"الخارجية" تحتفل بالذكرى الخامسة لإبحار السفينة الشراعية "جوهرة مسقط" إلى سنغافورة

فاتك بن فهر يدشن كتابا وثائقا عن السفينة والرحلة بالتعاون مع "ناشيونال جيوجرافيك"

الرُّؤية - مدرين المكتوميَّة

احتفلتْ وزارة الخارجية، أمس، بالذكرى الخامسة لإبحار السفينة الشراعية جوهرة مسقط، بالنادي الدبلوماسي، تحت رعاية صاحب السمو السيد فاتك بن فهر بن تيمور آل سعيد، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة. بدأ الحفل بفيلم قصير استعرضَ المسيرة التي قطعتها جوهرة مسقط منذ تدشينها، وتضمَّن مراحل صناعتها وما وصلت إليه الآن، وما حققته من إنجازات.

وألقى معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية، كلمة؛ قال فيها: خمسة أعوام مرت، ولا يزال صدى الجوهرة يملأ النفوس عزا وفخرا، وهي تمثل حلقة وصل بين الأجيال، وأثرا ملموسا لتاريخ عمان التليد، وحاضرها المجيد وأملا واعدا للمستقبل. لقد شارك في بناء الجوهرة ورحلتها التاريخية مجموعة متنوعة من المهندسين والعاملين والحرفيين والمؤرِّخين والبحارة، في ملحمة تعكس عُمق وثراء علاقات السلطنة الثقافية والتاريخية مع دول الشرق. ولقد لعب المحيط الهندي دورا محوريا في تطور ورفاهية الشعوب المطلة عليه. كما أكَّدتْ التحولات التي حدثت على مدى العقود القريبة على أهميته الثقافية والاقتصادية، ومركزا للنشاط التجاري والفكر الخلاق. ومن نافلة القول أنَّ المحيط الهندي كان مهدَ العولمة منذ القدم. ومن هنا، كان التجار والعلماء العمانيون ينتقلون بين مختلف الثقافات، ويلتقون ببعضهم البعض بكل حرية. ومن هنا، تطوَّرت علاقات عمان مع سائر الثقافات واستمرت حتى يومنا هذا وستظل بمشيئة الله.

وأضاف معاليه: لذلك كان من البديهي أن يصبح هذا المحيط واحدا من أهم محاور أنشطة السياسة الخارجية العمانية في نطاق العولمة الجديدة. هذا النشاط الذي يتمثل في مواصلة روح التبادل الحر والشراكة التي سادت في عصر العولمة الأول. وتستمر اليوم هذه الأنشطة والمبادرات في توفير المناخ الذي يُعزِّز فرص التعاون الثقافي والتجاري والعلمي، وإثراء دعائم التعايش والسلام والاحترام المتبادل والوئام، وبما يدفع أشرعة الجميع برياح الأفكار المثمرة والمنافع والمصالح المشتركة. ولقد كانت سنغافورة بطبيعة الحال شريكا رائعا في هذا الصدد، ليس في مشروع جوهرة مسقط فحسب، بل في المشروع الجماعي الأكبر والمرتبط بتعظيم الاستفادة من المحيط الهندي وطريق الحرير، بالشراكة مع جمهورية الصين الشعبية والدول المطلة على خطوط الملاحة البحرية، من خلال الفرص الجديدة الواعدة والعلاقات المتجددة. ولا يفوتنا أن نعرب عن اعتزازنا العميق بهذا التعاون الإيجابي الرائع.

وأشار معاليه إلى أنَّ الجوهرة أبحرت فظلَّت رمزًا بارزًا من رموز التاريخ البحري. وكانت ألواحها وأشرعتها أمام البحار والرياح تعزف سيمفونية عنوانها "عمان والبحر". وكأن السفينة الأم التي أبحرت في القرن التاسع الميلادي ترسل نغمات الحنين والسرور إلى الجوهرة، ابتهاجا بما يقوم به طاقمها الشجاع. سبعة عشر شخصا على سفينة لا يتجاوز طولها ستين قدما، اجتازت بهم العواصف الجامحة بعناية الرحمن، ثم بشجاعتهم وصبرهم ومهاراتهم المتقنه، ذلك الطاقم الذي ظل على قلب رجل واحد في العمل المتكامل، الذي يسوده التعاون الصادق والمحبة الحقيقيه، وما أكثر القيم التي حملتها الجوهرة للأجيال الحاضرة والمقبلة. ولقد أصبحت تلك المجموعة من البحارة أسرة واحدة، تحمل رسالة حضارية عن علاقة عمان بالبحر، فالشكر بعد الله أعظمه لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي أطلق اسم جوهرة مسقط على هذه السفينة وأصدر أوامره السامية ليقوم هذا العمل الأصيل، حتى غدت الجوهرة هدية سلطانية من عمان لشعب سنغافورة الصديق.

وعن تدشين كتاب جوهرة مسقط، قال معاليه: نشكر كل من شارك في إعداده وإخراجه، وأخصُّ بالذكر الكاتبة ميجان قيرمان وأصدقاءنا في جمعية ناشيونال جيوجرافيك، ونغتنم الفرصة لنحيِّي القبطان صالح بن سعيد الجابري الذي كان كلما تأملتذكر دعاء والديه له بالتوفيق، فازداد مع زملائه نشاطا وهمَّة وشعورا بالمسؤولية مهما كان حجمها وخطورتها، كما نحيي جميع البحارة الاشاوس وطاقم الفريق العامل وجميعهم اتسموا بروح الصبر والصدق والعزم والمسؤولية الوطنية الجماعية. ودشن صاحب السمو السيد فاتك بن فهر بن تيمور آل سعيد كتاب جوهرة مسقط، وسط احتفالية رائعة.

وقدمت تيري جارسيا رئيس برامج البعثات الاستكشافية بجمعية ناشيونال جيوجرافيك، كلمة؛ قالت فيها: إنَّالجمعية الوطنية الجغرافية، تسعى لنقل كل النجاحات في المجالات العلمية للرأي العام، وأكدت أن جوهرة مسقط تمثل مشروعا استثنائيًّا في عالم الاستكشافات ليس بسبب الإنجازات التي حققتها والإنجازات التي لا تزال تحققها حتى الآن، وإنما بسبب القيم الإنسانية التي تجسدها؛ حيث إنَّ روح الجوهرة هي نفس الروح التي اهتدى بها الملاحون العرب الأوائل الذين أبحروا بكل بسالة من عمان إلى مياه لم يطأوها من قبل لفتح طرق جديدة للتجارة إلى الشرق. وتتجلَّى فيها روح المغامرة والاستكشاف والانفتاح على ثقافات مختلفة وتجارب جديدة، وتعد جوهرة مسقط مثالا ساطعا لما يمكن تحقيقه من خلال التعاون الدولي، وتفخر الجمعية الوطنية الجغرافية بمشاركتها مع حكومة سلطنة عمان في توثيق عملية بناء السفينة الرائعة والإبحار بها من عمان إلى سنغافورة.

وألقى معالي الدكتور محمد ماليكي بن عثمان كبير وزراء الدولة بوزارة الدفاع ووزارة الخارجية بالجمهورية السنغافورية، كلمة؛ قال فيها: يُسعدني أن أعود إلى عمان مجددا، ويشرفني أن أتواجد مع أصدقائي العمانيين والوفد السنغافوري للاحتفال بالذكرى الخامسة لرحلة جوهرة مسقط الرائعة من مسقط إلى سنغافورة؛ حيث غادرت جوهرة مسقط عمان منذ خمس سنوات وتحديدا في السادس عشر من فبراير 2010، وبعد قضاء 68 يوما في عرض البحردخلت الجوهرة إلى سنغافورة مظفرة في الثالث من يوليو 2010م. وحظيت جوهرة مسقط بترحيب حار من الزوارق السريعة وسط هتافات الجماهير التي احتشدت لاستقبالها لدى دخولها ميناء خليج كيبل، ولقيأفراد طاقمها ترحيبا حارا من رئيس سنغافورة في ذلك الوقت إس آر ناتان ومن ممثل حضرة صاحب الجلالة صاحب السمو السيد حارب بن ثويني آل سعيد. وأقيم احتفال رمزي لتسليم جوهرة مسقط رسميا كهدية سلطانية من سلطنة عمان إلى الشعب السنغافوري.

تعليق عبر الفيس بوك