سوريا: مقتل 62 في انفجارين بحمص وقصف بحلب.. وتهجير 90 عائلة تركمانية في الرقة

الخارجية الروسية تقول إن "محادثات الرياض" لم تمثل كل أطراف المعارضة السورية

بيروت - الوكالات

قال المرصدُ السوريُّ لحقوق الإنسان إنَّ انفجاريْن وقعا أمس في حي تسيطر عليه قوات الحكومة السورية بمدينة حمص؛ مما أدى لمقتل 16 شخصا على الأقل وإصابة عشرات آخرين. ويأتي الانفجاران بعد أيام من بَسْط قوات الحكومة السورية سيطرتها على مدينة حمص بغرب البلاد من خلال تنفيذ اتفاق هدنة في حي الوعر على المشارف الشمالية الغربية لمدينة حمص وهو آخر معقل للمعارضة بالمدينة.

وتضمَّن اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة المحلية وجماعات المعارضة تحت إشراف الأمم المتحدة انسحاب مقاتلي الجماعات المسلحة المعارضة والمدنيين من الوعر. وقال المرصد -ومقره بريطانيا- إنَّ الأمم المتحدة أشرفت على عملية إدخال مواد غذائية وطبية إلى حي الوعر يوم الخميس الماضي في إشارة إلى بدء تنفيذ بنود الاتفاق المحلي الثاني من نوعه في الأشهر الأخيرة.

وقال المرصد -الذي يُتابع تطوُّرات الحرب في سوريا على أرض الواقع- إنَّ مركبة ملغومة انفجرت قرب مستشفى في حي الزهراء الذي تقطنه أغلبية من الطائفة العلوية بشرق مدينة حمص.. وقالت وسائل إعلام رسمية إن الانفجار الثاني -الذي كان يعتقد في بادئ الأمر أنه ناجم عن قنبلة- يبدو أنه نتج عن انفجار أسطوانة غاز؛ مما أدى لإصابة أشخاص كانوا قد هرعوا لإنقاذ ضحايا الهجوم الأول في الحي الكثيف السكان.

وفي وقت سابق، وصف التليفزيون السوري الهجوم على حي الزهراء بأنه "تفجير إرهابي" فيما قالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن المركبة الملغومة كانت معبأة بنحو 150 كيلوجراما من المواد الناسفة ونشرت الوكالة صورة فوتوغرافية لرجلين يحملان امرأة بعيدا عن موقع حطام محترق. وظهرت في المقاطع التي عرضها التليفزيون السوري مشاهد تضج بالفوضى وارتفعت سحابات سوداء من الدخان من حطام معدني فيما تعثر الناس وسط الحطام وهم يحاولون نقل أناس بعيدا عن موقع الانفجار.

وقتل 46 شخصاً وأصيب 65 آخرين، أمس، جراء غارات شنتها المقاتلات الروسية، وإلقاء مروحيات النظام برميلين متفجرين، على مناطق مأهولة، واقعة تحت سيطرة المعارضة وتنظيم داعش في محافظة حلب شمالي سوريا، ومدينة داريا بريف دمشق.

وأفادتْ مصادر في الدفاع الوطني في مدينتي، الأتارب ومنبج، بريف حلب، لمراسل الأناضول، أن 30 شخصاً قتلوا بينهم 15 طفلاً، وأصيب 50 آخرون، جراء قصف بالقنابل الفراغية، شنته مقاتلات روسية على منبج الواقعة شمال شرقي حلب.. وذكرت المصادر أنَّ القصف الروسي على مدينة الأتارب غربي حلب، أسفر عن مقتل 11 شخصاً وإصابة 15 آخرين. وقالت مصادر محلية، إن مروحيات النظام ألقت برميلين متفجرين، استهدفا وسط مدينة داريا غرب دمشق، وأسفرا عن مقتل 5 مدنيين.

وفي سياق متصل، أوضح عضو لجان التنسيق المحلية في سوريا يوسف بستاني -للأناضول- أنَّ مقاتلات النظام قصفت بلدات حمورية، وسقبا، وكفر بطنا، وجسرين في منطقة الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق. وأضاف بستاني إنَّ القصف خلف عشرات الإصابات معظمهم أطفال، قائلاً: "تتعرض بلدان الغوطة الشرقية إلى قصف عنيف من قبل قوات النظام، برًّا وجوًّا؛ حيث أدى القصف إلى احتراق العديد من المنازل والمحال التجاري والعربات أيضاً، فضلاً عن تدمير بعض المنازل بشكل كامل.

وبدأت روسيا في 30 سبتمبر الماضي شن غارات جوية في سوريا بدعوى محاربتها داعش، بيد أن الولايات المتحدة تصر على أن 90% من المناطق، التي استهدفتها المقاتلات الروسية، لا يوجد بها مواقع لتنظيم "داعش". وفي السياق، أجبرت قوات منظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي" (الذراع العسكري لمنظمة بي كا كا الإرهابية) السورية، قرابة 90 عائلة تركمانية على ترك منازلها في بعض القرى ببلدة تل أبيض، التابعة لمحافظة الرقة شمالي سوريا، بحسب تقارير أعدتها مصادر أمنية تركية.

وكشفت التقارير الضغوط التي تمارسها المنظمة الإرهابية ضد التركمان في سوريا، مشيرة إلى أن "حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي سيطر على مركز تل أبيض، والمناطق المحيطة بها بعد حسمه للمعارك مع تنظيم داعش، بدعم من طائرت التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، يمارس ضغوطات بحق التركمان في المنطقة كالتطهير العرقي، والتهجير".

وبحسب التقارير، فإن "المنظمة الإرهابية تتجاهل كافة التحذيرات التركية، وتواصل ممارساتها في التطهير العرقي والتهجير، مستغلة دعم الولايات المتحدة، وأحيانًا النظام السوري". وأشارت التقارير إلى "حادث تهجير عناصر منظمة حزب الاتحاد الديمقراطي أمس الأول، قرابة 90 عائلة من القاطنين في قرى حمام التركمان، والمنارة، وزيبقية، ذات الغالبية التركمانية".

وأوضحت التقارير بأنَّ "المنظمة مارست الضغوط، وهجرت 5 آلاف تركماني من سكان حمام التركمان إلى تركيا في 23 يونيو، و13 يوليو العام الجاري، إضافة إلى ممارستها القمع والاضطهاد بحق بعض التركمان الذين عادوا لاحقًا إلى تل أبيض". ويقدر عدد التركمان في سوريا بنحو 3 ملايين (بحسب أحزاب سياسية تركمانية)، وينتشرون في معظم المحافظات السورية، وعلى رأسها حلب واللاذقية والرقة وحمص ودمشق والقنيطرة (الجولان).

وقف التركمان السوريون إلى جانب المنتفضين على نظام بشار الأسد، منذ اليوم الأول للأزمة السورية عام 2011، وتعرضت مناطقهم لهجمات مسلحة من قبل القوات النظامية التابعة للجيش السوري، وغير النظامية التي تعرف بـ "الشبيحة".

إلى ذلك، تعرض التركمان في محافظة الرقة لانتهاكات جسيمة من قبل مسلحي تنظيم داعش، لاسيما سكان قرية "حمام التركمان" والقرى المحيطة بها، في الوقت الذي أشارت فيه تقارير استخباراتية تركية، في 15 يوليو الماضي، إلى أن ميليشيات(YPG) أو التي تعرف بوحدات "حماية الشعب" (امتداد لمنظمة بي كا كا الإرهابية في سوريا)، والتي تنتشر في مناطق شمالي وشمال شرقي سوريا، انتهجت سياسات "تطهير عرقي ممنهج"، ضد السكان غير الأكراد (العرب والتركمان) في مدينة "تل أبيض" بمحافظة الرقة السورية، بهدف تغيير التركيبة السكانية للمدينة. وقالت وزارة الخارجية الروسية أمس إن الاجتماع الذي عقدته جماعات سورية معارضة في الرياض يوم الخميس لم يمثل كل أطراف المعارضة في البلاد.

ومن جانبه، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، أمس الأول، أنه لن يتفاوض مع جماعات مسلحة رافضا فيما يبدو محادثات سلام تأمل روسيا والولايات المتحدة عقدها الشهر المقبل. وساعدت واشنطن في التوسط في اتفاق توصلت إليه يوم الخميس أكثر من 100 شخصية من أطراف المعارضة السورية وأكثر من عشر جماعات مسلحة من الإسلاميين إلى الجيش السوري الحر المدعوم من الغرب -لكن ليس بينها تنظيم الدولة الإسلامية- لإرسال فريق موحد للقاء الحكومة تحت إشراف الأمم المتحدة في يناير.

وتنطلق مبادرتهم من رغبة في التركيز على هزيمة عدو مشترك هو تنظيم الدولة الإسلامية الذي استولى على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق وزادت في الفترة الأخيرة عملياته ضد الغرب وروسيا. لكن الأسد قال في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية إنه لن يعقد محادثات سياسية مع أي جماعات مسلحة واتهم واشنطن وحليفتها السعودية بالرغبة في انضمام "جماعات إرهابية" للمفاوضات.

وقال الأسد إن سوريا أجرت اتصالات مع جماعات مسلحة لسبب واحد هو "التوصل إلى وضع تتخلى فيه هذه المجموعات عن سلاحها... وإما أن تنضم إلى الحكومة أو تعود إلى حياتها الطبيعية بعد منحها العفو من قبل الحكومة... هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع المجموعات المسلحة في سوريا". ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية دول معارضة للأسد في باريس غدا للإعداد لمحادثات مع روسيا ودول من الشرق الأوسط في نيويورك يوم الخميس مع التركيز بشكل خاص على محاولة تشكيل وفد للمعارضة في محادثات السلام.

تعليق عبر الفيس بوك