مسؤولية المواطن في المرحلة المقبلة

خلفان الطوقي

ونحن نحتفلُ بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا جميعا ذكرى العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد، لندعو المولى أن يعيدها على مولانا السلطان -حفظه الله ورعاه- أعواما عديدة، وأن يُنعم عليه بموفور الخير والصحة، وعلى الشعب العماني الأبي بالخير والبركات.

بعد هذه السنوات، أرى أنَّه لا يمكن لنا كمواطنين أن تكون أدوارنا التنموية تقليدية، هذه اﻷدوار التقليدية ربما كانت مقبولة في العقد الأول من السبعينيات، وعليها أن تتطوَّر مع تطوُّر اﻹنسان العماني؛ لننتقل من الأدوار التقليدية إلى اﻷدوار الابتكارية المعطاءة التي تساهم في التنمية الشاملة.

فالسلطنة مرَّت بمراحل صعبة خلال الخمسة وأربعين عاما الماضية، وبحمد الله وتوفيقه وحكمة سلطاننا الحكيم وصلنا إلى بر اﻷمان، لكنه -وكما هو معروف- التحديات هي من طبيعة الحياة، خاصة مع المعطيات والمتغيرات للحياة العصرية المتسارعة، والكل يُلاحظ هذه الأيام أنَّ هناك تحديا ومنعطفا خطيرا بانخفاض أسعار النفط وتذبدب سعر البرميل، لذلك يصبح لزاما على المواطن أن يلعب دوراً إيجابيا ولا خيار بديل عن ذلك.

فمُواطن اليوم هو مَنْ صَنْع النهضة المباركة من نتاج التنمية، وحصل على مزايا وتسهيلات كثيرة من الدولة؛ إما بوظيفة أو شهادة أو تسهيلات تجارية...أو غيرها من التسهيلات بشكل مباشر أو غير مباشر، هناك جيلٌ حصل على مزايا أكثر من غيره بناء على الظروف، وهذا طبيعي. ويبقى كلامي موجَّها لجيل حصل على مزايا كثيرة، وحان الوقت ليرد الجميل للدولة وسلطانها حُبًّا وعرفانا، وليساهم بدور فاعل في بناء الوطن لضمان استمرار التنمية لتمتد إلى الأجيال القادمة.

هناك فئة من المواطنين يتوقَّعون أنه لا دور لهم في التنمية، والدور يقع على القطاع الخاص فقط، أو أن الدور يقع على رجال أو صاحبات اﻷعمال فقط، وهذا فهم مغلوط؛ فالوطن يتسع للجميع.. والكل مدعوٌّ للمشاركة في التنمية. وتحاول أن تغير منظور تقليدي راسخ للبعض. ومن خلال هذه السطور، أبعثُ برسالة لجميع المواطنين، وأقول لهم إنَّ دورهم لا يقل أهمية عن دور الرجال أو النساء المقتدرين ماليًّا، لكن عليهم أن يجدوا ويبحثوا في أنفسهم أو في المحيط الذي يعيشون فيه عن هذه اﻷدوار اﻹيجابية.

اﻷدوار اﻹيجابية للمواطن متعددة ولا تنتهي، فإنْ كان موظفا حكوميا على سبيل المثال، فيمكنه أن يُحسن جودة الخدمات التي يقدمها للمستفيدين من هذه الخدمة، وإن كان مسؤولا فيمكنه أن يقيِّم هذه الخدمات ويسعى لسن تشريعات وقوانين متقدمة واستباقية بما تتناسب والمتغيرات العصرية؛ لخلق بيئة منافسة مع الدول اﻷخرى ومن كل النواحي، والمتعلم في مدينته أو قريته يمكنه أن يتواصل مع عضو الشورى لمنطقته ويُعِينه بما تيسر له من رأي وعلم وخبرة في مجال معين... هذه أمثلة بسيطة، يُمكن من خلالها توضيح أنَّ عطاء المواطن لا ينتهي إن أراد ذلك، ويُمكن للمواطن الذي يُؤمن بالمواطنة الصالحة اكتشاف مهاراته وقدراته وميوله للمساهمة المجتمعية لضمان استمرارية تقدم البلاد بخطى متسارعة تتواكب مع تطلعاتنا جميعا.

حبُّ الوطن لم يعد بالشعارات البراقة، ولا بالظهور اﻹعلامي أو رفع علم أومسيرات مشيًا على اﻷقدام أو السيارات، بل يجب أن يمتد بالكلمة الطيبة التي تُساهم في تعاضدنا والمحافظة على لحمتنا الوطنية، خاصة في هذه المرحلة الحرجة المليئة بالخلافات والحروب المحطية ببلادنا بلاد السلام والوئام، وتمتد أيضا باﻷفعال الملموسة والمساهمة بالفكر والعمل المخلص -كلٌّ من موقعه الرسمي وغير الرسمي- ولا عُذر مقبول بعد اليوم للمواطن القادر العاقل؛ لأنْ لا يكون جزءًا أساسيا وفعلا من منظومة العطاء وإلانتاج، معا يُمكننا أن نحول أدوارنا التقليدية إلى أدوار عصرية ابتكارية تُساهم في تقدم البلاد لينعكس القول إلى فعل في حب السلطان والسلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك