فهد بن محمود: المتحف الوطني مفخرة ثقافية وإنجاز نوعي في مسيرة النهضة المباركة.. والحكومة تولي اهتماما بالغا بالحفاظ على التراث التليد لعمان

افتتاح المتحف الوطني على مساحة 13 ألف متر مربع.. ومرافق متنوّعة مصممة بأعلى معايير الجودة والتقنية

هيثم بن طارق: منظومة المتاحف الوطنيّة ركيزة أساسيّة في صرح الثقافة الشامخ

الحراصي: المتحف الموطني مرآة جلية للتاريخ العماني التليد

المحرزي: المتحف الوطني رافد مهم للقطاع السياحي وصرح معماري بارز

الرؤية- مدرين المكتومية

رعى صاحب السمو السيّد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، افتتاح المتحف الوطني، تزامنًا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد.

وأنشئ المتحف الوطني ليكون مشروعًا حيوياً يتولّى مسؤولية الحفاظ على مكنونات التراث العماني والمقتنيات الماديّة والمعنويّة، المشكلة لتاريخ وثقافة وفنون السلطنة، في كافة صورها وتجليّاتها، وبالشكل الذي يبرز الأبعاد الحضاريّة والتاريخيّة والثقافية لعمان.

وأكد صاحب السمو السيّد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء أنّ المتحف الوطني يعد مفخرة وطنيّة، وأحد الإنجازات البارزة في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- في إطار الاهتمام السامي الواضح والكبير بالتاريخ والتراث والثقافة.

وقال سموه- في تصريح صحفي عقب رعاية افتتاح المتحف بمسقط - إنّ هذا المتحف يحمل رسالة بالغة الأهميّة وهي بناء أجيال قادرة على الحفاظ على ما حققه كل عماني على هذه الأرض منذ فترة الأجداد والآباء، فهناك كنز من التاريخ والثقافة، وواجب علينا نقلها إلى أبنائنا، باعتبارها السند الكبير في عالمنا لكل مواطن في التعاطي مع كل ما يهم حياته في هذا البلد.

وأضاف سموه أنّ المتحف الوطني هو المتحف الرئيسي في السلطنة الآن، معربا عن أمله في أن يتم إنشاء متاحف أخرى في مختلف المحافظات، مشيرا إلى أن هناك أجزاء من التراث تتميز بها كل محافظة من محافظات السلطنة. وأوضح سموه أنّ التواصل مع العالم أمر غاية في الأهميّة، مشيرا إلى أنّ السلطنة قطعت شوطًا كبيرًا في هذا الجانب، كما أنّ هناك جهود تبذل لإيصال هذه الثقافة وهذا التراث وهذا الإنجاز الذي تحقق على أرض عمان الطيبة إلى كل دول العالم، إذ ينبغي أن يتعرّف العالم على عمان وإرثها وتاريخها. وأشار صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد إلى أنّ عمان أنجبت علماء ومفكرين وأدباء وكان لهم باع كبير في شتى ميادين العلم والمعرفة، سواء في الفقه أو العلوم الإسلاميةأاو في الأدب أو الشعر، فعمان غنيّة بالكثير من الجوانب التي تمنح الأنسان على هذه الأرض الفخر بأنّه عماني وينتمي إلى هذه الأرض الطيبة.

وسجّل صاحب السمو السيّد فهد بن محمود آل سعيد، كلمة في سجل الزيارات الرسمية للمتحف الوطني خلال رعايته الحفل؛ حيث كتب: "... إنّ حاضر عمان المُشرق موصول بماضيه العريق الذي شهد دورها الرائد في نشر العلم والمعرفة ومد جسور التواصل مع كافة الحضارات الإنسانيّة.. وإنّه ليشرّفني رعاية افتتاح متحف عمان الوطني الذي يجسّد اهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - أبقاه الله - بإبراز معالم الحضارة العمانيّة وتراثها الخالد الذي خلفه الأجداد عبر حقب التاريخ المُتعاقبة وقد توجت تلك المرحلة بما تحقق لعمان في نهضتها الحديثة بفضل قيادة جلالته المستنيرة".

وأضاف سموه: "إنّ هذا الصرح الثقافي سوف يساهم وبشكل فعّال في نشر المزيد من المعرفة بتاريخ هذا البلد، ونهضته الشاملة، وإنه ليتوجب توجيه الشكر والتقدير لصاحب السمو السيّد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة والمسؤولين في الوزارة وأعضاء مجلس الأمناء ولكافة المواطنين الكرام الذين ساهموا بمقتنياتهم الأثريّة للمتحف من أجل استكمال هذا الإنجاز.. داعين المولى عزّ وجل أن يوفق الجميع لما فيه خدمة هذا البلد العريق ورفعة شأنه والله وليّ التوفيق".

المتاحف الوطنية

من جهته، أكّد صاحب السمو السيّد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة أنّ المتاحف الوطنية تمثل ركائز الثقافة، مشيرا إلى أنّ هذا المتحف يضم في جوانبه محتويات ومكونات الثقافة العمانية، كما أنّه سيكون وجهة سياحيّة ومعرفيّة لجميع الزوار من داخل السلطنة وخارجها. وأوضح سموه أنّ السلطنة تمتلك برنامجًا طموحا للتوسّع في إنشاء المتاحف، مشيرا إلى أنه من المؤمل أن يتم الانتهاء من مشروع متحف التاريخ الطبيعي وكذلك المتحف البحري في ولاية صور في أقرب وقت ممكن.

وفيما يخص استضافة المتحف الوطني لقطع أثرية من خارج السلطنة، ذكر سموه أنّ هناك بالفعل قطعا معروضة في المتحف على سبيل الاستعارة من المتاحف البريطانية، وقد وقعت السلطنة جملة من الاتفاقيات في هذا الصدد، وفق برنامج التبادل الأثري.

وأضاف سموه أنّ مشروع المجمع الثقافي تم إيقاف المناقصة الخاصة به رغم الانتهاء من كل الجوانب المتعلقة به، مشيرا إلى أن التوقف جاء نتيجة للظروف المالية الحالية.

وردا على سؤال موجه من "الرؤية" حول مكتبة الطفل بالقرم، قال سموه إنّ المكتبة جاهزة، موضحا أنّها تعد مكتبة أهلية غير تابعة للوزارة، موجها الشكر إلى المتبرع ببنائها وهي مؤسسة سعود بهوان الخيريّة.

وردًا على ما يُثار من قيام دول أخرى بنسب التراث العماني لها، أوضح سموه أنّ التراث العماني وتاريخ السلطنة لا يمكن أن ينسب إلى أي دولة أخرى، فلا أحد يستطيع سرقة التاريخ أو نسب الموروث العماني لنفسه، إذ أنّ هذا التاريخ والموروث العماني التليد موثق ومدون بأنّه نابع من الثقافة العمانيّة ويعكس الحضارة العمانية على امتداد تاريخها الحافل.

حدث وطني

من جانبه، أكّد معالي عبدالله الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أنّ افتتاح المتحف الوطني العماني حدث وطني بامتياز، ويسجّل علامة مميزة في مسيرة النهضة الحديثة لعمان، كما يعكس تراث عمان وتاريخها العريق ونشاط العمانيين في هذا التاريخ، وارتباطهم بالبيئات التي عاشوا فيها، سواء البيئة الجبلية والرمليّة والبحرية وسعيهم لاستغلال موارد هذه البيئات في سبيل تطوير حياتهم وتواصلهم مع العالم.

وقال إنّ المتحف يضم بين جنباته العديد من القطع التاريخية، مثل الأسلحة القديمة والأدوات المنزلية والمقتنيات النادرة، علاوة على مخطوطات تبرز أنشطة العمانيين في تلقي المعرفة ودورهم في صناعة هذه المعرفة. وأضاف معاليه أنّ المتحف كذلك يضم آثارًا وشواهد من التاريخ الإسلامي في عمان، والتي تعكس عراقة الإنسان العماني وإسهاماته المميزة في تحقيق نقلة نوعية لهذه الحضارة التي نقلت إلى العالم الكثير من المعارف والعلوم. وشدد الحراصي على ضرورة أن يتقدم العمانيون في الوقت الحالي إلى الأمام وأن يواصلوا مسيرة البناء والعمران، انطلاقا من عراقة ومجد هذا الماضي ونظرتنا لأجدادنا وأسلافنا العمانيين، وكيف عاشوا وتعايشوا مع بيئاتهم وذللوا الصعاب للوصول إلى الآخر وتأسيس علاقات تجارية معه، وتعزيز الوشائج الاجتماعية والروابط المعرفية والتاريخية مع هذا الآخر المغاير لنا. وأوضح أنه يتعين على كل عماني أن يوظف هذه الجوانب التاريخية لخوض غمار المستقبل بكل حيوية وقوة، فالتاريخ العماني ضارب في القدم قدم البشرية، والعمانيون ينتسبون إلى حضارات عريقة، وهو ما يفرض على كل فرد في المجتمع أن يتعاطى مع الحياة وفق ما تمليه عليه هذه الاعتبارات.

رافد سياحي

وقال معالي أحمد المحرزي وزير السياحة إنّ المتحف الوطني يمثل إنجازًا كبيرًا ليس على مستوى عمان فحسب، إنّما على المستوى العالمي، مشيرًا إلى أنّ التحضير والإعداد لهذا المتحف استغرق وقتا ودراسة تجارب الدول الأخرى المتقدمة في هذا المضمار. وأكد- في تصريح خاص لـ"الرؤية"- أنّ المتحف يمثل إنجازا على كافة المستويات، إذ تم ترتيب المقتنيات على أفضل نحو، وفق القواعد التي معمول بها في المتاحف العالمية، فيما يتعلق بالإنارة والتقسيم حسب العصور. وأشار إلى أن المتحف يقدم فكرة وافية وكافية للزائرة عن تاريخ وحضارة عمان، وهو ما من شأنه أن يسهم في تعزيز القطاع السياحي، باعتباره وجهة سياحية بامتياز قادرة على استقطاب الزائرين من داخل وخارج السلطنة. وأوضح المحرزي أن الترويج للثقافة العمانية جزء من الخطط السياحية، إذ أنّ السياحة المتكاملة تضم في جنباتها الفنادق والمنشآت الترفيهية وكذلك المتاحف.

فيما أكّد سعادة سالم المحروقي وكيل وزارة التراث والثقافة لشؤون التراث في تصريحات لـ"الرؤية" أنّ افتتاح المتحف الوطني مناسبة يعتز فيها كل مواطن على هذه الأرض الطيبة، مشيرا إلى أنّ أعضاء فريق عمل المتحف في وزارة التراث والثقافة بقيادة صاحب السمو السيد الوزير، عمل طوال السنوات الماضية لإنجاز هذا المشروع البارز على الصعيد التراثي والثقافي والسياحي. وقال إنّ المتحف يمثل إضافة نوعية إلى منظومة متاحف الوزارة، من حيث حجمه ومقتنياته وتوظيفه لأنظمة العرض والتفسير الحديثة، وتنوع طريقة العرض، علاوة على ما يحتويه من مرافق للتعليم والترميم والصيانة للمقتنيات.

وشدد على أن تنفيذ هذا المشروع خلال السنوات الماضية أكسب فريق العمل الخبرة والمهارات اللازمة لتنفيذ المشاريع المتحفية مستقبلا، ومنها متحف التاريخ البحري الذي يجري العمل فيه حاليا. وأشار إلى أن المتحف من الناحية السياحية، يحتل مكانة مميزة، إذ يمثل وقوعه في مدينة مسقط التاريخية، نقطة مهمة للسائحين، حيث سيتم تقديم المتحف باعتباره محطة أساسية لزيارات السياحية، خاصة وأنّه يقع بالقرب من المتاحف العامة والخاصة مثل المتحف العماني الفرنسي ومتحف المدرسة السعيدية ومتحف بيت الزبير.

وقال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إن افتتاح المتحف الوطني يعد إنجازًا حضاريًا، وواحدا من مفاخر إنجازات النهضة المباركة في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-. وأضاف أنّ المتحف يحتوي على مختلف الجوانب الحضاريّة والتاريخية لعمان منذ عصور ما قبل الميلاد، ومن خلال الحقب الزمنية المختلفة إلى عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم- أعزه الله- كما أنّ المتحف بمثابة بوابة يطلع من خلالها المواطن والمقيم والزائر للسلطنة على حضارة وتاريخ عمان التليد، كما يحقق إضافة قيمة ومهمة للإنجازات الحضارية للسلطنة.

صناعة المتاحف

وفي بداية حفل الافتتاح، ألقى جمال بن حسن الموسوي المكلف بأعمال مدير عام المتحف الوطني كلمة بمناسبة الافتتاح، قال فيها: "نحن إذ نحتفل بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد لنهضة عمان المباركة، بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه-، نتوجه إلى سموكم الكريم بالشكر على رعايتكم لهذا الحفل؛ إيذانا بدخول المتحف الوطني مرحلته الجديدة، كما أود التوجه بالثناء إلى مجلس أمناء المتحف الوطني، وفي مقدمتهم صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد، رئيس المجلس الموقر، على الجهود الجبارة المبذولة من قبلهم، وكذلك من أصحاب السعادة، وجميع المسؤولين والعاملين بوزارة التراث والثقافة، وزملائي وزميلاتي بالمتحف الوطني، ومؤسسات الدولة المختلفة، والقائمين على المشروع من مقاولين، واستشاريين، وخبراء، ومديرين، وفنيين، طوال السنوات الماضية؛ لجعل مشروع إنشاء المتحف الوطني تتجسد واقعا ملموسا، نعايشه من خلال حفل افتتاحنا الرسمي هذا".

وأضاف الموسوي أنه بموجب المرسوم السلطاني رقم (62/2013) الصادر بتاريخ (16 من محرم سنة 1435هـ)، الموافق (20 من نوفمبر سنة 2013)، أصبح للمتحف الوطني الشخصية الاعتبارية؛ بما يتوافق، والتجارب والمعايير العالمية المتعارف عليها في تصنيف المتاحف العريقة. وتابع أن هذا المتحف يهدف إلى تحقيق رسالته التعليمية والثقافية والإنسانية من خلال ترسيخ القيم العمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء، والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن والمقيم والزائر، من أجل عمان وتاريخها وتراثها وثقافتها، وتنمية قدراتهم الإبداعية والفكرية، لاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد والمقتنيات، وإبراز الأبعاد الحضارية لعمان، وتوظيف واعتماد أفضل الممارسات، والمعايير المتبعة في مجالات العلوم المتحفية، وتقديم الرؤية، والقيادة للصناعة المتحفية بالسلطنة. وأشار إلى أن كل ذلك يتجسد في امتداد تجربة العرض المتحفي على 15 قاعة، تتضمن 6000 من اللقى المميزة، والمنتقاة بعناية، و43 منظومة عرض تفاعلي، موضحا أن المتحف الوطني يعد أول متحف بالسلطنة يتضمن مركزا للتعلم، مجهزا وفق أعلى المقاييس الدولية، كما يعد أول متحف بالسلطنة يتضمن مرافق للحفظ والصون الوقائي، ومختبرات مجهزة تجهيزا كاملا، إلى جانب أنه أول متحف بالسلطنة يتضمن قاعة عرض صوتية ومرئية بتقنية "UHD" وهو أول متحف بالشرق الأوسط يوظف منظومة "برايل" باللغة العربية، كما أنّه أول متحف في الشرق الأوسط يوظف منظومة المخازن المفتوحة.

ومضى الموسوي قائلا إن حفل الافتتاح الرسمي للمتحف الوطني يأتي إيذانا بدخول المتحف إلى مرحلة التشغيل الفعلي لاستقبال الزيارات الرسمية والمنظمة، على أن يفتتح المتحف أبوابه للزوار مطلع العام المقبل.

محتويات المتحف

وتبلغ مساحة المتحف الإنشائية 700ر13 ألف متر مربع منها أربعة آلاف متر خصصت لقاعات العرض الثابت وعددها 15 قاعة متحفية منها قاعة الأرض والإنسان وقاعة التاريخ البحري وقاعة السلاح وقاعة المنجز الحضاري وقاعة الأفلاج وقاعة العملات وقاعة ما قبل التاريخ والعصور القديمة وقاعة عمان والعالم الخارجي وقاعة عظمة الإسلام وقاعة عصر النهضة إلى جانب قاعة مخصصة للمعارض المؤقتة تم تصميمها وفق الضوابط والمعايير المتبعة عالميا لهذا النوع من المنشآت. ويحتوي المتحف على أكثر من 7000 مقتنى متوزعة على قاعات العرض الثابت. ويطبق المتحف منظومة المخازن المفتوحة والتي تتيح للزائر التعامل مع القطع المتحفية بشكل مباشر تحت إشراف خبير متخصص. أمّا بقية القاعات فإنها ستمكن الزائر من التفاعل مع مقتنيات تم ترميمها وتأهيلها وعرضها وإبرازها بشكل متكامل.

