خبراء ومسؤولون: مؤتمر عمان الأول للتعدين خطوة فاعلة على طريق تنظيم القطاع وتعزيز الاستثمارات

تنامي التوقعات بزيادة الطلب على صادرات السلطنة من المعادن خلال الفترة المقبلة

الرُّؤية - نجلاء عبدالعال

أجْمَع خبراء دوليون ومسؤولون على أنَّ مؤتمر عمان الأول للتعدين يُمثل خطوة فاعلة على طريق تنظيم قطاع التعدين وبدء اتخاذ الإجراءات الكفيلة بزيادة الاستثمارات، من خلال الاستفادة من هذه الثروة الوطنية المهمة.

وأُسدل الستار على المؤتمر بعد يومين من النقاشات والجلسات العملية وتبادل الخبرات ووجهات النظر حول آليات تطوير القطاع وتنميته، وقد شارك في هذا الحدث البارز 250 مشاركًا و40 محاضرا ومتحدثا، إضافة إلى أكثر من 50 عارضا، وافتتحه سعادة المهندس أحمد بن حسن الذيب وكيل وزارة التجارة والصناعة. وكان من أبرز المشاركات في المؤتمر الدراسة التي عرضها الدكتور موفق الطيب خبير التعدين بالمركز الوطني للمعادن والمساحة الجيولوجية بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي اشتملت على أبرز تطورات الصناعة المعدنية خلال السنوات الخمس الماضية من خلال دراسة أعدها لهذا الغرض. وقال الدكتور موفق الطيب إن هناك تطور ونمو أفقي ورأسي بالنسبة للمعادن، موضحا أن النمو الأفقي يعكس زيادة عدد المواد المعدنية التي انتجتها عمان، فيما يتمثل النمو الرأسي في زيادة الكميات المنتجة من المعادن وإدخال معادن جديدة مثل المنجنيز الذي بدأ انتاجه في 2011، وأيضا بداية انتاج مكورات الحديد في 2012. وبين الطيب أن هناك 4 معادن رئيسية يتم تعدينها، وتتميز بها السلطنة، وتشمل النحاس والحديد الخفيف الذي يستخدم في صناعة مواد البناء.. مشيرا إلى أنَّ عمان دولة مهمة في إنتاج الكروم، وتعد الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إنتاجه. وتابع بأنَّ السلطنة تحتل المرتبة الثانية في انتاج الجبس في المنطقة، كما تتمركز خامسا في انتاج الألمنيوم.

وعن إنتاج الذهب، أوضح أنَّ إنتاج الذهب قليل جدا لأنه ينتج كناتج ثانوي من النحاس، لكن هناك مشاريع للتنقيب عن النحاس والذهب، ومن المؤمل أن تحرز نتائج جيدة للسلطنة خلال السنوات المقبلة.

ومن منطلق الدراسة التي أجراها الخبير الدولي، أكَّد أنَّه من المتوقع أن تزيد مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي، إذ لا تزال مساهمته لا تتخطى الـ2% من الناتج المحلي الإجمالي؛ وذلك ضمن المساهمة الإجمالية لقطاع الصناعة ككل، والذي لا تزال مساهمته هو الأخر في حدود 18% بنهاية 2014. وحول مدى جدوى التوسع في التعدين في الوقت الذي يشهد تراجعا في أسعار المعادن ككل، قال الدكتور موفق الطيب: إنَّ أسعارَ المعادن بالفعل منخفضة، وليس هناك تفاؤل بأنْ تصعد أسعارها خلال 2016، وهذا يعتمد على مستوى استهلاك المعادن من قبل الصين أو الهند، لكن بالنسبة لعمان فإن المستقبل فيها للمعادن الصناعية مثل الرخام والجبس والرمال الزجاجية والحجر الجيري. وتابع بأن كلَّ هذه المعادن في وضع أفضل من المعادن الفلزية، لأن المعادن الصناعية تحتاجها المنطقة حاليا خاصة مع اقتراب استضافة قطر لكأس العالم وإكسبو دبي، وكلها تحتاج إلى مزيد من مواد البناء وتستهلك كميات كبيرة من مواد البناء والحديد والاسمنت وغيرها. وحول مدى الاقبال على الاستثمار على الصناعات المعدنية في السلطنة، قال إن الدعم الحكومي ساهم بشكل كبير في الاقبال على المشروعات التعدينية، ومع ذلك فإن القطاع الخاص مقبل بشكل جيد على التعدين، وأكبر دليل على ذلك وجود عدد كبير من الشركات العمانية التي تعمل داخل وخارج عمان.

وأكد أنَّ قطاع التعدين يمكن أن ينمو بشكل أكبر، ويضيف نسبة أكبر من النسبة الحالية إلى الناتج المحلي الإجمالي، معتبرا هذا القطاع الخيار المستقبلي لنمو الاقتصاد، وهو ما ظهر في توجهات الحكومة العمانية نحو المزيد من الاعتماد على قطاعات أخرى، تسهم في التخفيف من الاعتماد على النفط ومن بينها قطاع التعدين.

أمَّا عن أبرز التحديات التي أظهرتها دراسته لواقع التعدين في السلطنة، قال الدكتور موفق الطيب إن من أبرز هذه التحديات: تنظيم قطاع التعدين تشريعيا، وهيكلة القطاع، لتيسير عمليات الاشراف والتنظيم، مشيرا إلى ان وجود الهيئة العامة للتعدين كهيئة مستقلة في حد ذاته مؤشر جيد على التوجه الحكومي نحو تنظيم القطاع والاستفادة المخططة منه.

ومن جانبه، قال سعادة المهندس هلال بن محمد البوسعيدي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتعدين لـ"الرُّؤية": إنَّ المؤتمر يُمثل فرصة ونافذة جيدة لتبادل الخبرات والتجارب التعدينية بين الشركات العاملة في السلطنة، علاوة على تبادل الخبرات بين الشركات العمانية وتلك العاملة في دول أخرى. وأضاف البوسعيدي بأنَّ المعرض يُعدُّ كذلك فرصة للتعرف على التقنيات المختلفة من دول العالم، حتى يتعرف عليها المهتمون في عمان. وبيَّن أنَّ السلطنة شاركتْ بورقتي عمل في المؤتمر؛ الأولى تُعرِّف بالثروات المعدنية الموجودة في عمان وأنواعها، فيما أوضحت الورقة الثانية دور الهيئة العامة للتعدين منذ إنشائها في تنظيم قطاع التعدين، والإشارة إلى بعض الخطط والإجراءات التي تأمل الهيئة تنفيذها خلال المرحلة المقبلة.

وبالحديث عن قطاع التعدين ككل، قال سعادته: إنَّ الهيئة أكملتْ عامها الأول، ورغم قصر الوقت إلا أنَّ الهيئة منحت الأولوية لتنمية هذا القطاع، ومن هذه الأولويات التي نفذتها الهيئة كان مشروع "قانون"، علاوة على مشاريع أخرى خارج السلطنة. وبيَّن أنَّ هناك مشروعات قائمة حاليًا مثل الحجر الجيري والجبس، مشيرا الى ان اليوم الثاني من المؤتمر شهد تواجد متحدثين عن المشروعات الاستراتيجية التي تنوي السلطنة تنفيذها. وأوضح أنه تم التركيز على العوامل المساعدة لخدمة قطاع التعدين؛ ومنها الموانئ، إضافة إلى متحدثين من الشركات التي تقوم بالدارسات والتحليلات اللازمة للمشروعات التعدينية. وكشف عن ان الهيئة عازمة على إنشاء فروع لها في المحافظات، بجانب تأسيس جهاز تفتيش متطور والعمل على تشجيع الاستثمار، فضلا عن وضع خطة لإعادة هيكلة شاملة لقطاع التعدين وطرح مشروع قانون جديد للتعدين قريبا.

وأكد البوسعيدي أنَّ الهيئة انتهتْ بالفعل من إعداد المسودة النهائية لقانون التعدين، لافتا إلى أن هذه المسودة حاليا في طور المراجعة من قبل الجهات المختصة، آملا أن يظهر هذا القانون في 2016، لضمان تنظيم قطاع التعدين وتعزيز أدوات جذب الاستثمارات.

وتطرَّق سعادته إلى ما قامت به الهيئة من إجراءات تنظيمية للعمل في القطاع، بحيث تكون التراخيص التي أعطيت في مجال التعدين فاعلة، علاوة على مراجعة الطلبات المقدمة للاستثمار في القطاع والتي تقدر بالالاف. وقال إن الهيئة حاليا تقوم بفرز الطلبات للتعرف على الجدي منها، فضلا عن وضع قواعد بيانات وتحديثها بما يسهل تحديد مواقعها وإحداثياتها وغيره، والعمل على تطوير وتنمية الرقابة والإشراف على أنشطة التعدين والشركات العاملة بالقطاع، والرقابة على تقارير الشركات.

وأشار البوسعيدي إلى زيادة التنسيق بين الهيئة والجهات المعنية التي تشارك في منح التصاريح للأنشطة التعدينية، بحيث يتم وضع رؤية واضحة لآلية الاستفادة من هذه الثروات والنهوض بالقطاع، لتفادي الإضرار بالبيئة، وفي الوقت ذاته عدم حرمان الاقتصاد من ثروات وطنية بسبب اشتراطات من الممكن التغلب عليها أو التعامل معها بإضافة تقنيات جديدة أو اجراءات تضمن تفادي التبعات السلبية للأنشطة التعدينية.

فيما قال الدكتور سالم بن حمد البوسعيدي الرئيس التنفيذي لمكتب "أوتاد" للاستشارات الجيولوجية والبيئية: إنَّ المكتب شارك في تنظيم المؤتمر والمعرض المصاحب له باعتباره الأول في عمان الذي يستعرض أهم ما يدور في قطاع التعدين بالسلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك