تساؤلات مواطن

أسماء القطيبي

تطالعنا الصفحات الاقتصادية في الصحف اليومية بعناوين عريضة لا يبدو أنّها سارة في ما يتعلق بالاقتصاد في البلد، فأحد هذه العناوين كان يقول بأن "وكالة موديز تغير النظرة المستقبلية لاقتصاد عمان من مستقر إلى سلبي"، وعنوان آخر يذكر بأنه تم "تخفيض تصنيف بنوك عمانية بسبب ضعف القدرة على دعم النظام المصرفي، وانخفاض أسعار النفط"، أمّا التصريحات الحكومية التي تنشر في نفس هذه الصحف فهي تؤكد أن الوضع مازال تحت السيطرة، بلغة تسعى إلى بث الاطمئنان أكثر منها إلى توضيح الصورة. وبين هذه العناوين والتصريحات يجد المواطن نفسه يتساءل عما يحدث وما سيحدث، خاصة وأن أسعار النفط، الذي هو العمود الفقري للاقتصاد العماني، ما زالت -حسب وكالات الأنباء- تواصل الانخفاض.

كواحدة من المواطنين - غير المختصين في قراءة وتحليل الأوضاع الاقتصادية- أتساءل عن خطط الحكومة لمواجهة هذه الأزمة، وعلى أي أساس يتم تحديد أولويات الإنفاق في السلطنة في هذة الفترة؟ وما هي الاجراءات الاحترازية التي تم وضعها للحد من أضرار هذا التدهور؟ ففي حين يطلب من الشعب التعاون في مثل هذه الظروف مع الحكومة، نجد في المقابل أنّ هناك إنفاقًا على أمور ليست ذات أولوية، وقد يقول قائل إنّ ميزانية كل وزارة مستقلة عن غيرها، وأنّ هناك ميزانيات تم تحديدها سابقا للصرف على مثل هذه الأمور فهي لا تدخل ضمن الحسابات وإلخ... وهنا أسأل كمواطن بسيط أيضا ألا يجب أن تتعاون المؤسسات الحكومية جميعها في محاولة لتخطي هذه الأزمة كونها حكومة بلد واحد؟ أليس من المفترض أن تستنفر الحكومة بكافة مؤسساتها من أجل حماية الاقتصاد الوطني؟ إن تحفيز المواطن على أن يتعاون مع الحكومة، ينطلق من الشعور بأن الحكومة بكافة مؤسساتها تبذل جهدا حقيقيا لتجاوز الأزمة التي تواجه اقتصاد البلاد.

إنّ تنويع مصادر الدخل أمر يتم وضعه كأول الحلول دائما، أمّا تطبيقه فما زال متعثرا حسب ما توضح نسب التقارير الحكومية. فخطط توسيع الاستثمار ما زالت لا تحقق العوائد المرجوة، مما يعني أن ثمة خللا في التخطيط والتنفيذ، كما أنّ تعقيد الإجراءات وقلة التسهيلات يجعل السلطنة وجهة غير مرغوبة للاستثمار رغم ما تتمتع به من مزايا جغرافية. أمّا بالنسبة للسياحة في البلاد وهي ورقة رابحة بلا شك فهي لا ترضي طموح المواطن فكيف بالسائح الأجنبي؟

إنّ الدماء الجديدة في القطاعات التي يعول عليها النهوض بالاقتصاد الوطني في السنوات المقبلة بإمكانها أن تقدم الحلول المرنة والعصرية، وأن تهيئ المجال لمشاركة القطاع الخاص بشكل فعال في بناء الدولة تحت إشرافها وتنظيمها إذا ما اتيحت لها الفرصة.

في ظل هذه الأزمة تبرز تساؤلات عديدة حول مستقبل التوظيف في السلطنة. خاصة في ظل توجه الحكومة إلى زيادة المبتعثين والملتحقين بمؤسسات التعليم العالي داخل السلطنة في السنوات الأخيرة. فمن المؤكد أن عدد الباحثين عن عمل سيتضاعف في السنوات القادمة بشكل كبير. فهل ستتلاشى آمال هؤلاء الشبان والشابات في الحصول على وظيفة حكومية؟ أم أنهم سيبحثون عن فرصهم في القطاع الخاص رغم أنّه القطاع غير المرغوب - كما تشير دراسة حديثة- ؟ ثم ماذا عن الأمان الوظيفي في هذه المؤسسات -خاصة النفطية منها-؟ فحادثة تسريح العاملين في بعض شركات قطاع النفط رغم أنّها تسير نحو الحل إلا أن ما من ضمان لعدم تكرارها، خاصة وأن الذريعة التي تتذرع بها هذه الشركات وهي تدني أسعار النفط ما زالت قائمة، ومحتملة الاستمرار.

إنّ المواطن البسيط محمل بالأسئلة حول مستقبله ومستقبل ابنائه، في ظل الأوضاع السياسية المقلقة المحيطة به في المنطقة، خاصة إنه ما زال يحمل ذكريات أعوام ما قبل السبعينيات حين كان الناس يضطرون لمغادرة البلد بحثا عن لقمة العيش..!

إنّ الحكومة مطالبة بالمزيد من الشفافية التي تضع المواطن في الصورة، والتحرك الجاد لوضع البدائل وتقديم الحلول، حتى يتم تجاوز الأزمة بدروسها وعبرها إلى بر الأمان.

Asmaalqutibi@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك