اختتام فعاليات المعرض الدوري الخامس لآثار دول مجلس التعاون بمتحف بيت الزبير

مسقط - الرؤية

اختتمت فعاليات المعرض الدوري الخامس لآثار مجلس التعاون لدول الخليج العربية في "بيت العود" بمتحف بيت الزبير والذي استضافته السلطنة ممثلة بوزارة التراث والثقافة على مدى شهر كامل خلال الفترة من 20 أكتوبر وحتى 20 نوفمبر تحت شعار "الخليج العربي: وحدة حضارية عبر العصور" .

وجاء المعرض تنفيذا لقرارات الاجتماع السادس عشر للوكلاء المسؤولين عن الآثار والمتاحف في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي استضافته متاحف قطر خلال الفترة (2-4 يونيو)، وصدرت في ختام الاجتماع مجموعة من القرارات المتعلقة بالبرامج الخليجيّة المشتركة في مجال الآثار والمتاحف، والتي بدورها تعزز العمل الخليجي المشترك في العديد من المجالات من أهمها التأكيد على إقامة المعرض الدوري المشترك في دول مجلس التعاون. ويجسد المعرض المشترك بمكوناته النموذجية محصلة لكفاءة ونجاح العديد من البرامج العلميّة على امتداد العقود الماضية نفذتها دول المجلس في مجالات الدراسات الآثارية والتاريخية المتنوعة.

وتمّ تنظيم المعرض للمرة الأولى في إمارة الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة (20 نوفمبر ـــ ديسمبر 2006)، والمعرض الثاني في الرياض بالمملكة العربية السعودية ( 24 يناير ـــ 24 مارس 2009)، وأقيمت الدورة الثالثة للمعرض في الدوحة بدولة قطر (مايو 2011)، وأقيم المعرض الرابع في المنامة بمملكة البحرين (مايو 2013).

وشهد المعرض الذي افتتح أبوابه لفترتين صباحية ومسائية بمتحف بيت الزبير زوارًا من مختلف دول العالم، وطلاب المدارس والكليات والجامعات بالسلطنة، وتعرفوا من خلال معروضاته على أهم آثار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث ضمّ المعرض أكثر من 300 قطعة أثرية مكتشفة في دول الخليج العربية من خلال إبراز خمسين قطعة أثرية وأهم المكتشفات من الدول الست، وضم المعرض بين أروقته العديد من الشواهد للأزمنة المختلفة التي تتمثل في القطع الأثرية القديمة التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والحضارات الأولى والعصر البرونزي وفترة ما قبل الإسلام والفترة الإسلامية.

وتتميز السمات الحضارية المشتركة والتنوع الثقافي بين دول مجلس التعاون منذ 6000 سنة ق.م. توثقت بعد إشراقة الإسلام فوق أرض الجزيرة العربية الذي ترتب عليه عبر قرون عديدة نموذجا فريدا وهوية مشتركة استوعبت باستمرار ثقافات متجددة من المناطق الداخلية من شبه الجزيرة العربية ومن البحر الذي مثل جسرا للتواصل الحضاري الأمر الذي نسج وحافظ على هوية مشتركة عبر التاريخ ساهمت في قيام مجلس التعاون الخليجي بمكوناته الحاضرة وتطلعاته المستقبلية.

ويتفق معظم علماء الآثار والمختصون في دراسات العصور الحجرية على أن أقدم فترة استيطانية للانسان على أرض دول الخليج العربية تعود إلى مليون سنة، اكتشفت على أرضها نماذج من أقدم المجتمعات البشرية التي استخدمت مختلف الأدوات في سياق حياة بسيطة يعتمد خلالها على الصيد وجمع القوت من خلال المواد المتاحة وصولا إلى صنع الأدوات التي تمكنه من كسب العيش والدفاع عن النفس ومن ذلك الحجر والعظم والخشب، وكان أقدرها على البقاء والديمومة تلك المصنوعة من الحجر التي تطورت عبر العصور حتى وصلت إلى مستوى من الدقة والمهارة في الصنع ونوعية الحجر المستخدم ولهذا سميت بالعصور الحجرية التي تقسم إلى أربعة أقسام هي: العصر الحجري القديم المبكر (من 1000000 - 100000 سنة قبل الآن ) واستخدم الإنسان في هذا العصر أدوات حجرية بدائية الصنع تفتقر إلى الدقة وذلك لتلبية احتياجاته المعيشية وكان يعتمد اعتمادا كاملا على ملاحقة وصيد الحيوان للاستفادة من لحمه للطعام وجلده ليقيه من تقلبات الأجواء وكذلك جمع ما يجدهمن الثمار ولم يعرف الإنسان في هذه الفترة الاستقرار وإنما كان يعيش حياة الترحال بحثا عن القوت العصر الحجري القديم الأوسط (من 100000 - 25000 سنة قبل الان) استمر الإنسان في هذا العصر في نمطه المعيشي من حيث صيد الحيوان وجمع الثمار ولكنه بدأ يطور صناعة أدواته بعد أن تعلم كيفية إعداد الصخرة وتقطيعها وفقا للحاجة.

وتعود أقدم الحضارات المكتشفة في منطقة الخليج العربي إلى الألف السادسة قبل الميلاد، تلاها قيام عدة حضارات في جميع أنحاء المنطقة كانت لها صلات حضارية بحضارات العالم القديم المجاورة في بلاد الرافدين ومصر والشام، مما جعلها تتأثر وتؤثر وبخاصة في المجالات العمرانية والعقدية.

وتعد حضارة العبيد التي تؤرخ ما بين 5000 -3400 قبل الميلاد أولى الحضارات في المنطقة والحد الفاصل بين فترة العصر الحجري الحديث والعصور التاريخية وتنتشر أثارها المادية في جميع دولا لخليج، وتلى حضارة العبيد حضارتي هيلي وأم النار وحضارة دلمون التي سادت في مناطق واسعة من دول المجلس طوال الفترة الممتدة من الألف الثالث وحتى الألف الأول قبل الميلاد.

وتؤكد الدراسات الأثرية أن حقبة الحضارات الأولى انتشرت فيها المستوطنات التي أقام فيها الإنسان بشكل دائم وطور من معرفته في الزراعة والصناعة واستخدم مادة الحجر والطين في عمارة المنازل وتتميز مستوطنات تلك الفترة بصغر حجمها وتقاربها.

وبرز العرب على مسرح الأحداث التاريخية من مطلع الألف الأول قبل الميلاد وشهدت القرون التالية نشاطات ونزاعات متشابكة كان لمنطقة الخليج فيها دور مهم إذ دخل العرب في تجارة وحروب مع جيرانهم كما يتبين من النحت الأشوري الذي يعود للعام 853 قبل الميلاد. وطوال الألف الأول قبل الميلاد توطدت العلاقات التجارية بين مناطق الشرق الادنى وشرق أفريقيا وجنوبي آسيا والخليج العربي بحكم موقعه المتوسط على الطرق التجارية المهمة ونشأت مدن في مناطق مختلفة من الخليج العربي اتخذت مواقع إستراتيجية على امتداد طرق القوافل التجارية .وواصلت ازدهارها في الفترات التي تزامن الأشوريين والبابليين والأخمينيين والبارثيين وفترة خلفاء الاسكندر المعروفة بالهلينستية.

وشهدت فترة الألف الأول قبل الميلاد ظهور الممالك العربية المبكرة مثل فيدار وأدوم ومدين في شمال شبه الجزيرة العربية ثم الممالك العربية الوسيطة والتي من أهمها كندة في وسط شبه الجزيرة العربية ولحيان ثم الأنباط في شمالها الغربي.

وخلال النصف الأول الميلادي تأثرت منطقة الخليج العربي بالصراع بين الروم والفرس للسيطرة على العالم القديم فتبدد الاستقرار النسبي الذي كانت تتمتع به. وتحولت إلى مسرح من التنافس بين القبائل فيما عرف بالعصر الجاهلي. كما ظهرت خلال تلك الفترة ممالك عربية متأخرة موالية للروم أو الفرس ويعد الغساسنة في الشمال الغربي والمناذرة في الشمال الشرقي مثالين بارزين لتلك الفترة التي سبقت مباشرة بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وظهر الإسلام في شبه الجزيرة العربية ولذا كانت دول الخليج العربي من أوائل الأقاليم التي وصل إليها الإسلام مما جعل الفترة الإسلاميّة حاضرة فيها بجميع عصورها، وتنتشر المواقع الأثرية الإسلامية في جميع دول مجلس التعاون ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مواقع الربذة ،والمابيات ، وفيد، والجار في الملكة العربية السعودية وموقعي الدريحانية وقدفع في دولة الإمارات العربية المتحدة اللذان يعودان للقرن العاشر الهجري.

كما يعد مسجد سوق الخميس أقدم بناء إسلامي في مملكة البحرين وكذلك القلعة الإسلامية التي تعود للقرن الرابع الهجري. وفي الكويت يعد موقع كاظمة من أهم المواقع الإسلامية الذي يعود إلى بداية القرن الثالث الهجري. وفي سلطنة عمان تعد صحار وبهلا والبليد من أهم المواقع الإسلامية إضافة إلى عدد كبير من القلاع والحصون المنتشرة في كل مناطق عمان. أما في دولة قطر فيعد موقع مروب الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع الهجري الموقع الإسلامي الأهم، وقد عثر فيه على مسجدين وقلعتين.

وتنوّعت المعروضات في المعرض الدوري المشترك الخامس لآثار مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتضمنت الفؤوس اليدوية ورؤوس السهام الصوانية، صنارات الصيد الصدفية، قلائد الخرز المصنوع من حجر الكلورايت والصدف والعقيق الأحمر. اضافة الى الاواني الحجرية، والجرار الفخارية، والأسلحة والأدوات البرونزية والنحاسية، المباخر الفخارية والحجرية ودلايات الذهب، فضلا عن ألواح العاج والسبائك الزجاجية والفخار المزجج وتماثيل البرونز والأختام الدلمونية والعقود المصنوعة من الصدف وخناجر من البرونز وقوارير العطر وخواتم واقراط من الذهب وعقود من الأحجار الكريمة. كما تضمن المعرض العملات الفضية والذهبية، والدراهم الفضية، وأقواس وسيوف من البرونز وغيرها من المقتنيات المميزة والمكتشفة في دول الخليج العربية. واحتوى المعرض على شاشات متنوعة تعرض الأفلام الوثائقية عن تاريخ وآثار دول مجلس التعاون.

ويأتي المعرض تجسيدا لما يمثله هذا النسيج المشترك لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من ترابط يأتي المعرض لتعزيزها في جميع المجالات، بما في ذلك الآثار والمتاحف في دول مجلس التعاون الخليجي.

تعليق عبر الفيس بوك