هل نحن بحاجة إلى وزارة لتطوير التعليم؟ (5-9)

نقل مسؤولية إدارة العملية التعليمية من الوزارة إلى المدرسة ومديرها

مرتضى بن حسن بن علي

5- من الأهمية القصوى لإصلاح وتطوير التعليم: الاهتمام البالغ بالمعلم والمعلمة؛ عن طريق تمهين مهنة التعليم لتصبح مهنة رفيعة المستوى تماثل المهن الرفيعة الأخرى مثل مهن الطب والهندسة والقانون...وغيرها من المهن. أوليس من حقِّ المعلم والمعلمة على المجتمع ومن حق المجتمع عليهما أن تكون المهنة من ضمن المهن الاجتماعية الرفيعة، مكانة وتقديرا واكتفاءً ماديًّا؟ إنَّ المعلم المتعلم والمثقف والممتهن والملتزم يُعتبر عنصرا بالغ الأهمية لإصلاح وتطوير النظام التعليمي، ومن دون وجود ذلك النوع من المعلم المؤهل علميا وثقافيا واجتماعيا، لن نتمكن من إصلاح وتطوير التعليم، مهما كانت المقررات جيدة. وإذا ما نجحنا في ذلك عندئذ سوف نتمكن من أن نردِّد قول الشاعر الكبير أحمد شوقي؛ ذلك القول الذي كان يردَّد على مسامعنا عندما كنا صغارا:

((قم للمعلم وفه التبجيلا...

كاد المعلم أن يكون رسولا))

6- من أجل إيجاد جيل جديد من المعلمين؛ فعلينا تركيز الاهتمام على أحسن الطلاب في امتحان الدبلوم العام، واختبار الحائزين على أعلى الدرجات ثم إجراء مقابلات شخصية مع كلِّ طالب على انفراد من قبل لجنة متخصصة، لاختبار قدراتهم الشخصية والنفسية، وعلى مدى امتلاكهم لمهارات التواصل والتخاطب والقدرة على التعامل مع الإنسان الصغير في المدرسة...وغيرها من المتطلبات الأساسية الأخرى الضرورية لقبولهم في الكلية.

7- وضع الحدود الزمنية الأدنى للدراسة الجامعية لمعلم المستقبل، ودراسة أنواع ومستويات المقررات الأكاديمية والتطبيقية التي يجب أن توفرها الكلية المتخصصة، ومن ضمن ذلك دروس في علم النفس والاجتماع. وتحديد الوسائل ومدة الخبرة العملية التي يجب أن يقضيها المعلم المتدرب، بعد تخرجهم وقبل قبولهم واعتبارهم من المهنيين المناسبين القادرين على تحمل مسؤولية التعليم بكفاءة.

8- جعل المدة الدراسية في الكلية لفترة زمنية تتراوح بين أربع سنوات وسبع سنوات، حسب مستوى المرحلة التعليمية التي ينوي الطالب الالتحاق بها (الروضة، الابتدائية، الثانوية بمراحلها المختلفة)، وبعد ذلك قضائه بعضا من الوقت في التدريب الحقلي. ومن أجل أن يكون التعلم مستمرا طيلة حياته المهنية، فمن الضروري تشجيع المعلم بالاطلاع على أحدث النظريات والتطبيقات العملية مثل الطبيب والمهندس والقانوني، وربط ترقيته على مدى تقدمه في التعلم المستمر.

9- إيجاد برنامج شامل لإعاده تعليم وتدريب جميع المعلمين الحاليين وبصورة مستمرة، وربط ترقياتهم على مدى تعلمهم واستيعابهم للبرامج المختلفة.

10- دراسة نقل جزء كبير من المسؤولية التدريسية التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم إلى المدرسة ذاتها، عن طريق رسم أهداف محددة لكل مدرسة ويتم قياسها وتقيميها بشكل منتظم، ويقوم مدير المدرسة المعنية بنشر ماتم تحقيقه من الأهداف وشرح الصعوبات والمشاكل التي واجهتها المدرسة والوسائل التي اتبعت لإيجاد الحلول ونشرها على صفحات الإنترنت، لتبادل التجارب مع المدارس الأخرى والاستفادة منها، إضافة إلى تقديم جوائز مادية ومعنوية لمديري المدارس والطاقم التعليمي للمدارس المتفوقة. كل ذلك سيساعد على إيجاد أجواء تنافس بين المديرين والطاقم التعليمي لتحسين انفسهم باستمرار من أجل الفوز بالجوائز المقدمة.

11- من أجل منح أهمية ودور أكبر للمدرسة، فعلينا تركيز الاهتمام على مدير المدرسة وإعطائه صلاحيات كبيرة ومرونة كافية لاختيار المدرسين والموظفين الإداريين في المدرسة، وترقيتهم أو توقيفهم عن العمل، من أجل تحقيق الأهداف المرسومة للمدرسة.

12- من أجل إعطاء أهمية أكبر للمدرسة ومديرها، فمن الضروري أن يكون المدير متميزا في مجال الإدارة وخريجا من الكليات الإدارية، وله سجل واضح من النجاح في الأعمال الإدارية، وليس بالضرورة أن يكون من الكادر الوظيفي لوزارة التربية والتعليم، واعتبار المدير التربوي المراد به إدارة دفة العملية التعليمة والتربوية في المدرسة، مسؤولا ويكون له دور أساسي للتغيير الإيجابي وإحداث نقلة نوعية متميزة في إدارة المدرسة.

13- يتم تعيين مدير المدرسة بصورة مستقلة من خلال عقد عمل مستقل، وبعد إجراء سلسة من المقابلات الشخصية لاختيار الأفضل، ومن خلال لجنة يترأسها مدير المنطقة التعليمية الموجودة فيها المدرسة، وتوضح له بطريقة واضحة المهام المناطة به، وتوسيع صلاحياته بطريقة متوازنة مع إنجازاته، وبحيث يمكن أن يدير أكثر من مدرىسة واحدة. ويؤكد التربويون على أهمية دور الإدارة المدرسية في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية، وقد تنامى هذا الدور نتيجة لتطور أهداف المدرسة في النظام التعليمي المعاصر بعد ما كان يشمل فقط بتعليم المتعلمين بما تحتويه الكتب المدرسية من معارف ومعلومات محدودة واقتصار دور المعلم على الطريقة الإلقائية، ثم مطالبة الطلاب بحفظها واستظهارها دون فهم أو استيعاب.

14- إجراء مقابلات شخصية من قبل لجان متخصصة لكل المديرين الحاليين وإدخالهم في دورات تدريبية مناسبة لهم كلما كان ذلك ضروريا للتأهيل الإداري واجتيازهم بنجاح، ومكافئتهم وترقيتهم وفقا لهذه الأسس، وليس حسب المفهوم التقليدي القائم على ترقيتهم وفقا للأقدمية، وأن تكون ترقية المديرين مستقلة عن نظام الخدمة المدنية، كما ليس من الضروري أن تكون رواتبهم متساوية بل تكون منسجمة مع أدائهم وإنجازاتهم.

إنَّ تعزيز قيمة المدرسة تاتي عن طريق تطوير المناهج وتعزيز قيمة المدير والمعلم والالتزام بالمعايير العالمية في التحصيل والتطبيق سوف يؤدي إلى تعزيز الإنجازات التعليمية والاجتماعية والسلوكية لكل طالب وطالبة ولجميع الفئات.

appleorangeali@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك