مطالب بتكثيف حملات توعية الأجيال الجديدة بضرورة التمسك بالعادات الأصيلة في الأعياد

مواطنون ينتقدون عدم إقبال الشباب على المشاركة في ذبح الأضاحي والاستعانة بالوافدين

هاشل الغافري: هناك فجوة بين ما يحرص عليه كبار السن ورغبات الجيل الجديد في كثير من الأمور

عبدالله الريسي: الكثير من الشباب يتكاسلون عن تعلم المهارات التقليدية بدعوى تجنب المشقة

خليفة الشماخي: الأجيال الجديدة في حاجة إلى التوعية بضرورة احترام تقاليد وعادات المجتمع

محمد الكلباني: للتقنيات الحديثة دور كبير في انشغال الشباب عن المشاركة في أفراح العيد

يحيى الغافري: اهتمام بعض الأسر بجمع المال وتجاهل الاستثمار في الأبناء ساهم في قلة الوعي المجتمعي

عبري - ناصر العبري

أجمع عدد من المواطنين على أنّ الكثير من الشباب باتوا لا يهتمون بالمشاركة في الكثير من العادات والتقاليد المرتبطة بموسم العيد، ومنها عدم الإقبال على المشاركة في ذبح الأضحية والاكتفاء بجلب العامل الوافد للقيام بتلك المهمة، وأشاروا إلى اختفاء الاحتفالات التقليدية والفنون الشعبية في أفراح العيد بالكثير من القرى والولايات، وحذروا من مخاطر ظاهرة تأثر الأجيال الجديدة بالتقنيات الحديثة والانشغال المبالغ فيه بمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف المحمول، والاكتفاء بها دون الانخراط في التواصل مع المجتمع المحيط بهم ومشاركته في أفراحه. وطالب عدد ممن استطلعت "الرؤية" آراءهم في هذا الشأن بأن تنشط الجهات المعنية في تكثيف الحملات لتوعية الأجيال الجديدة بأهمية التمسك بالعادات والتقاليد والحفاظ على الهوية العمانية في أبسط العادات والتقاليد المرتبطة بمواسم الأعياد ومختلف المناسبات الدينية والوطنية.

 

وقال الدكتور هاشل بن سعد الغافري إنّ الأجيال الجديدة لا تحرص على سنة ذبح الأضاحي في عيد الأضحى المبارك كحرص الآباء والأجداد، وذلك في إطار الكثير من المتغيرات الاجتماعية، ومنها تعلق الشباب بالوظائف الحكومية والخاصة في المدن والعواصم بعيداً عن أجواء العائلة في القرية، بدعوى الاستقرار بالقرب من مقر العمل، وبالتالي أصبح وجود الشباب في القرية قليل جدًا وهو ما يؤثر على تمسكهم بالكثير من العادات والتقاليد التي لم يتعودوا عليها، ومنها عادات أخرى مثل تنبيت النخل والسقي وكافة المهن الزراعية وكثير من المهن الصناعية والحرفية أصبحت قليلة بفعل تغير نمط الحياة في الأسرة العمانية.

وأشار الغافري إلى وجود فجوة بين ما يُريده كبار السن ورغبات الجيل الجديد فيما يتعلق بممارسة الكثير من المهن وهو ما فتح المجال واسعاً أمام الوافدين لاستغلال تلك المساحة من الرفض وعدم الإقبال من جانب الجيل الجديد على ممارسة الكثير من المهارات والمهن المرتبطة بالعادات والتقاليد.

تكاسل الأجيال الجديدة

وقال الإعلامي عبد الله الريسي إنّ التخلي عن العادات والتقاليد في ذبح الأضاحي وترك هذه المهمة للوافدين يرجع إلى تكاسل الكثير من الشباب عن تعلم تلك المهارات بدعوى تجنب المشقة على الرغم من وجود الشاب إلى جانب الوافد الذي يقوم بعملية الذبح طوال فترة تجهيز الأضحية وحتى الانتهاء منها، ما يعني أن الشاب لا يود بذل القليل من الجهد والسير على نهج الأجداد بينما يرضى أن يضيع الوقت في الاكتفاء بمشاهدة الوافد الذي في الغالب لا يمتلك الخبرة في الذبح ولا يعلم أساسياته، حيث إن هناك العديد من أفراد المجتمع لا يتجهون لمراكز الذبح العامة وإنما يقومون بالاستئجار.

ويرجع الريسي عدم إقبال الشباب على تلك المهن أو الممارسات التقليدية إلى انشغالهم بوسائل التواصل الاجتماعي على مدار الساعة إلى جانب الكثير من مظاهر التطور التكنولوجي في حياتنا اليومية، فنجد الشاب يحرص على التقاط صور للذكرى إلى جانب الأضحية بينما يرفض المساهمة في العملية بشكل فاعل.