وذكرت وزارة التراث أنّه تمّ تصميم المتحف معماريا من قبل أحد بيوت الخبرة العالمية، ليأتي تتويجًا لسلسلة من المشاريع المتحفية التي تشرف عليها وزارة التراث والثقافة، وليكون نافذة متحفية حديثة الطراز، تنفتح على المشهد التاريخي والثقافي لعمان، شيد المتحف في مدينة مسقط، قريبا من قصر العلم العامر، ليكون متآلفا مع ما يحيط به من مقومات سياحية وثقافية وتاريخية، وعلى مساحة تصل إلى 25 ألف متر مربع.

ويهدف إنشاء المتحف الوطني إلى أن يكون مشروعا حيويًا، مهمته الحفاظ على مكنونات التراث العماني، والمقتنيات المادية والمعنوية المكونة لتاريخ وثقافة وفنون عمان بكافة تجلياتها، وبالشكل الذي يبرز الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية لعمان، من خلال توظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات الإدارة المتحفية، وإدارة المقتنيات، والعرض والمعروضات والمعارض، والأنشطة الخاصة، وخدمات الزوار، والتربية المتحفية، والبحوث والإصدارات، والعلاقات العامة، والتسويق وممارساته، ونظم الأمن المتحفي. وتبلغ مساحة المتحف الإنشائية 13 ألف متر مربع، منها أربعة آلاف متر خصصت لقاعات العرض الثابت، وعددها 13 قاعة متحفية، ومنها قاعة الأرض والإنسان، وقاعة التاريخ البحري، وقاعة السلاح، وقاعة المنجز الحضاري، وقاعة الأفلاج، وقاعة العملات، وقاعة ما قبل التاريخ والعصور القديمة، وقاعة عمان والعالم الخارجي، وقاعة عظمة الإسلام، وقاعة عصر النهضة، إلى جانب وجود قاعة مخصصة للمعارض المؤقتة، تم تصميمها وفق الضوابط والمعايير المتبعة عالميا لهذا النوع من المنشآت.

ويحتضن المتحف قاعة المقتنيات، تتيح للزائر التعامل مع القطع المتحفية بشكل مباشر، تحت إشراف خبير متخصص. وبقية القاعات التي سيشاهدها الزاهر، تمكنه من التفاعل مع مقتنيات تم ترميمها وتأهيلها وعرضها وإبرازها بشكل متكامل. ويحتوي المتحف على مركز تعليمي، وقاعة محاضرات مجهزة تجهيزا متكاملا، وشاملة لمنظومات لذوي الاحتياجات الخاصة، وللطلبة من مختلف الفئات العمرية، كما يضم المتحف مركزا للحفظ والصون، وهو الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، ومرافق تخصصية لدعم برنامج إدارة المقتنيات، من مخازن وورش عمل ومعامل، علاوة على الجانب الخدمي المتمثل في إنشاء مطعم ومقهى ومحل هدايا تذكارية.

مستوى عالمي

ويضم المتحف صناديق عرض تم تصميمها بمعايير علمية دقيقة، وفق ما يتم تطبيقه في مجموعة من المتاحف العالمية الرائدة، ولم يسبق أن تم التعامل مع مثل هذه المستويات على مستوى السلطنة، لتحدث بذلك نقلة نوعية في طريقة العرض والتعامل مع المقتنيات. وبرؤية تكنولوجية متطورة، فإن المتحف الوطني يحتضن أكبر صناديق العرض على مستوى العالم، إلى جانب ذلك يتميز المتحف بسلسلة من الإجراءات المرتبطة بالتفسير المتحفي، باعتباره مؤسسة تقدم رسالة ثقافية لكافة شرائح المجتمع، لذلك تم التركيز على تطوير منظومة تفاعلية متكاملة، لا تقتصر على البطاقات التعريفية لكل قطعة أثرية أو لكل قسم من أقسام المتحف، بل تتخطاها لتشمل مسارا خاصا للمكفوفين، مع توظيف رموز لغة "برايل" بالعربية، وتوظيف العرض المكشوف، بحيث يمكن التفاعل مع المقتنيات بشكل حسي مباشر، وهذا يتيح سقفا أوسع لعموم الزوار للتفاعل مع القطع بشكل أكبر، خاصة وأن الركيزة الأساسية في منظومة ثقافتنا المحلية والعربية تتمثل في حب التفاعل مع الأشياء بشكل مباشر، بحيث نلمس الأشياء ونتحسسها.

العرض السينمائي

ولضمان تفاعل الأسر والأطفال مع مرافق المتحف، تم تخصيص مجموعة من القاعات، تتيح لهم ممارسة عدد من التمارين والألعاب التثقيفية، كما سيحتضن المتحف سلسلة واسعة ومتنوعة من منظومات التفسير الرقمي، ومنها شاشات العرض التلفزيوني، وشاشات العرض التفاعلي، والمنظومات السمعية التي ستوظف في الجانب المرتبط بإبراز التراث المعنوي غير المادي.

وبالإضافة إلى منظومات التفسير المذكورة ستكون هناك قاعة سينمائية توظف التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لعرض الأفلام الوثائقية ذات المدلول الثقافي الغزير، وهي مخصصة للزوار الذين ليس لديهم متسع من الوقت للتطواف على قاعات العرض وأقسامها المختلفة. ويضم المتحف ما يزيد عن خمسة آلاف قطعة أثرية، تؤرخ لمختلف الحقب التاريخية لعمان، منذ بداية الاستيطان البشري وحتى الوقت الحاضر، من خلال برنامج منهجي ومتكامل للحفظ والصون. وقد وقعت الوزارة مذكرة التفاهم للتعاون مع مؤسسة" كالوست جولبكيان"، وهي مؤسسة عريقة ومقرها البرتغال، ففي المرحلة الأولى من خطة التعاون دعي فريق من المختصين لدراسة ما يقرب من ألفي مقتنى، لتحديد حالتها المادية، تمهيدا لوضع برنامج عملي لتأهيل المقتنيات، يبدأ في بداية العام القادم، كما تقوم المؤسسة بإجراء الدراسات المختبرية لنوعية التربة ومواد البناء، لتحديد برنامج لإدارة مخاطر المقتنيات، إضافة إلى قيامها بوضع معايير دقيقة للعوامل البيئية المطلوب توافرها في صناديق العرض وقاعات العرض من جانب آخر فإن جزءا أساسيا من بنية المتحف الوطني صممت بحيث تتعامل مع مختلف الحالات والفئات العمرية، وتخدم فئات الزوار، ومنهم الذين لديهم وقت قصير لتقضيته في المتحف، فإن بإمكانهم أن يتخذوا إحدى المسارات المخصصة لهذا الغرض، بحيث يستطيعون تكوين صورة عامة، تتناول مجمل تاريخ عمان بأبعاده المختلفة، إلى جانب هذا هناك قاعة العرض السينمائي، تعرض فيلما سينمائيا تتراوح مدته بين 12 دقيقة وربع ساعة، يتناول مجمل التاريخ العماني بالتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد.

قلاع وحصون

ويمكن لزائر المتحف التجول في مختلف مرافقه المرتبطة بمؤسسات أخرى، كقاعة التاريخ البحري المرتبطة بإحدى المدن البحرية العمانية، وإذا ما أراد الاطلاع على إحدى القلاع والحصون التي تمّ تناولها في قاعة المنجز الحضاري، فإنّه يمكنه أن يذهب لزيارتها مستقبلا في مواقعها ليعيش تجربة ثقافية متكاملة. وتتواصل وزارة التراث والثقافة مع المجتمع، للحصول على مقتنيات جديدة للمتحف تحمل مدلولات تاريخيّة وجماليّة متميّزة، وإثراء المتحف بشواهد مادية ذات الصلة بعمان، حيث فتحت مجال اقتناء تلك المشاهد، بطرق البيع أو الإعارة، لتكون لضمن مقتنيات المتحف المعروضة، تشمل كل ما له علاقة بالصناعات الحرفية التقليدية المتميزة بمختلف أشكالها، والصور الفوتوغرافية القديمة والنادرة، والأصول من المخطوطات والوثائق والمراسلات القديمة، وأدوات الملاحة التقليدية، وسجلات الرحمانيات، وسجلات ودفاتر الأفلاج، والأدوات القديمة المستعملة، في شق وصيانة الأفلاج العمانية، والعملات الورقية، والمسكوكات المتداولة قديما في عمان، والطوابع البريدية النادرة، والأعمال الفنية التشكيلية للرواد العمانيين، وأيّة معثورات أثرية.

تعليق عبر الفيس بوك