التوبي: الرعاية التلطيفية جهود طبية واجتماعية ونفسية لأصحاب الأمراض المزمنة .. والمستشفى السلطاني الأول في تقديم الخدمة

مسقط - الرؤية

قال فايز بن محمد التوبي أخصائي اجتماعي في قسم التوجيه الاجتماعي بالمركز الوطني للأورام في المستشفى السُّلطاني إنّ الرعاية التلطيفية سبق جديد وخدمة فريدة من نوعها على المستوى المحلي؛ حيث تمّ العمل بها كخدمة تقدم لمرضى الأورام وتطبق لأول مرة داخل السلطنة بالمستشفى السلطاني، وتحديدًا في المركز الوطني للأورام، وسيتم العمل بها لاحقًا في الأقسام الأخرى.

ويسعى المستشفى السلطاني ممثلاً في المركز الوطني للأورام إلى التجديد والتطوير في الخدمات المُقدمة للمرضى، من حيث توفير العناية الطبية المتكاملة لهم، ومن ذلك الرعاية التلطيفية.

وأضاف أنّ العمل بالرعاية التلطيفية بدأ في 23 مارس 2014، وبلغ عدد المرضى الذي تم تحويلهم للرعاية التلطيفية خلال العام الماضي 330 مريضًا، تم تأهيلهم للعلاج ومتابعتهم وتمّ التعاون في الفترة الأخيرة بين المركز الوطني للأورام والجمعية الأهلية للسرطان لتوفير بعض الاحتياجات لهذه الفئة الخاضعة للعلاج أو الرعاية التلطيفية. وأوضح أن هذه الرعاية لاقت نجاحًا كبيرًا، كانطلاقة تتجه نحو تحقيق الأثر الإيجابي والملموس في نفسية المريض، مشيرًا إلى أنّ هناك نسبة من المرضى في مرحلة متأخرة من المرض لا يستطيع الطب حالياً أن يتعامل معهم بما يملك من أدوات العلاج، لهذا يُقرر الأطباء إيقاف علاج المريض الذي يكون الهدف من علاجه الشفاء أو التخلص من المرض، ويلجأ إلى تحويله إلى العلاج التلطيفي للتعامل مع أعراض المرض التي تشكل في تلك المرحلة الهم الأكبر للمريض وأسرته.

وقال التوبي إنّ الرعاية التلطيفية هي جهود طبية واجتماعية ونفسية مُقدمة من فريق مُتعدد الخبرات للمرضى الذين يواجهون أمراضًا مزمنة، بهدف تحسين نوعية الحياة ورفع المعاناة عنهم وعن عائلاتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجات البدنية والنفسية والاجتماعية والروحانية المقدمة للمريض والاهتمام بها ويتم متابعتهم من قبل الفريق ما بين فترة وأخرى ومساعدتهم على تخطي الصعوبات التي يواجهونها، وهي أيضاً العناية المتحدة والنشيطة للمرضى وعائلاتهم بواسطة فريق من المختصين في مرحلة يصبح فيها المرض ليس قابلاً للاستجابة للعلاج الشافي وتصبح حياة المريض المتوقعة أقل نسبيًا أو في مرحلة يحتاج فيها المريض إلى علاج الفريق المتكامل لإزالة أعراض الورم قوية التأثير أو إعادة تأهيله للعودة إلى الحياة الطبيعية.

ويتكون الفريق الذي يُقدم الرعاية التلطيفية يتكون من الطبيب والممرض والأخصائي الاجتماعي والأخصائي النفسي والصيدلي والمرشد الديني والمعالج الطبيعي، وأخصائي التغذية العلاجية.

وأوضح التوبي أنّ الرعاية التلطيفية تهدف إلى تحسين نوعية حياة المريض والتقليل من أعراض المرض؛ حيث تسعى إلى تقديم أفضل الخدمات له سواء كان داخل المستشفى أو خارج المستشفى؛ حيث يلزم المريض أحياناً في المراحل الأخيرة من العلاج منزله بجانب أسرته وأهله وأصحابه ويتم توفير كل ما يتطلبه المريض من أدوات طبية ورعاية نفسية واجتماعية في المنزل وتكون نفس الخدمات التي يتلقاها المريض داخل المستشفى ويكون متابعًا من قبل الفريق المختص بالرعاية التلطيفية حيث يكون شخصًا منتجاً في المجتمع ويستطيع حضور المناسبات مما قد لا يشغل باله بالمرض فهو بحاجة إلى مساندة من الجميع في هذه الفترة.

ويستطرد التوبي أنّ المريض الخاضع لهذه الرعاية يمر في هذه الفترة بعدة مراحل منها مراحل القلق والخوف ثم شكوك ورفض ثم تأكيد ثم تحضير، وأخيرًا قبول بعدها يتم علاج أعراض مريض العلاج التلطيفي والتي تمر بأربع مراحل الرصد والتقييم ثم التشخيص ثم السيطرة وأخيرًا المتابعة.

وأوضح أنّه في هذه الفترة يُلاحظ على المريض عدة أعراض منها صحية وجسدية ونفسية؛ حيث إنّه من الممكن أن تساهم الرعاية التلطيفية وتحل مكان بعض العقاقير الطبية للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وتساهم في علاجهم، وذلك لشعور المريض بالارتياح من الناحية النفسية مما قد يؤثر ويرفع من معنويات هذا المريض ويؤثر على ارتفاع مناعته وأيضًا يقلل من أعراض المرض لديه وكذلك تؤدي إلى زيادة معدل الحياة للمريض مقارنة مع المرضى غير المتلقين للعلاج التلطيفي.

وتابع التوبي أن البعض يرى أن الرعاية التلطيفية تقدم للمرضى الميؤس منهم أو المرضى غير المتقبلين للعلاج، لكن هذا الاعتقاد خاطئ بعض الشيء؛ حيث تقدم الرعاية التلطيفية للمرضى الذين يواجهون أمراضا مزمنة منذ بداية المرض، وتمتد هذه الرعاية لتلعب دورا محوريا خلال ظروف المرض المتقدمة.

وضرب التوبي مثلا بمريض سرطان لم يستطع تلقي العلاج بالكيماوي بسبب تردي حالته الصحية والنفسية، حتى تمّ تحويله إلى فريق الرعاية التلطيفية؛ حيث تمت السيطرة على الأعراض المصاحبة للمرض والآلام والإرهاق ورفع معنويات المريض وتوفير بعض الاحتياجات الاجتماعية والنفسية له، وتناوله الغذاء المناسب، وعاد بعدها المريض لتلقي العلاج اللازم. وأوضح بمثال آخر؛ حيث تلقى مريض سابقًا البرنامج الطبي المقرر له وأصبح المرض لا يستجيب للعقاقير الطبية مع انقطاع العلاج الكيماوي، لكن يستمر العلاج التلطيفي خلال الأيام القادمة في العيادة الخارجية من قبل فريق العلاج التلطيفي، وهذا بدوره يُتيح الفرصة للسيطرة على أعراض المرض وتقليل عدد مرات التنويم بسبب المتابعة المستمرة مما يقلل الضغط على الأسرة في المستشفى ويزيد توفرها لحين ضرورة التنويم.

وأشار التوبي إلى أنّ دور الرعاية التلطيفية لا يقتصر على علاج أعراض المرض بل يتعداه لتحسين نوعية الحياة عند المريض أيضاً سواء كان داخل المستشفى أو خارج المستشفى كبيئة المنزل أو المجتمع الذي يعيش فيه المريض ونوعية الغذاء الذي يتناسب مع مرضه كذلك توجيهه على الاهتمام بالأمور الدينية وتوطيد العلاقة الأسرية أيّ الاجتماعية في هذه الفترة حتى يتناسى المرض تدريجياً. وقال إنّه يتعين على المريض المتلقي للعلاج التلطيفي أن يساعد نفسه، وذلك من خلال التمسك بالأمل، وأن يتعلق المريض بالله عزّ وجلّ وأن يلجأ بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى وأن يصبر على مرضه ويتحمل آلامه ويتحمل علاج المرض.

وتابع أنّه ينبغي على الفريق المعالج للمريض أن يُعامله بلطف وبرفق ويجب توضيح المرض له وخطوات العلاج وتطمينه ورفع معنوياته وأيضاً الدعاء للمريض والمواساة له كقول "عافاك الله أو شفاك الله من كل شر"؛ حيث يبث هذا الكلام أو هذا الدعاء الطمأنينة في قلوب المرضى ويشعرهم بالارتياح، وكل ذلك جزء من العلاج التلطيفي.

تعليق عبر الفيس بوك