وأشار الريسي إلى أنّ ممارسة هذه العادات وتنظيم الفعاليات الاحتفالية في العيد بات أمرا نادرا في كثير من الولايات فيما يحرص أهالي بعض الولايات على إقامة تلك الاحتفالات التراثية تمسكًا بتراث الأجداد، مؤكدا على أنّ التخلي عن تلك العادات في بعض الولايات هو أمر سلبي لكن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ذلك ويحتاج الأمر إلى دراسة متخصصة من جانب الجهات المعنية، خصوصًا وأن الأمر لا يقتصر على فئة معينة بل على مناطق مختلفة والظاهرة تشمل الكثير من العادات، لافتا إلى أن المواطنين من الأجيال الجديدة في حاجة إلى حملات توعوية بأهمية التمسك بتراث الأجداد والحفاظ على الهوية العمانية في الكثير من العادات إلى جانب التأكيد على ضرورة التمسك بتعاليم الدين الحنيف والسنة النبوية.

تكثيف الحملات التوعوية

وقال خليفة بن محمد الشماخي إن الشباب في حاجة إلى التوعية بضرورة احترام العادات والتقاليد والمبادئ الإسلامية الحميدة التي تربى عليها المجتمع العماني وتأصلت وانغرست فيه على مر العصور منتقدا تطاول بعض الشباب على القيم والمبادئ كما أصبح الكثير منهم اتكاليين في جميع أمور الحياة وكلها تصرفات دخيلة على المجتمع العماني.

وأشار محمد بن سليمان الكلباني إلى انتشار ظاهرة الاعتماد على الأجانب في ذبح الأضاحي خصوصاً في المدن في ظل عدم اهتمام الأجيال الجديدة بتلك العادة الأصيلة وعدم إقبالهم على المشاركة في ذبح الأضحية بأنفسهم لنيل الأجر والثواب، مؤكدًا أنّه ينبغي على الشباب العماني التمسك بعاداتهم والاعتماد على أنفسهم ونقل هذه العادات الحميدة إلى أبنائهم للمحافظة على ديمومتها. وأكد أنّ للتقنية دور كبير في انشغال الشباب عن المشاركة في أفراح العيد كالعيالة والفنون الشعبية وتبادل الزيارات.

وقال الشاعر يحيى الغافري إنه من الممكن استغلال الجانب الإيجابي للتقنية الحديثة في الترويج للحملات التوعوية للأجيال الجديدة وحثهم على التمسك بالعادات الأصيلة، وأضاف أنّ عدم التمسك بالعادات والتقاليد والأعراف في مجتمعنا المحلي حالياً يرجع إلى عدم الاهتمام بالقدر الكافي بتوعية الأبناء بأهمية التمسك بالعادات والتقاليد وانشغال الأسرة بالأعمال وأمور الحياة الأخرى من جمع للأموال والاستثمار في العقارات وغيرها مع إهمال الاستثمار في الأبناء الذي يعد أفضل وأنفع الاستثمارات حيث يعود ريعها في قادم الأيام إلى الأسرة والمجتمع على حد سواء كما أن فقدان المجالس والسبلة لهيبتها ومكانتها بين الأجيال الجديدة ساهم في انتشار تلك الظاهرة، فكما يقول الأجداد "المجالس مدارس".

مواقع التواصل الاجتماعي

ومن جانبه، قال حمود بن سيف الشندودي إن كبار السن لا يستطيعون القيام بأعباء الذبح وحدهم، خصوصا وأن الأجيال الجديدة لا تقبل على المساعدة في تلك الأمور ويتكاسلون عن بذل أي مجهود في سبيل التمسك بتلك العادات الأصيلة والاكتفاء بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي على غير هدى، مشيرًا إلى أنّ الاحتفال بالفنون الشعبية خلال الأعياد هي عادة تتمسك بها بعض الولايات بينما باتت تتراجع في الكثير من الولايات الأخرى. وأكد الشندودي أنّ التقنية الحديثة وانشغال الشباب بمواقع التواصل الاجتماعي على الهواتف المحمولة ساهم في طمس الكثير من الفنون الشعبية والفعاليات التراثية.

وقال محمد بن عبد الله الغافري إن العادات الشعبية خلال العيد اختلفت بشكل كبير عما كانت عليه في السابق حيث أصبح تركيز الناس على المظاهر واللباس الجديد والتبضع في الأسواق أكثر من إحياء المناسبة الدينية كما ينبغي، فنجد أنّ هناك الكثير من الناس يجهلون مفهوم المشاركة الفاعلة في ذبح الأضحية ولمن تجب ومن يستحقها ناهيك عن إهمال الناس ذبح الأضحية بالطريقة الإسلامية حيث اعتمد كثير من الناس على العمالة الوافدة في هذا الجانب والتي باتت ظاهرة تؤرق المجتمع بشكل كبير لأنّها تساهم في اندثار عادات المجتمع بشكل تدريجي.

وأضاف الغافري أن وسائل التواصل اﻻجتماعي ساهمت في كشف الكثير من المغالطات التي صدمت المجتمع بشكل ﻻفت ومنها استهزاء بعض الشباب بالأضاحي فيما يتعلق بطريقة الذبح أو السلخ وذلك يعود إلى قلة الوعي، كما نرى أن عادات العيد بدأت تتلاشى شيئًا فشيئاً حيث انعدمت الفنون التقليدية في بعض القرى والوﻻيات والتي كان يحييها اﻵباء والأجداد على مر العصور ويعود ذلك إلى عدم اهتمام الجيل الحالي بهذه الموروثات، وهو ما يحتاج إلى نشاط توعوي مكثف للتأثير في الأجيال الجديدة والاستفادة في ذلك من التقنيات الحديثة نفسها.

تعليق عبر الفيس بوك