العُرس الانتخابي العماني يكتمل اليوم

عبدالله العليان

في هذا اليوم المبارك، يتوجَّه العمانيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الدورة الثامنة لمجلس الشورى؛ لاختيار أعضاء جُدد للمجلس لمدة أربع سنوات، وهذا ما يجعلنا جميعا نهتم كثيرا بهذا الحدث التاريخي، في فترة مهمة، يتطلع العمانيون فيها إلى أعضاء قادرين أن يضطلعوا بهذه بالمهمة الموكلة إليهم؛ سواء التشريعية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. وما يريده الناخب من العضو الفائزأن يقوم بما يحتاجه المواطن،ويريده الوطن والمجتمع منه؛ ففي العديد من خطابات صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم بمجلس عمان -بغرفتيه الدولة والشورى- يشير جلالته دائماإلى أهمية تكاتف الجهود وتعاضدها من أجل وضع خطط أفضل وأشمللما فيه تحقيق للتنمية الحقيقية في بلادنا، ولكي تُسهم في رقي المجتمع ورفع مستوى معيشة المواطن، وهذه من أولويات وأهداف المجالس النيابية...وغيرها من المجالس التي تقوم بدورها المنوط بها في هذا الأمر؛ من خلال أنظمتها وصلاحياتها الممنوحة في هذا الجانب. وهذا ما أكَّده جلالة السلطان المعظم في افتتاح الدورة الثانية لمجلس عمان؛ إذ قال جلالة السلطان المعظم -حفظه الله- ما نصُّه:"إننا ننظر إلى مجلسكم -مجلس الشورى- كشريك للحكومة في العمل من أجل بناء هذا الوطن، وخدمة مواطنيه -مشيراً جلالته في فقرة أخرى من خطابه- ومن ثم كان لزاماً أن تتساند جهودنا جميعاً، وأن تتناسق من أجل تحقيق نتائج أفضل وأشمل لخطط التنمية وبرامجها التنفيذية، ترقى بحاجة المجتمع، وترفع من مستوى معيشة أفراده، وتعود في مجملها بالخير على هذا الوطن العزيز". والحقيقة أنَّ هذا التوجيه السامي، جدير بأن يتحقق على الواقع فعلا، وأن تكون الشراكة كاملة في كل القضايا التي تهم المصلحة العامة، الاقتصادية،والاجتماعية والثقافية...وغيرها من المهام والقضايا التي ضمن صلاحيات المجلس،وأن تكون هناك استجابة من الحكومة لهذه التوصيات والملاحظاتالتي يقدمها مجلس عمان بعد المناقشات والمداولات في الفترة المحددة.

وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، بعد انخفاض أسعار النفط، فإننا بحاجة إلى توجه جديد لإنعاش الاقتصاد، وتوجيه البوصلة إلى تنمية الاستثمار في المجالات المختلفة؛ ذلك أنَّ اعتمادنا على النفطلا يُحقِّق تنمية مستدامة ضمنتنمية الموارد البشرية؛ مما يحتم ضرورة تضافر الجهود من خلال المجلسينلوضع خطط مشتركة مع الحكومة، لتنمية الاستثمار العربي والأجنبي،بما يُعزِّز اقتصادنا الوطني،ولا يجعلنا نجمد على أسعار النفط،دون أن تكون هناك بدائل أخرى تسهم في الاقتصاد، وتخفف العبء عن الاقتصاد الوطني، ويستوعب الكثير من العمالة الوطنية، بدلا من الاعتماد على التوظيف الحكومي؛ لذلك فإننا نطلع إلى الشراكة الصحيحة والقوية التي تجعل تنمية الموارد البشرية لها الأولوية في التطبيق، للخروج من الظروف الاقتصادية الراهنة بأفكار مدروسة تسهم في حلول مستدامة، خاصة أن التنمية المستدامة قضية محورية في الكثير من الدول، للنهوض بالصحة والتعليم والبيئة والمياه وتحسين معيشة الأفراد...وغيرها من الجوانب؛ من خلال صُنع القرارات تحت قبة هذه المجالس النيابية، حتى يتحقق القرار الصائب فيما تهدف إليه الدولة من هذه المجالس التي تلعب الكثير من الأدوار والمهام،وصياغة رؤى تسهم في فاعلية كفاية الأداء الحكومي، وهذا يتحققمن خلال هذه الشراكة التي لا غنى عنها، لأن ما أراده جلالة السلطان من خلال تشديده على أهمية الشراكة، وأن يكون هناك تواصل وتنسيق فيما يخص احتياجات الوطن والمواطنفي الكثير من المجالات. وفي الدورة الثامنة المقبلة -بإذن الله- ستكون هناك الكثير من القضايا العالقة، التي لا تزال تحتاج إلى جلسات للحوار مع الوزارات المعنية، بهدف تفعيل كفاءة الأداء الحكومي والترهل الذي أشار إليه أحد الوزراء قبل سنوات،وأصبحت تذكر كثيرا في الصحافة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، بمعنى أن الحاجة ملحة للتطوير والتجديد لرفع الكفاءة في الإدارة. ومن هنا، لابد أن يكون لمجلس الشورى الدور المنتظر منه في هذا الجانب مع مجلس الدولة؛ من خلال التشاور والتنسيق في مسألة القوانين والتشريعات التي ترفع من المجلسين للسلطة التنفيذية، وفق الصلاحيات الممنوحة للمجلسين.وعلى الأعضاء المنتخبين مسؤوليات كبيرة ومهمة أيضا؛ لأنهم من اختيار الشعب الذي منحهم ثقته في الوصول للمجلس، وهذا الاختيار نتمنى أن يكون فيما نتطلع إليه، من حيث الكفاءة،كما نتمنى من جهات التشريعأن تعيد النظر فيما كتبناه أكثر من مرة،بأنْ يتم النظر في قضية طالما تشغل الكثير من النخب المثقفة والكفاءات العلمية العمانية الذين يرغبون في ترشيح أنفسهم، ويسهمون في إثراء هذا المجلس، لكنهم -وفي ضوء اللائحة التي تطلب استقالة العضو بعد نجاحه في الانتخابات- يحجمون عن التقدم للترشيح. ومن هنا، نعتقد أنَّ تجميد الدرجة المالية -وليس المسمَّى الوظيفي-للعضو المتقدم للترشيح حتى تنتهي الفترة المحددة للعضوية مهم وضروري، ونعتقد أن هذا سيكون مكسبا كبيرا للمجلس بهؤلاء الكفاءات المؤهلة من خلال طرحهم ومناقشاتهم.

ونأمل أن ينتخب العضو الذي يملك الكفاءة في تناول القضايا التي تهم الوطن والمواطن، ونرتفع إلى المستوى المسؤولية الملقاة على عاتق العضو الذي يتم انتخابه،وأن نبتعد عن المصالح الشخصية والفئوية في قبة المجلس، وان تكون مصالح الوطن والمواطن في مقدمة الأولويات التي نسعى إليها في هذه المهمة الكبيرة،وهذه أمانة في عنق كل شخص يتم انتخابه ويحقق الفوز للدورة الثامنة، وسيكون ذلك بإذن الله فيه كل الخير لهذا الوطن والمواطن.

تعليق عبر الفيس بوك