الحرمان من الإنجاب .. الحب ينتصر في معركة البحث عن طفل

زوجان يحافظان على استمرار العلاقة الزوجية رغم رياح العقم العاتية

رصد التجربة- مدرين المكتومية

"في البداية كان حلمًا، لكنه تبخر في سماء التطلعات المستحيلة".. هكذا يمكن تلخيص مشكلة عدم الإنجاب لدى كثير من الأزواج..

(خ.ر) فتاة تبلغ من العمر 34 عامًا، تزوجت من ابن عمها، الذي يكبرها بعامين فقط، وكان زواجاً تقليديًا، وقد عاشا معًا حياة هادئة، لا يعانون المشكلات، وتكاد تخلو من الضغوط التي يعيشها الأزواج الآخرين في بعض الأحيان، فزواجهما كان مثالاً للزواج المبني على الاحترام والتقدير والطاعة.. لكن بعد مرور ما يُقارب العامين من الزواج، بدأت عائلة الزوج في التذمر نتيجة لعدم الإنجاب، لكنه كان يتحلى بالصمت ويكتم في نفسه عدم القدرة على الإنجاب من زوجته.

مرت خمس سنوات على زواجهما دون أطفال، يتحملون كل الضغوط وحديث الآخرين لهم وسؤالهم الدائم عن عدم الإنجاب،وكان الزوج يسعى جاهدا لتفادي تأثير مثل هذه الكلمات على مسامعه، كان يحاول أن يبعدها عن الضوضاء وحديث الناس، وقرر أنيخرجا من منزل العائلة ويستأجرا شقة يعيشان فيها بمفردهما. عانت (خ.ر) من هذه المشكلات، فلم تكن مثل النساء اللاتي يتحدثن عن ما يدور بدواخلهن أو عن ما يزعجها للآخرين، وتحتفظ بمشكلاتها في داخلها ما يزيد ألمها، وكانت دائمًا تصمت، وتبكي في داخلها. وبعد الانتقالإلى الشقة الجديدة، شعر الزوجأنه من الضروري أن يبدآ في الخطوة الأولى وهي الذهاب لأخصائية النساء للتأكد مما إذا كان الأمر طبيعيًا أم أن هناك علة. وبالفعل ذهبا إلى المستشفى وما كان من الطبيبة إلا أن قالت لها إنها لا تعاني من أي مشكلة في الإنجاب، وإنه يمكنها أن تنجب أطفالاً، لكن هذه الجملة كان لها وقع عنيف على الزوج، الذي تعرض لصدمة إثر ذلك، حيث ظل يتوهم أن العيب والعلة في زوجته، وأنها السبب في عدم القدرة على الإنجاب، ومع الوقت لم يعاود الحديث إليها بشأن الذهاب إلى الطبيب، وسعى جاهدا بحسب الزوجة أن يتجاهل الأمر ولا ينبس ببنت شفة.

تجارب العلاج

وبعد ذلك بشهور، ونتيجة ضغوط العائلة، قرر الزوجان السفر للخارج والذهاب إلى تايلاند لإجراء بعض الفحوصات، والتي أكدت أيضا سلامتها وقدرتها على الإنجاب، فاعتصر الألم الزوج الذي شعر بنوع من خيبة الأمل مجددا، والخجل من نفسه، وطلبت الزوجة منه أن يجري هو أيضًا هذه الاختبارات، وبالفعل وافق الزوج على إجرائها وهو يخشى أن تظهر النتائج أنه عقيم، إذ كل المؤشرات تظهر ذلك.. غير أن المفاجأة أن النتائج أظهرت أنه لا يعاني العقم، وهنا تقول الزوجة: "تنفس زوجي الصعداء وأيقن أن عدم الإنجاب قضاء من الله، فلم تكن المشكلة في عدم الإنجاب، ولكنهما كانا يخشيان حديث الناس والأقارب".

مرت السنوات وأكمل الزوجان 8 سنوات دون أطفال، لكن العلاقة بدأت في التوتر، وبدأ الزوجان يشعران بالضجر وطلبت الزوجة العودة إلى منزل أبيها، فكانت تشتاق دائماً الى رؤية الأطفال من أبناء أخوانها وأخواتها، كانت تتوق لسماع كلمة "ماما"، كانت تحلم دائما بأن تصير أماً في يوم من الأيام، لكن القدر لم يشأ حتى الآن. عاش الزوجان لحظات طويلة من الصمت الصاخب في داخل كل طرف، إلى أن جاء اليوم الذي صارحا بعضهما البعض حول رغباتهما بأن يكون لهما أطفال، وبالفعل بدأت الرحلة للحصول على طفل يبارك لهما ارتباطهما ويزيد تماسك علاقتهما.

وقرر الزوج السفر للخارج من أجل العلاج، وكانت وجهته ألمانيا، حيث أجرى العديد من الفحوصات التي أكدت أنهما على ما يرام وليسا بحاجة لأيّ علاج، ونصحهما الأطباء بعدة نصائح، لكن الحمل للأسف لم يكن يكتمل دائمًا حتى الشهر الثالث فتتعرض الزوجة للإجهاض، وقد تكرر ذلك معها في سنتين ثلاث مرات، فكلما يصل الحمل إلى الشهر الثالث تجهض دون أسباب تعلمها، حتى طلب منها الطبيب البقاء بالمستشفى من بداية الحمل، لكن لم تكن هناك جدوى، وباءت كل المحاولات بالفشل.

بعد ذلك بدا جسدها ينهك وبدأت تشعر بالتعب وعدم قدرتها على تحمل الوضع، مما اضطرها للطلب من زوجها أن تبقى مع أسرتها وأن يمارس هو حياته الطبيعية ويتزوج من أخرى ليحصل على طفل لم تستطع هي تقديمه، لكن الزوج رفض الفكرة، ولا تزال تتذكر جملته التي كان وقعها مثل الماء الدافئ الذي منحها الطمأنينة؛ إذ أخبرها بالقول: "إن لم يكن طفلي منك فلست بحاجة إلى أطفال".

ظل الحال على ذلك الوضع مستقراًلمدة سنة أخرى، إلى أن بدأت تراوده أفكار وضغوطالأهل وطلبهم منه أن يتزوج لينجب طفلا يحمل اسمه، وبالفعل بدأت الفكرة تكبر في نفسه، حتى جاء اليوم الذي طلب فيه من زوجته أن توافق على زواجه، ولأنها فضلت تفادي المشكلات، وافقت وتزوج بأخرى،وظلت معه عاماً ونصف العام دون أن تنجب أطفالاً،وهكذاظل الحال حتى شعر أنّ المشكلة الحقيقية تكمن فيه، وقررالانفصال من الزوجة الثانيةحتى لا يحرمهامنالأطفال، ومن ثم عاد لزوجته ليعيشا مع بعضهما البعض دون أطفال.

وتقول الزوجة: "أدركنا في نهاية المطاف أنّالحب والصبر كفيلان باستمرار العلاقة وتماسكها، وأن العشرة الطيبة تسهم بالقدر الكبير في حماية العلاقة الأسرية".

تعليق عبر الفيس بوك