تحالف القفزة النوعيَّة للطاقة

علي بن كفيتان بيت سعيد

أَطْلَق بيل جيتس -مؤسس "شركة مايكروسوفت"- مبادرة تحالف القفزة النوعية للطاقة على هامش قمة الأمم المتحدة حول تغيُّر المناخ، المنعقدة في العاصمة الفرنسية باريس، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيسين الفرنسي والأمريكي ورئيس وزراء الهند.

المبادرة يستثمر فيها 30 من المديرين التنفيذيين لمجموعة من أكبر شركات العالم أموالهم في التقنيات التي من شأنها الحد من الطلب على الوقود الأحفوري ومشتقاته، المتهم الأول في تلويث الكوكب والسبب الرئيسي في رفع درجة حرارة الأرض، كما تهدفُ المبادرة إلى تحريك الطلب حول توفير مصادر الطاقة الخضراء الصديقة للبيئة.

ويَدْعَم هذا التحالف الشركات الناشئة التي تعد بتقديم طاقة موثوقة بأسعار في متناول الجميع، والتي لا تنتج انبعاثات الكربون المضرة بالبيئة، والمبادرة تعطي الأولوية لأبحاث الطاقة الخضراء المدعومة من الحكومات.

رغم أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية لم توقع على الاتفاقية ولا تزال تمثل العقبة الكأداء في إطار الدفع بالاتفاقية للأمام لحماية الكوكب، فقد ظهر الرئيس الأمريكي في المؤتمر الصحفي منتشيا بهذا التحالف، وذكر في إطار تصريحه أنَّ الأمريكيين بمختلف مشاربهم السياسية -ديمقراطيين وجمهوريين- يُرحبون بتحالف القفزة النوعية للطاقة الذي تبناه رجل الأعمال الأمريكي بل جيتس، كما كان لافتًا دعمه للهند التي لا يزال فيها 300 مليون شخص محرومون من الكهرباء مما يُوحِي برفض ضمني للتفاوض على النص الحالي للاتفاقية، والدفع بمثل هذه المبادرات لتكون البديل للاتفاقية على المدى البعيد.

مبادرة بل جيتس تدعمها 30 حكومة حتى الآن، وباتت تمثل الأمل لإنقاذ الكوكب من ظاهرة الاحتباس الحراري، ويتم الترويج لها سياسيًّا بشكل كبير؛ كونها ستوفر الطاقة النظيفة وبأقل التكاليف لجميع سكان الأرض من خلال الاستثمار في الأبحاث العلمية للطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح...وغيرها، ويضع مؤسسو هذه المبادرة سقف الخمس سنوات المقبلة لكي تؤتي أُكلها بحلول العام 2020م، مُبررين ذلك بالدعم المالي الهائل والأرضية العلمية المهيَّأة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، والتي ستشكل مهد الأبحاث العلمية في الطاقة المتجددة الداعم لهذه المبادرة.

وأوْضَحت منظمة أوكسفام البريطانية -على هامش قمة المناخ- أنَّ نصف العالم الأكثر فقراً يساهم بمعدل 10% فقط من انبعاثات الدفيئة؛ مما يعني أنَّ دول العالم الصناعية الكبري مسؤولة بشكل مباشر عن 90% من انبعثات الاحتباس الحراري مما يعطينا شعورًا بأنَّ مبادرة بل جيتس هي نوع من الإحساس بالمسؤولية عن هذه الكارثة الكونية.

لقد دأبتْ السلطنة على حضور كلِّ القمم المناخية وغيرها من اجتماعات الاتفاقيات البيئية الإطارية التابعة للأمم المتحدة الأخرى، والتي انبثقتْ من قمة الأرض في مدينة ريو البرازيلية عام 1992، والتي تحدث فيها مولانا جلالة السلطان -أبقاه الله- باسم المجموعة العربية تقديراً لدور جلالته في مجال حماية البيئة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الخطوات التي تنتهجها السلطنة في هذا المضمار؟ لا شك أنَّ الجهود موجودة، ولكنها خجولة، خاصةً في ظل تصنيف السلطنة كواحدة من أكبر الدول المهدَّدة بشدة من جراء تغير المناخ العالمي، وهذا ما كان واضحًا للعيان خلال العشر سنوات الأخيرة من حيث تعرُّض أراضي السلطنة للأعاصير المدارية والعواصف الاستوائية المتكررة.

وفي الجانب الآخر، تبيِّن الدراسات المائية في السلطنة تذبذب هطول الأمطار، وزيادة رقعة الجفاف، ونمو مضطرط لظاهرة التصحر، دون إيجاد مبادرات جادة للحد من هذه الظاهرة التي تعتبر نتاجًا للتغيُّر المناخي وسوء التخطيط لتنمية مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية المتجددة.

ربما نحن في السلطنة بحاجة أكثر لمعرفة ما هي حقوقنا من هذه الاتفاقية، وما هي الواجبات التي يجب علينا الإيفاء بها خلال السنوات الخمس المقبلة على أرض السلطنة: هل نقلل من الانبعاثات وندعم الطاقة البديلة بشكل جدي وليس بشكل بروتكولي؟ وهل نزيد من التوجه للمحافظة على الموارد الطبيعية النباتية وإيجاد إستراتيجيات قابلة للتطبيق في مكافحة التصحر والتخفيف من وطأة الجفاف في إطار ما يُعرف بإجراءات التكيف مع تغير المناخ، أم نستمر في الحضور الشرفي فقط؟

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك