معرض "رسالة الإسلام" يحط الرحال في مقر "اليونسكو" بباريس

 

الرئيس التنفيذي للمنظمة: المعرض فخر لنا في اليونسكو للتعرف على ثقافة السلام

د. سميرة الموسى: القيم الإنسانية مقدسة في تعاليم الإسلام

المعمري: تنظيم المعرض في رحاب "اليونسكو" يُلقي على عاتقنا مسؤولية أكبر في نشر رسالة الإسلام

ندى الناشف: توقيت مناسب لإقامة المعرض.. ورسالته تبني جسور الحوار والإخاء

لأول مرة.. تدشين المعرض الإلكتروني بالعروض المرئية بـ18 لغة

انطلقتْ، مساء أمس، بمقر منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، بالعاصمة الفرنسية باريس، فعاليات معرض "رسالة الإسلام"، والتي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بالتعاون مع المندوبية الدائمة للسلطنة لدى اليونسكو وسفارة السلطنة في باريس، ويستمر حتى الرابع عشر من أكتوبر الجاري.. ويأتي المعرض في إطار حرص السلطنة على نشر وتعزيز ثقافة التعايش المشترك والتفاهم السلمي بين الأمم والثقافات والشعوب.

حَضَر حفل الافتتاح عددٌ من الشخصيات البارزة باليونسكو؛ من بينهم: رئيس المجلس التنفيذي لليونسكو سعادة السفير سامح عمرو، وسعادة الدكتورة سميرة بنت محمد موسى الموسى سفيرة السلطنة لدى اليونسكو، وندى الناشف مساعدة المديرة العامة للعلوم الاجتماعية والإنسانية نيابة عن إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو، وعدد من السفراء ورؤساء المراكز الدينية والجاليات العربية والمهتمين والأكاديميين، وعدد كبير من المدعوين في المجتمع الفرنسي.

باريس - الرُّؤية

واستهلَّتْ سعادة الدكتورة السفيرة سميرة بنت محمد موسى الموسى سفيرة السلطنة لدى اليونسكو -في كلمتها- بالترحيب بالحضور في هذه الفعالية.. مشيرة إلى جهود السلطنة ومسؤوليتها تجاه نشر التسامح والبعد عن العنف. مؤكدة أنَّ التسامح واحدة من القيم الإنسانية التي تلعب دورا مهما في الإخاء الإنساني والتضامن بين الأفراد والمجتمعات. وأكدت سعادتها -في الكلمة الافتتاحية- أنَّ القيم الإنسانية كالحرية والكرامة قيم مُقدَّسة في تعاليم الإسلام ويجب احترامها، وأنَّ التعددية والتنوع هما مصادر ثراء للمجتمعات، وأنَّ النظام الأساسي للدولة في السلطنة ينصُّ على عدم التمييز بين الأفراد، وعلى حرية المعتقد وممارسة الطقوس الدينية، شاكرة في نهاية كلمتها الحضور على مشاركتهم فعاليات معرض "رسالة الإسلام" في منظمة اليونسكو، وشكرتْ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على تنظيم المعرض وجهودها في نشر رسالة الإسلام في العالم.

عقب ذلك، ألقى سعادة سعادة السفير سامح عمرو رئيس المجلس التنفيذي لليونسكو وسفير جمهورية مصر العربية لدى اليونسكو، كلمة؛ عبَّر فيها عن ترحيب وفخر المجلس التنفيذي لليونسكو باحتضان هذه الفعالية المهمة. شاكرا لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية جهودها في تنظيم هذا المعرض، الذي يُعبِّر بعُمق عن الإرث الحضاري العريق للسلطنة في حوار الأديان. مؤكدا على عُمق الترابط بين التسامح والتعايش والتفاهم المؤدية إلى ثقافة حقيقية عن السلام. وقال سعادة الرئيس التنفيذي لمجلس اليونسكو: إنَّ معرض رسالة الإسلام يظهر بكل جلاء دور سلطنة عمان في الحفاظ ليس فقط على التراث المادي، وإنما التراث التاريخي والروحي كذلك.

لقاء الخير والمحبة والسلام

ثمَّ ألقى الدكتور محمد بن سعيد المعمري المستشار العلمي بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية والمشرف العام على معرض "رسالة الإسلام"، كلمة الوزارة؛ عبَّر فيها عن شكره لمنظمة اليونسكو على احتضان فعاليات المعرض، كما قدم شكره لطاقم العمل في السلطنة وباريس على تعاونهم المثمر والفعال.

وقال المعمري: إنَّ معرض "رسالة الإسلام" يشعر بالبهجة والسعادة وهو يتوقف في جنبات المقر الدائم لمنظمة اليونسكو، بعد أن زار أكثر من 26 دولة و70 مدينة حول العالم من أجل لقاء الخير والمحبة والسلام؛ حيث قيم التعايش والتفاهم والمسؤولية المشتركة.. وأضاف: إنَّ عمان رمز حضاري لقيم التعاون والتفاهم والمسؤولية المشتركة، وصارت عمان على حقب التاريخ المختلفة واحة للأمان والاستقرار والتعايش، واستقبلت في أرضها من لجأ إليها وعاش فيها. وأضاف المعمري بأن ليس ثمة مسعى أجمل وأكمل من نشر هذا النوع من الخير في كل مجتمعات العالم وحيث وجد الإنسان، عملا برسالة الإسلام التي جاءت في القران الكريم: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

تعزيز التعايش

ثمَّ ألقت ندى الناشف مساعدة المديرة العامة للعلوم الاجتماعية والإنسانية، كلمة المديرة العامة لليونسكو، والتي تُمثِّلها في هذه الفعالية.. مُعبِّرة فيها عن شكرها للسلطنة والمندوبية الدائمة لدى اليونسكو على الجهود المبذولة في تنظيم المعرض.. معتبرة أنَّ ذلك يعكس جهود السلطنة والتزامها في مجال تعزيز التعايش بين الناس والثقافات. وأكدت -في كلمتها- أنه في هذا الوقت تواجهنا مشكلة استخدام التنوع الثقافي والديني كأدوات للتقسيم، وهذا يدعونا جميعا إلى جهود مكثفة ومتنوعة لبناء السلام. وأنه من المهم الحفاظ على ما تحقق في العقود الماضية من بناء جسور الحوار والإخاء.

48 لوحة تلخص رسالة الإسلام

اشتمل المعرض على 48 لوحة لمعرض رسالة الإسلام باللغة الإنجليزية عن الحياة العامة في عمان ولوحات من الفن التشكيلي العماني والخط العربي، إضافة إلى عرض بعض التحف العمانية وملامح الحياة العامة في السلطنة ماضيا وحاضرا. كما تم -ولأول مرة- تدشين المعرض الإلكتروني؛ وذلك من خلال أجهزة العرض التي تشتمل على كل محتويات المعرض من اللوحات والمعروضات والأفلام الوثائقية بـ18 لغة عالمية، والتي يُمكن تصفحها والاطلاع عليها عبر شاشات إلكترونية تعمل باللمس.

"فن الظلال"

مشروع "فن الظلال"، والذي يقدم للجمهور قيما روحية بالدمج بين عدد من الفنون، كفن الخط العربي والزخرفة وعامل الضوء، إذ تشكل في مجموعها لوحة فنية معبرة، وقدم المشروع أربع لوحات مستمدة من الدعاء والسلام.

رسائل عالمية

كما اشتمل المعرض على "رسائل عالمية"؛ وهي حملة إعلامية عالمية تهدف إلى نشر ثقافة التعايش والسلام، والتسامح والوئام؛ عبر نشر بطاقات تعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات.

ويتمُّ نشر هذه الرسائل عبر بطاقات مطبوعة بحجم اليد، مع تعميمها على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات والنطاقات المتاحة. وتمثلت الحملة الأولى المصاحبة للمعرض عبارة: "افعل شيئا من أجل التسامح" والتي تهدف إلى تمكين كل شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التي يمكن أن تسهم -ولو بشكل بسيط- في نشر ثقافة التسامح في المجتمعات الإنسانية، وتقديمها كمبادرات فردية وجماعية ومؤسساتية يكون لها إطارها العملي في المحيط الذي هي فيه. وجاء اختيار هذا الشعار إيمانا بأهمية قيمة التسامح في ردم الهوة في العلاقات المتوترة، وتقريب وجهات النظر المختلفة، وإيجاد مساحات مشتركة في أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام. مع مناسبة هذا الشعار للأفراد في محيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول.

وتم حتى الآن إصدار سبعة بطاقات لهذه الرسائل: الأولى تحمل رسالة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" وهي جزء من آية كريمة تقرر سنة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل؛ فهي ميزة إنسانية في غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق وانتقام.

والثانية تحمل رسالة "أحب للناس ما تحب لنفسك"، وهي جزء من حديث نبوي شريف؛ يعمِّق في النفس الشعور بأهمية الأنفس الأخرى وتقديرها، ويلفت نظر الإنسان إلى أنه ضمن مجموع إنساني يتأثر ببعضه البعض، فإن كان يود لنفسه خيرا فليحب ذلك لغيره، ولو فعل كل فرد بهذا التوجيه لقلت نسب التنافس غير الشريف وما يتبعها من أخلاق مذمومة.

والثالثة تحمل رسالة "خالق الناس بخلق حسن"، وهي كذلك جزء من حديث نبوي شريف، وتحمل مفهوما إنسانيا بجعل الأخلاق هي محور التعاملات بين البشر، وأساسا للتعايش فيما بينهم؛ نظرا لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحي ونفسي عميقين، وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات.

والرابعة تحمل رسالة "وبالوالدين إحسانا"، وهي جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتم اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق.

والرسالة الخامسة بعنوان: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك"؛ من أجل تعزيز خلق الأمانة بين الناس، كقيمة مهمة في التعاملات الإنسانية.

افعل شيئا من أجل التسامح

كما تمَّ خلال الافتتاح إطلاق حملة "افعل شيئا من أجل التسامح" لجمع أكبر عدد ممكن من المشاركات في هذا الإطار؛ تعزيزا لنشر ثقافة التعايش بين قطاعات الشباب والفتيات في كل دول العالم.

الفنون التشكيلية وتعزيز رسالة السلام

ومن جانب آخر، شارك الفنانون العمانيون في فعاليات المعرض بمواهبهم وإبداعاتهم الفنية؛ حيث عبر الخطاط والفنان التشكيلي صالح بن جمعة الشكيري عن سعادته بهذه المشاركة.. قائلا: وجودي كفنان عماني في المنظمة الأولى للثقافة والفنون له إضافة طيبة في سيرتي الفنية وهو طموح أي فنان أن يعرض أعماله الفنية في منظمة اليونيسكو، وهذا إنما يدل على اهتمام وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالفنانين العمانيين، وإتاحة الفرصة لهم للظهور في المحافل الدولية.

وشاركت الخطاطة العمانية أنوار بنت خليفة الحسنية في فعاليات المعرض؛ من خلال لوحاتها وأعمالها في فني الخط العربي والزخرفة المذهبة، وعبَّرت عن سعادتها بهذه المشاركة؛ قائلة: "لكوني خطاطة عمانية مشاركة في معرض رسالة الإسلام بمنظمة اليونسكو بباريس، سيضيف إنجازاً مهماً في تاريخي الفني".

وقالت الفنانة سماح بنت سعيد بن سيف النعمانية: مشاركتي في معرض رسالة الإسلام فرصة لي لنقل ثقافة الإسلام وفكره، والتعبير عنه من خلال ما يمكننا أن نقوم به كفنانين تشكيليين في عدة مجالات، وهي بلا شك إضافى جميلة في مسيرتي الفنية والتي لاتزال في بداياتها.

إصدارات عمانية

كما أقيم على هامش المعرض عرض بعض الكتب العمانية المهتمة بالتواصل الحضاري وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية، إضافة إلى استعراض عدد من صور المخطوطات العمانية المتعلقة ببعض المعارف الدقيقة كعلم الفلك وعلم البحار وعلم الطب..وغيرها؛ وذلك من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين في السياق العالمي للمعرفة والثقافة والعلوم.

72 مدينة حول العالم

الجدير بالذكر أن معرض "رسالة الإسلام" تمَّ إطلاقه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عام 2010م، وزار أكثر من ست وعشرين دولة وأكثر من اثنتين وسبعين مدينة حول العالم حتى الآن، ويحمل عنوان "التسامح والتفاهم والتعايش: رسالة الإسلام في سلطنة عُمان"، ويهدف إلى نشر مظلة هذه القيم بين شعوب العالم، وقد اكتسب المعرض قبولا متناميا في الأوساط العالمية، وتم التنسيق بشأنه مع عدد من المنظمات العالمية؛ أهمها: منظمة اليونسكو، والعديد من المركز الدينية المهتمة بنشر القيم المعتدلة والدعوة إلى السلم والعيش المشترك بين الناس والثقافات والأديان.

تعليق عبر الفيس بوك