قرية مسلمات بوادي المعاول.. مقصد العلماء والشعراء وموقع أثري مميز في جنوب الباطنة

وادي المعاول- العمانية

تعد قرية "مسلمات" بولاية وادي المعاول في محافظة جنوب الباطنة، إحدى القرى المميزة بالولاية؛ حيث ظلت طوال حقب كثيرة حلقة وصل بين قرى الولاية من جهة والولايات المجاورة لها من جهة أخرى، نظراً لموقعها المتميز وبيئتها الجاذبة وحسن تعامل أهلها، فقصدها العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء، وكثير من ذوي المكانة العالية سياسياً واقتصادياً ومنهم من استوطنها لسنوات إما لطلب العلم أو العمل أو غيره.

وبذلك ظلت في طور الانتعاش الاقتصادي قديماً مما هيأ لها الظهور وبقاء المكانة بين القرى إضافة لما خلفته من آثار تضرب في عمق التاريخ العماني وتظل ليومنا الحاضر تحكي فترات يشهد لها التاريخ، وتحاذي قرية مسلمات من جهة الشمال قرية "المريغة" في تداخل بديع ومن جهة الغرب تعد مدخلاً لقرية "الطوية" بينما تحدها من الشرق والجنوب ولاية نخل.

وقد اشتغل أهالي القرية منذ القدم في الزراعة والتجارة وتربية الأغنام والإبل الأصيلة وصناعة الفخاريات والسعفيات والفضيات والنسيج والأسلحة التقليدية وغيرها الكثير مما جعلها وجهة لكثير من أصحاب التجارة. وفي القرية الكثير من الحارات والتجمعات السكانية القديمة والحديثة كحارة "الحجرة" والمخططات السكنية الحديثة كمخطط "طوي السكر" و"المخطط الشرقي" كما يوجد مجلس عام لأهل القرية يحمل اسمها إضافة لبقعة خضراء من المزارع المنتشرة في كافة أرجاء القرية تجعل منها واحة فريدة حيث تتميز بوفرة المياه العذبة وتجمع العديد من الأودية والشعاب لتمر بها من الجنوب إلى الشمال كوادي الميسين ووادي العين، وبها عدة أفلاج أشهرها فلج "الحديث" الذي يروي جلّ مزارعها.

وكغيرها من الأفلاج بالسلطنة فإن الأفلاج بالقرية بها نظام دقيق في توزيع المياه على حصص معينة بنظام الأثر والساعات المحددة التي يعتمد في توزيعها على ضوء الشمس أو القمر ومنه ما هو ملك لأشخاص قاموا بشرائه أو وصلهم بالإرث وتزرع أرض "مسلمات" بالنخيل بمختلف أصنافها كالخلاص والنغال والخصاب والزبد والفرض والقش وغيره إضافة لزراعة الحمضيات المتنوعة والثوم والبصل العماني والحنطة والشعير والبر والذرة والبقوليات وتسقى هذه المزروعات بمياه الأفلاج والآبار، كما يوجد بها الكثير من الأشجار البرية والنباتات الطبيعية كالسمر والسدر والسلم والأراك والحرمل والظفرة وغيرها.

ومن الآثار القديمة في مسلمات حارة (الحجرة) وهي إحدى الحارات الأثرية الكبيرة والقديمة بالولاية بها الكثير مما أبدعه الإنسان العماني في طابعها المعماري، حيث يحيط بحارة (الحجرة) سورعالٍ وبها عدد من الأبراج أبرزها البرج الذي يتوسطها ويسمى البرج الوسطي ويتميز ببعض النقوش القديمة وقد أضرت بكثير منها عوامل الطبيعة كالأمطار والرياح وقدم الزمن ويزين هذه الأبراج عدد من المدافع القديمة التي ما تزال موجودة وقد ثبت بعضها على قواعد اسمنتية وحديدية بجانب الطريق.

ويوجد في القرية الأثرية جامع تأريخي بُني على الطابع المعماري القديم مرتفعاً عن الأرض وتم تزيين المدخل والمحراب وتوجد به نوافذ صغيرة وبه أربعة أقواس تقف على ثلاثة أعمدة وقد تم ترميمه في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله ورعاه - وتمارس فيه الصلوات الخمس ليومنا الحاضر وقد تم توصيل التيار الكهربائي له كما توجد مدرسة لتعليم الناشئة القرآن الكريم، ولهذه الحارة الأثرية ثلاثة أبواب منها الباب الرئيسي وهو باب الصباح يجلس عنده عدد من رجال البلدة .

وسكن في قرية مسلمات عدد من الأئمة والمشايخ منهم الشيخ عبدالله بن سعيد الخليلي وبقي بها فترة من الزمن كما اتصلت القرية وأهلها بالإمام الشيخ محمد بن عبد الله الخليلي رحمه الله .

وتكسو أشجار "الأراك" أجزاءً كثيرة من القرية حيث تنبت في حزام الخندق المائي الذي كان يحيط بالقرية قديماً، كما يزور القرية الكثير من السياح ومحبي التصوير والآثار، وشهدت القرية تغييراً ملحوظاً عبر الامتداد العمراني والنشاط الاقتصادي، وقد نالت نصيباً وافراً من خدمات التنمية المستدامة كالتعليم والصحة والكهرباء والماء والطرق المعبدة والإنارة وغيرها الكثير.

ومن الآثار المعروفة بالقرية (بيت الخندق) ذلك البيت الأثري الذي يظل شاهداً على إبداع الأيادي العمانية منذ القدم وقد بُني قرابة عام 1851 من طابق واحد ثم أُضيف الطابق الثاني في عام 1870 بعدها أُضيفت له بعض التعديلات والإصلاحات في عام 1921 وعام 1950؛ حيث يشتهر بيت الخندق بوجود (سبلة الروشن) يجتمع فيها المشايخ والزوار والأهالي قديما ويقع بيت الخندق خارج حدود سور (حارة الحجرة) ويتكون من طابقين وبوسطه فناء وتظهر النقوش القديمة على باب المدخل الرئيسي كما يتميز بالطابع العمراني القديم والأشكال الهندسية وجمال العمارة القديمة وتحيط به المزارع والمنازل كما أنه قريب من سوق القرية ويمر الشارع المعبد بجانبه ويزوره عدد من السياح ومحبي الآثار والتصوير.

تعليق عبر الفيس بوك