ما بين المشي وسيّارة الأجرة

خلفان العاصمي

دائما ما نتحدث عن ممارسة المشي في الدول التي نسافر إليها وخاصة ذات الأجواء المعتدلة، الممارسة من أجل التنقل وليس من باب الرياضة هنا أقصد، وإن كانت الفائدة الصحية ستتحقق كون الناتج لن ينظر للسبب في ممارسة المشي، عندما نتحدث عن ذلك ونحن نمشي مسافات تقاس بما يزيد عن الكيلومتر في بلدان كل ما فيها يشجع على ذلك فيأتي التساؤل لماذا لا نمشي هذه المسافة في بلادنا؟ ولماذا نتشجع عليها هنا؟ إجابات كثيرة نطرحها ونحن نحث خطانا مشيا إلى وجهة محددة وأحيانا إلى لا وجهة، ومن ضمنها بأن الكل هنا يمشي وخاصة في المشاوير التي من الممكن الوصول إليها خلال 10 دقائق أو ما يقارب ذلك أو يزيد، وقليلون من يستقلون وسائل النقل العام أو الخاص لهكذا مشاوير، وبالتالي (المشي مع الناس عيد) ولن تحس بأنك تمارس شيئا مختلفا، ناهيك عن طبيعة الجو المعتدل الذي يشجع على المشي. وإذا ما قارنا ذلك بكيف هو الحال عندنا سنجد بأنّ المشي كوسيلة في التنقل مختف تمامًا خاصة في المدن والحواضر وإن كان يقوم به البعض في عدد من القرى بطبيعة حفاظها على المكوّن المجتمعي لها حتى الآن، ومن يمارس المشي خارج ذلك فهو للرياضة فقط ولمسافة ووقت محددين وربما رضوخا لطلب من الأطباء أو المختصين من أجل الحمية أو تدارك وضع صحي معين، فتحركاتنا مهما كانت محدودة لابد أن تكون بالسيّارة للمسجد، للسوق، وللمشاوير الأخرى وأنا هنا اتحدث عن حيز مساحي لا يتعدى الخمسة كيلومترات، ومن يستثني نفسه ويقطع بعض هذه المسافة مشيا سيجد نفسه غريبا، ويمارس نشاطا وحدويّا وربما سيتلقى بعض التعليقات، وأيضا لن يسلم من أبواق سيّارات الأجرة وقد تصل لبعض أصحاب السيارات الخاصة أن يعرضوا عليه خدمة التوصيل من باب التكافل وباعتبار ألا أحد يمشي هنا إلا إذا كان تحت ظرف معين فقد من خلاله سيارته.

وعلى الرغم من وجود ممرات للمشي والأماكن المخصصة لممارسة المشي سواء في بعض الحدائق العامة أو حتى في بعض التجمعات السكنية إلا أنها لا تنشط إلا في شهر رمضان المبارك وكأنّ المشي هو جانب من السلوك الرمضاني اليومي لدى البعض.

واستكمالا لتساؤل ماذا لو؟ والذي طرحته في مقال الأسبوع الماضي للحديث عن وسائل النقل العام كما شهدتها في العاصمة البريطانية لندن، سأتحدث عن تجربة نوع من سيارات الأجرة تدار من قبل شركة وتعمل وفق تطبيق عبر الهاتف النقال، الفكرة موجودة لدى شبابنا وأفكار شبيهة لا تقل عنها فاعلية ونجاح فكثير من المسابقات والبرامج الموجهة للمهتمين بالبرمجيات الحاسوبية تنتج لنا أفكارًا رائعة وخاصة مسابقة ساس 48 التي يتبناها مركز ساس لرواد الأعمال التابع لهيئة تقنية المعلومات، ومسابقات أخرى كمسابقة شركتي ورواد العطاء وغيرها من المسابقات ولكن أين هي من التنفيذ؟ فكم هللنا وكبرنا وباركنا هذه الأفكار وأشبعناها حديثا عبر وسائل الإعلام ولكنّها تختفي مع الوقت لأسباب عدة أهمها عدم قدرة أصحابها من الشباب ماديا على تبنيها وتحويلها لواقع يخدم فئات كثيرة من المجتمع.

التجربة اللندنية التي سأتحدث عنها عبارة عن أسطول من سيارات الأجرة يدار من قبل إحدى الشركات عبر تطبيق للهواتف الذكيّة يتميّز بسرعة الاستجابة للطلب، حيث إن انتشار سيارات الأجرة التابعة للشركة في لندن وضواحيها يجعل من السهل أن تصل إليك بسرعة فائقة في كثير من الأحيان تصل لأقل من 5 دقائق بعد الطلب والميزة الثانية هو دقة تحديد مكان تواجدك والجهة التي تنوي الذهاب إليها عبر برامج الخرائط والأحداثيات، وعند الطلب تصلك على الفور بيانات السائق ونوع السيّارة وتكلفة النقل ووقت الوصول إليك، وبالتالي إن كانت هذه الخدمة يستفيد منها بعض أصحاب الحالات الخاصة الذين يفضلونها عن وسائل النقل العام كالحافلات والقطارات والمترو إلا أنّها لو وجدت عندنا في السلطنة فستخدم الكثير من الفئات وخاصة النساء ممن لا يقدن السيّارات لسبب أو لآخر، وكذلك سيكون الحل في حالة الاحتياج لوسيلة نقل تصل إليك أينما كنت وتأخذك إلى وجهتك في وقت محدد ووفق تسعيرة تخضع للنسبة والتناسب مع وجود الخصوصيّة الكاملة في التنقل.

تعليق عبر الفيس بوك