المساهمة بأيّة حالٍ من الأحوال فالطبيبُ والمهندس المدني والمراقبُ الجوي والفنّي والعامل ومعلم قيادة المركبات، والخطيبُ والكاتب والإعلامي والشاعر والفنان وكل مواطنٍ أينما كان موقعه، وكيفما كانت قدراته ومواهبه وإمكاناته عليهم واجب الإسهام في تنمية مجتمعاتهم، والرقي بأوطانهم. أمّا من يكتفي بالنقد السلبي، وتقريع هذا، ولوم ذاك، وهو جالسٌ في بقعته فذلك مواطنٌ سلبي، متواكل، يريدُ أن يحيا حياة الدعةِ والخمول والتراخي، وفي المقابل يقدحُ في نوايا المجتهدين، ويعيق جهود العاملين الذي يسعون لتقديم النفع للوطن.. مثل هذا لا يمكن أن يقال عنه أنّه يسهم في التنمية بل هو معيقٌ للتنمية بإعاقتها جهود المواطنين قولاً أو فعلا. لافتا إلى أن كل ما نقوم به نحسبهُ خالصاً لوجهِ الله خدمةً لأوطاننا، من نشرِ الكلمةِ الطيبة، وتعميم الفكرة الحسنة، ومساندة الجهود المخلصة، وتبني الأعمال الهادفة، وغير ذلك مما يصبُّ في مصلحة التنمية، ويعين المجتمع على تلمّس طريقاً مستقبلياً مشرقاً.

شراكة حتميّة

ومن جانبه، قال الدكتور محمد العريمي رئيس وكالة الأنباء العمانية إنّ الشراكة أمر ضروري في الفترة الحاليه خاصة وأنّ الدولة كانت المحرك الأساسي لكل المشاريع خلال 30 عامًا مضت، وبالتالي ما عادت الدولة قادرة على أن تكون هي المشرع والمنفذ في الوقت نفسه، لذلك فإنّ الشراكة باتت حتميّة بين المواطن والدولة لأنّ كاهل الدولة مثقل بالكثير وبذلك لن تستطيع أن تقوم بكل شيء، وكل القطاعات يجب أن تعمل جاهدة على تحقيق التنمية وبما فيها مؤسسات المجتمع المدني التي يعول عليها كثيرًا. وبعد انتخابات مجلس الشورى الأخيرة ستوجد شراكة حقيقية بين المجتمع والحكومة، ولتحقيق الشراكة على الدولة أن تؤمن بأنّ الشراكة مطلوبة على مختلف الأصعدة، وأن تكون هناك قناعة تامة بأهميّة تحقيقها والتي اعتقد أنّها توفرت على أرضية السلطنة. وفيما يتعلق بالشراكة في التنمية على الصعيد الثقافي فأعتقد أنّ الشراكة بين المثقف العماني والحكومة يجب أن تتعزز خاصة وأنّ المثقف يعد جزءًا مهما من شرائح المجتمع، والمشهد الثقافي في عمان استطاع من خلال الدولة أن يجد منابر كجمعيّة الكتاب والآدباء والنوادي الثقافية والصالونات الثقافية والمنتدى الأدبي والفعاليات الثقافية المختلفة فبذلك نستطيع القول أنّ الأرضية قد تحققت خلال 45 عامًا، ولكن المطلوب الآن أن يبرز هذا التفاعل وأن توجد القناعة في تحقيق الشراكة مع تواجد كل تلك الإمكانات، وأنّ يعمل كل فرد على تحقيق شيء لهذا الوطن الغالي.

التنمية والارتقاء بالإنسان

وقال الدكتور فاضلمحسن الأكاديمي بكلية البيان إنّ التنمية إذا كانت تعني فيما تعنيه الارتقاء بالإنسان والحياة لأي مجتمع والنهوض به نحو آفاق جديدة وتحقيق التطور المرتجى وتوفير كل ما يحقق الرفاهية للفرد والمجتمع، فإنّها لم تعد حكرًا أو واجبا تضطلع به الدولة ومؤسساتها فحسب، بل أضحت واجبًا على أفراد المجتمع، وتقع عليهم مهمة وطنية تتمثل بأداء دور فاعل في تطوير وتنويع مصادر الدخل القومي من خلال الاستثمار في المشاريع الكبرى والمشروعات المتوسطة والصغيرة وإدماجها في خطط التنمية الاقتصادية الشاملة التي تتبناها الدولة، للإسهام بشكل فعّال في تطوير الاقتصاد القومي وتوجيه مصادر التمويل نحو القطاعات المنتجة في الاقتصاد وزيادة بدائل التحرر من الاقتصاد الريعي أو الاقتصاد المعتمد على سلعة أو نشاط محدد بعينه والتوجّه نحو اقتصاد منتج فاعل متنوع المصادر.

