إدارة الوقت مفتاح للإدارة الناجحة

خلفان العاصمي

يُمثل الوقت أحد الموارد المهمة والنادرة والثمينة لأي إنسان في هذا العالم الكبير، وقد ارتبط مفهوم ندرة الوقت بالقاعدة الاقتصادية المعروفة بندرة الموارد المتاحة في المجتمع؛ حيث صعب على الباحثين واللغويين تقديم تعريف دقيق للوقت، لكن عرفوه بصفة عامة بأنه يتجسَّد في وجود العلاقة المنطقية لارتباط نشاط أو حدث معين بنشاط أو حدث آخر، ويعبر عنه بصيغة الماضي أو الحاضر أو المستقبل، والوقت يمضي نحو الأمام دون تأخير أو تقديم، دون توقف أو تراكم دون إلغاء او تبديل او إحلال؛ لذا فهو يعتبر أحد أهم الموارد المتاحة لأي مؤسسة وفي أي مجتمع كان؛ إذ من الطبيعي أن يكون لهذه المؤسسة اهداف محددة تسعى لتحقيقها من خلال تكريس واستغلال كافة الموارد والإمكانات المتاحة لديها بما فيها الوقت. ولسوء الحظ وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبيرة للوقت، إلا أنه يعتبر من أكثر العناصر أو الموارد هدرًا، وأقلها استغلالا سواء من المؤسسات -أيًّا كانت- أو حتى من الأفراد العاديين، ويعود ذلك لأسباب عديدة قد يكون من أهمها: عدم الإدراك الكافي للتكلفة المباشرة المترتبة على سوء استغلال الوقت وبالتالي ضياعه وهدره، وبالتالي أصبحت عملية تنظيم الوقت من الأشياء المهمة -سواء في العمل المؤسسي أو العمل الفردي- حيث أصبح واضحًا أنَّ التنظيم الجيد يقلص الزمن المطلوب للإنتاج او الخدمات، ولا شك أن التنظيم الجيد يعكس السمات التي تظهر كل منها أهمية الوقت في التنظيم من حيث التفاهم، التعاون، التوافق والاتساق والتنسيق...إلى آخر هذه السمات، وبصفة خاصة تحديد مهام واختصاصات العاملين، وتحديث وتبسيط الإجراءات باستبعاد ما هو غير ضروري وما إلى ذلك، وتظهر أهمية الوقت في التوجيه باعتباره ملازمًا للتخطيط وأيضًا في عملية اتخاذ القرارات التي هي جوهر الإدارة، كما تظهر في الرقابة، حيث يتم الكشف عن الأخطاء أو منع وقوعها في الوقت المناسب، كما تظهر أهمية الوقت ودوره في شكل الرقابة من حيث زمن إجراءاتها وما إذا كانت ذاتية أو خارجية...وغير ذلك.

قسم الوقت إلى أربعة اقسام؛ هي: الوقت الإبداعي، ويخصص هذا النوع من الوقت لعملية التفكير والتحليل والتخطيط المستقبلي علاوة على تنظيم العمل وتقويم مستوى الإنجاز، ويلاحظ أن كثيرًا من النشاطات الإدارية يمارس فيها هذا النوع من الوقت، فهي بحاجة إلى تفكير علمي وتوجيه وتقويم كما تواجه في هذا النوع من الوقت المشكلات الإدارية من كافة جوانبها بأسلوب علمي منطقي بهدف تقديم حلول منطقية وموضوعية تضمن فاعلية ونتائج القرارات التي تصدر بشأنها. أما النوع الثاني، فهو الوقت التحضيري، ويمثل الفترة التحضيرية التي تسبق البدء في العمل وقد يستغرق هذا الوقت في جمع المعلومات أو حقائق معينة أو تجهيز معدات أو قاعات أو آلات أو مستلزمات مكتبية مهمة قبل البدء في تنفيذ العمل، ويُفترض أن يعطي الإداري هذا النوع من النشاط ما يتطلبه من وقت نظرا للخسارة الاقتصادية التي قد تنجم عن عدم توافر المدخلات الأساسية للعمل. النوع الثالث يطلق عليه الوقت الانتاجي، ويمثل هذا النوع من الوقت الفترة الزمنية التي تستغرق في تنفيذ العمل الذي تم التخطيط له في الوقت الإبداعي والتحضير له في الوقت التحضيري. ولزيادة فاعلية استغلال الوقت، يجب على الإداري أن يُوازن بين الوقت الذي يستغرق في الإنتاج أو تنفيذ العمل وبين الوقت الذي يقضى في التحضير والإبداع؛ فالمعروف أنَّ الوقت المتاح للجميع محدود بحد معين؛ فإذا تبيَّن أن كثيرًا من الوقت يخصص لتنفيذ أعمال روتينية في المؤسسة، فإن ذلك يعني أن هناك قليلا من الوقت المخصص للإبداع أو التحضير أو كليهما معا. ومن هنا، كانت عملية التوازن ضرورية لضمان استغلال أمثل لكافة الموارد المتاحة بما فيها عنصر الوقت، ومن ثم يأتي النوع الرابع وهو الوقت غير المباشر أو الوقت العام؛ حيث يُخصَّص عادة للقيام بنشاطات فرعية عامة لها تأثيرها الواضح على مستقبل المؤسسة، وعلى علاقتها بالغير؛ كالمسؤولية الاجتماعية وارتباط المسؤولين فيها بمؤسسات وجمعيات وهيئات كثيرة في المجتمع وحضور الإداري لندوات أو تلبيته لدعوات في إطار ما يسمى بـ"الواجب الاجتماعي"؛ حيث إنَّ هذه النشاطات المختلفة تحتاج إلى وقت كبير؛ فإما أن يُقلل منها أو يفوض شخصا معينا للقيام بها بدلا عنه، مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ التوازن بين النشاطات الداخلية والخارجية في إنجاز الأعمال الرسمية الموكلة له وإبقاء جسور العلاقة والتعاون مع الآخرين في الخارج قائمة ووثيقة.

تعليق عبر الفيس بوك