وكيل "الخارجية" للشؤون الدبلوماسية: جلالة السلطان أرسى دعائم راسخة للسياسة الخارجية العمانية

مسقط - الرؤية

أكد سعادة أحمد بن يوسف الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية أنه منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه جلالة السـلطان قـابوس بن سـعيد المعظـم - حفظه الله ورعاه - مقاليد الحكم، وضعت السلطنة أسسًا ومرتكزات استطاعت من خلالـها الدبلوماسـية العمانية أن تحقق الكثير من الإنجازات على كافة الأصعدة.

وأضاف سعادته: اتسمت السياسـة الخارجيـة العمانيـة بمجموعـة من الصفات التي فرضتها حقائق التاريخ والجغرافيا، والإمكانات الأمنية والاقتصادية والثقافية، وقد جاءت في المجمل سياسة هادئة، ومعتدلة، ومتوازنة وحيادية، كما أنها كانت مؤثرة على المستويات: الخليجية والعربية والإقليمية والدولية وموضع احترام وتقدير من جميع دول العالم.

وقال سعادته بمناسبة انعقاد مؤتمر عمان الأول لأعمال البروتوكول والدبلوماسية الذي سيبدأ أعماله غدا الإثنين تحت رعايته بفندق كراون بلازا مسقط: إن السياسة الخارجية العمانية تقوم على المرتكزات والثوابت التالية: المصداقية والشفافية في التعاطي مع كافة القضايا الإقليمية والعربية والدولية بمختلف أنواعها، والالتزام بالموضوعية والإيجابية، وعدم الانحياز إلى أي طرف دون حق والأخذ بالحوار وأسبابه. وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو السماح بالتدخل في الشأن العماني وحل النزاعات والاختلافات بالطرق السلمية والدبلوماسية وذلك عبر تعزيز مفهوم السلام بين الشعوب، وتعزيز أهمية الحوار والمفاوضات للوصول إلى حلول للمسائل والقضايا الشائكة بعيداً عن استخدام القوة والالتزام بالأنظمة والقوانين الدولية، وما يصدر عن المنظمات الإقليمية والدولية المتخصصة في شتى المجالات والعمل على إقامة علاقات ودية وصداقة مع جميع الدول والشعوب والتعامل بشكل إيجابي مع مختلف أطراف العمل الدبلوماسي.

وأكد سعادته أن أوضح مثال على ما وصلت إليه الدبلوماسية العمانية هو دور السلطنة في الاتفاق النووي الأخير الذي وقعته الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع مجموعة (5+1) لتحقيق السلام والأمن في المنطقة، وكذلك جهودها لحل الأزمتين اليمنية والسورية.

وحول جهود وزارة الخارجية في تدريب الموظفين على مجالات الدبلوماسية قال سعادته: تولي وزارة الخارجية العمانية أهمية كبيرة لتدريب الدبلوماسيين العمانيين وتأهيلهم لتولي مختلف المناصب في الوزارة ولتمثيل السلطنة في المحافل الدولية على أفضل وجه لمواجهة العديد من القضايا الدبلوماسية المعقدة والمتشابكة في ظل التغييرات الدولية المتلاحقة وابتكار الحلول المناسبة لها. وأضاف سعادة وكيل الشؤون الدبلوماسية: ولتحقيق هذا الهدف، أنشئ المعهد الدبلوماسي العماني بتوجيهات سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد وتم افتتاحه رسميا في 13 نوفمبر 1991م، ويهدف إلى تمكين الدبلوماسيين العمانيين من الاطلاع المستمر على التطورات الدولية وتشجيع الخبراء والباحثين العمانيين على معالجة مختلف الموضوعات الدبلوماسية والدولية وفق أصول البحث العلمي ومناهجه، كما يستقبل المعهد موظفي الجهات الحكومية ذات الصلة بالعمل الدبلوماسي حيث يتم تنظيم دورات داخلية وخارجية تخصصية وأكاديمية لتطوير قدراتهم لتلبية متطلبات العمل الدبلوماسي في كافة جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية وغيرها.

وأشار سعادته إلى أن الدراسة بالمعهد تعتمد على الدمج بين الطابع المهني والطابع الأكاديمي، وتنقسم نشاطاته إلى دورات عامة ودورات تخصصية ومحاضرات وحلقات عمل دراسية، وتنظم عدة دورات تخصصية سنويًا تتطرق إلى المواضيع التي يرى المعهد ضرورة إلمام الموظف بها بصورة معمقة، كما ينظم المعهد دورات سنوية للدبلوماسيين المنقولين إلى بعثات السلطنة، بالإضافة إلى تنظيم دورة مخصصة لزوجاتهم لتعريفهن بأسس وتوجهات السياسة الخارجية العمانية مع التطرق لقواعد الحياة الدبلوماسية وآدابها، وحرصا منه على تهيئة موظفي وزارة الخارجية الجدد يقوم المعهد بتنظيم دورة دبلوماسية للتعريف بمرتكزات سياسة السلطنة الخارجية والسياسات الدولية بالإضافة إلى أسلوب عمل المؤسسات الحكومية، أما عن الشروط الواجب توافرها في الشباب العماني الذين يرغبون في الالتحاق بوزارة الخارجية فإن ذلك يعتمد على نوعية العمل الذي سيكلف به حيث تتفاوت بين التخصصات السياسية والعلاقات الدولية والقانون الدولي والاقتصاد الدولي والموضوعات الفنية ممثلة بالاتصالات وتقنية المعلومات والموارد البشرية، ويفضل من يتقن اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية والفرنسية وغيرهما، وأن يجتاز القبول الذي تنظمه الوزارة للمرشحين للالتحاق بالخدمة.

وعن إقامة مؤتمر عمان الأول لأعمال البروتوكول والدبلوماسية بالتعاون مع المدرسة الدولية للبروتوكول والدبلوماسية وما يمثله من مبادرة من أجل التعريف بهذه الجوانب المهمة وأهميتها في التفاوض والعلاقات بين الشركاء، وأهمية المؤتمر وارتباطه مع مؤسسة متخصصة في هذا المجال، قال سعادة أحمد بن يوسف الحارثي: نأمل أن يتم تركيز المؤتمر على مواضيع "الدبلوماسية الناعمة " وحل النزاعات، وهذا يساعد على تزويد المشاركين بالمهارات اللازمة لابتكار وتحسين القدرات الشخصية في التنظيم الفعال، وفهم وإدارة عمليات التفاوض وحل النزاعات، وكيفية تفاعل عملية التفاوض لتحقيق النتائج المطلوبة مشيرا إلى أن التعاون يكون مع المدرسة الدولية للبروتوكول والدبلوماسية في بروكسل وفقا للدورات والمنهجيات التي يتم تدريسها واستخدامها في المدرسة الدولية، التي تركز على تدريب المشاركين وتزويدهم بمهارات القدرة على التصرف بدبلوماسية ويكون هذا التعاون مفيداً وبثقة، مع الالتزام بقواعد المجاملة والكياسة ووسائل الاتصال الفعالة، وذلك بنقل العديد من القواعد الرسمية وغير الرسمية التي ينبغي اتباعها في البروتوكول والدبلوماسية، وأضاف: هذا المؤتمر من المفترض أن يقدم الخبرات التي تعود بالفائدة على المعنيين، بما في ذلك تعزيز الصورة الشخصية والمهنية للأشخاص، واتفاق البروتوكول والدبلوماسية وتحقيق الكفاءة والاختصاص في مختلف أشكال الاتصال في مجال الدبلوماسية والأعمال.

وحول تطوير العمل الدبلوماسي في المرحلة المقبلة، وما هي أبرز ملامحه ومتطلباته، قال سعادته: أصبح العمل الدبلوماسي أكثر أهمية في عالمنا المعاصر من أي وقت آخر، خصوصاً مع بروز دور الدبلوماسية الشعبية، وتداخل المصالح والروابط المجتمعية عبر القارات وانكماش العالم، وثورة وسائل الاتصال التي أدت إلى تغييرات في جميع المجالات والأدوار والمهام بما في ذلك أدوار ومهام الدبلوماسيين.

مؤكدا على أن الوضع الدولي يتغير بشكل كامل ليس فقط على مستوى التواصل مع الدولة المعنية بذلك، ولكن في العمل نفسه الذي يتحمله الدبلوماسي في الداخل والخارج، لذلك ينبغي على الدبلوماسي أن يدرك أهمية الإلمام بمهارات وموضوعات مختلفة، كما أن مهنة الدبلوماسي في تطور دائم لذلك ينبغي التركيز على فهم دور الدبلوماسي بأنه دور كثيف ويكون أكبر لقضايا الأمن القومي ومبادئ العلوم الاستراتيجية وكيفية التعامل مع وسائل الاعلام التي تساعد الدبلوماسي على أداء عمله على أكمل وجه ممكن.

يذكر أن المؤتمر يناقش على مدى يومين العديد من الموضوعات المتميزة في مجال الدبلوماسية، والبروتوكول الهادف إلى تزويد المشاركين بمعلومات عن الممارسات والإجراءات الأساسية للبروتوكول في وقتنا الحالي، والخروج بالمهارات اللازمة للتعامل مع مجموعة واسعة من المواقف.

ويتضمن المؤتمر محاضرات وحلقات عمل ومناقشات، وفقًا للمنهجيات التي يتم تدريسها واستخدامها في المدرسة الدولية للبروتوكول والدبلوماسية في بروكسل، وسيركز على تأهيل المشاركين وتزويدهم بمهارات القدرة على التصرف بدبلوماسية وبثقة، مع الالتزام بقواعد المجاملة والكياسة ووسائل الاتصال الفعالة. كما يناقش أساسيات تنظيم الفعاليات، يتعرف خلالها المشاركون على المبادئ الأساسية لتنظيم الفعاليات، والفرق بين البروتوكول وآداب السلوك (الإتيكيت) والاحتفالات، بالإضافة إلى موضوعات أخرى، تمكن المشارك من الإلمام بالعناصر والمهارات الأساسية لتنظيم الفعاليات، بما في ذلك إعداد قوائم الأشخاص بحسب الرتبة والأقدمية، وترتيب مواقع الجلوس، وأماكن وضع الأعلام التعريفية، وكيفية تعريف الأشخاص المشاركين بالفعاليات.

ويطرح المؤتمر كذلك الدبلوماسية للشركات والفعاليات رفيعة المستوى، التي يتم خلالها تزويد المشاركين بمهام ووظائف دبلوماسية التعامل مع الرئيس التنفيذي، وكبار الشخصيات والمسؤولين الحكوميين، مع الأخذ في الاعتبار تأثير التغيرات الاجتماعية والابتكارات التكنولوجية، والوسائل الجديدة للسفر والاتصالات.

تعليق عبر الفيس بوك