وأضاف أنّ الشراكة الحقيقية تفرض على جميع الأطراف التزامات وواجبات محددة تسهم في تذليل المصاعب التي قد تواجه تلك الشراكة، فيقع على عاتق الدولة مهمة تطوير الآليات والتشريعات القانونيّة والتنظيميّة الخاصة بها لخلق البيئة الآمنة والمستقرة التي تتيح للاستثمار النماء والتطوّر ودفع عجلة النشاط الاقتصادي ودعم المشروعات المتنوعة. كما أنّ دراسة تجارب البلدان التي حققت نجاحات كبيرة في مجالات الشراكة التنموية وكيفية الاستفادة منها داخل السوق العمانية ورصد كافة التحديات التي تواجه قطاع الاستثمار وعرض الحلول المقترحة لحلها، إضافة إلى تفعيل دور القطاع المصرفي كممول رئيسي للإنشطة الاستثمارية. ويتوجّب على الأفراد أن يتخلوا أولا عن تحميل الدولة مسؤولية النهوض بالواقع الاقتصادي وعليهم أن يكونوا شركاء حقيقيين لها للبحث في كل السبل التي تقود إلى تنمية شاملة، كما أنّ التنمية تفرض على الأفراد أن يبدعوا ويبتكروا الأساليب التي تقودهم إلى ريادة أعمال تحقق لهم المنفعة الذاتية مثلما تسهم في تطوير الاقتصاد وتنويع مصادره. ولابد من التأكيد على ملاحظة مهمة مفادها أنّ أغلب شعوب العلم الثالث تلقي بثقلها على الدولة من أجل توفير فرص العمل وهذا يشكل واحدة من معوقات التنمية إذا ما انشغلت الدولة ووجهت مصادرها المالية نحو تلك الفرصة مما يحرم المجتمع من فرص التطور والنماء وعليه أرى أنّ خلق الوظائف هو مهمة مشتركة بين الدولة والأفراد على حد سواء وكلا حسب مساهمته في النشاط الاقتصادي.كما أنّ آفاق التعاون بين الطرفين الدولة والقطاع الخاص مفتوحة ورحبة، إذا ما حسّن استخدامها وتوجيهها الوجهة الصحيحة.

أثر التنمية المستدامة

وقال عوض باقوير رئيس جمعيّة الصحفيين إنّ الشراكة في التنمية تعني تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في خدمة أهداف التنمية المستدامة والتي تهدف إلى زيادة الأنتاجية وتشجيع المبادرات والإبداع الإنساني وخدمة كل ما ينهض بالمجتمع والمواطن بشكل عام ولعلّ مفهوم الشراكة المجتمعية أصبح عالميًا من خلال الحوار وتبادل الرأي والانسجام بين القوى الفاعلة في المجتمع علاوة على جهود السلطات التنفيذية ممثلا في الحكومة والسلطة التشريعية ممثلا في مجلس عمان والقضاء علاوة علي دور الأفراد والجماعات والجمعيات المهنية ودور المرأة والشباب وكل هذه المنظومة تلعب دورًا هامًا في إيجاد الرؤية المشتركة التي تعزز من قيم المجتمع والشراكة التي تخدم الوطن في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتنمية مهارات المواطنين وتشجيع المبادرات في مجال ريادة الأعمال والعمل الحر كل هذه الممكنات لها دور إيجابي فعّال في تواصل قوة الدفع في مجال التواصل التنموي في السلطنة حيث سجلت السلطنة موشرات جيدة في عدد من قياسات التنمية على المستوى الإقليمي والدولي من خلال خطط التنمية المتواصلة منذ فجر النهضة المباركة التي قادها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - والذي جعل الإنسان العماني هو حجر الزاوية في كل خطط التنمية وهو ما يشير إلى الاهتمام الكبير والمتواصل بالتنمية البشرية في كافة قطاعات العمل.

ثقافة المسؤولية الاجتماعية

وقال أحمد الهوتي رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة التجارة والصناعه إنّ الشراكة في التنمية تأتي من وراء مسألة بدأت تطبق على نطاق واسع وهي المسؤولية الاجتماعية، وبالتالي فإنّ أولى مراحل الشراكة من أجل التنمية تبدأ مع انتشار ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وقد بدأ هذا المفهوم بالانتشار بين الشركات في مختلف القطاعات، وهو مؤشر جيد، لافتا إلى وجود فجوة بين القطاعين الخاص والعام في تحديد مسارات التنمية لذلك لابد من وضع رؤية وأهداف تحدد دور كل طرف من الأطراف حتى يستطيع كل منها أن يقوم بدوره في مسار التنمية.

وأضاف الهوتي أنّ الشراكة بين جميع القطاعات من أجل التنمية سياسة يجري تنفيذها في كثير من الدول، لكنّه في الدول الريعية لا يمكن تطبيقه على نطاق أوسع على اعتبار أنّ الحكومة هي من يدير الأمور وبقيّة القطاعات تحصل على ما تجود به الحكومة من خدمات أو منتجات أو غيرها، أمّا في الوقت الحالي فإنّ الحكومة تحتاج إلى ذراع قوي ممثلا في القطاع الخاص ليقوم بدوره كشريك في التنمية، وهو بالطبع ما يحتاج إلى آليات وبرامج تنفيذية تناسب المرحلة.

تعليق عبر الفيس بوك