ما نريده لنظامنا التعليمي..!

سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

مع بداية كل عامٍ دراسي تتبادر إلى أذهاننا أسئلة بحاجة إلى إجابات شافية، تتمحور حول وضع النظام التعليمي في السلطنة؟ وأين وصل بعد أربعة عقود ونصف؟ وما هو الجديد مع بداية كل عام دراسي؟ وما هي المؤشرات التي تقيس بها وزارة التربية والتعليم جودة النظام التعليمي في السلطنة؟ وهل الوزارة مقتنعة بنتائج تلك المؤشرات؟ وهل هناك تحديات تواجه النظام التعليمي في السلطنة؟

لقد حُظى التعليم باهتمامٍ بالغٍ في السلطنة منذ بزوغ فجر الثالث والعشرين من يوليو المجيد؛ والذي تجسدت فيهالإرادة الحكيمة لعاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية والعمر المديد - في الاهتمام بالتعليم ونشر مظلته لجميع أبناء الوطن حيث قال جلالته كلماته السامية الكريمة:" سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر".

ولا تزال الحكومة تضاعفالإمكانيّات الماديّة والبشريّة للرقي بالنظام التعليمي في السلطنة وتسعى إلى مواكبة التطورات العالميّة الهائلة في المجالات التعليميّة من خلال توظيف التكنولوجيا في مجالي الاتصالات وتقنية المعلومات.

ولكن لا يزال النظام التعليمي في السلطنة يراوح مكانه وتعترضه تحديات كثيرة وليستالإمكانيات المادية والبشرية تحديًا يواجه نظامنا التعليمي،لكن التحدي يتمثل في كيفية إدارة الموارد المادية والبشرية في النظام التعليمي، ونحن لسنا بحاجة إلى مسؤولين لإدارة نظامنا التعليمي بل نحتاج قيادات تربوية واعية تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها في قيادة النظام التعليمي ليصبح نظامًا تعليميًا حديثًا ومتطورًا، وتسعى إلى تغليب المصلحة العليا للوطن في بناء أجيال مؤهلة تكون سواعد لبناء للوطن في جميع الميادين الوظيفية والمهنية والحرفية.

كما أننا بحاجة لوضع رؤية واضحة للنظام التعليمي مرتبطة بخطط زمنية قريبة وبعيدة المدى تخضع للتقييم الموضوعي الشفاف، وتشارك في التقييم جميع عناصر النظام التعليمي؛ على أن تكون الخطط متكاملة ومتدرّجة تسعى إلى بناء جيل من الشباب المؤهلين للانخراطفي سوق العمل المحلي، ويحقق القيمة المضافة للتعليم، وألا تكون هناك حلقات مفقودة بين النظام التعليمي ومتطلبات سوق العمل كما هو واقعنا الآن،فإن كانت الغاية من النظام التعليمي تأهيل شباب الوطن لتغطية متطلبات سوق العمل في جميع الوظائف والمهن والحرف فإنّ علينا أن نغرسَ ونصقل مهاراتِ ومعارف شبابنا منذ نعومة أظفارهم في جميع مراحل التعليم بتلك المهارات والمعارف، أمّا إن كانت الغاية من النظام التعليمي فقط تعلّم القراءة والكتابة فليس بالضرورة أن يمتد النظام التعليمي لاثنتي عشرة سنة بل نكتفي بست سنوات يصبح فيها الطالب قادرا على القراءة والكتابة وبعدها يبدأ في مرحلة التأهيل لسوق العمل.

كما أنّ على النظام التعليمي ألا يغفل عن دور ولي الأمر في العملية التعليمية وأن تبحث وزارة التربية والتعليم عن وسائل وطرق ناجعة لمد جسور التواصل بين البيت والمدرسة، وأن تكون هناك تغذية راجعة مستمرة بين البيت والمدرسة، وعلى أولياء الأمور ألا ينتظروا من يأخذ بأيديهم إلى المدرسة لمتابعة أبنائهم بل يجب أن تنبع المبادرات من ذواتهم فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته،ورغم ارتفاع المستوى العلمي للوالدين إلا أنّ دور البيت في خدمة النظام التعليمي لا يزال ضئيلا جدا، ويكتفي معظم أولياء الأمور بإلقاء اللوم على المدرسة.

كما يجب أن تتكامل الأدوار بين جميع المؤسسات الحكوميّة والأهلية والخاصة وأن تسعى جميعها إلى تذليل كل التحديات التي تواجه التعليم؛ فمثلا هناك جهود حثيثة من وزارة التربية والتعليم في توظيف التكنولوجيا الحديثة في مجالي الاتصالات وتقنية المعلومات والاستفادة من الفضاءات المفتوحة لخدمة التعليم لكن ضعف شبكة الاتصالات في مواقع كثيرة من السلطنة وانعدامها في مواقع أخرى يضاعف على الوزارة تحدياتها ويعيق تحقيق تطلعات الحكومة في تطوير النظام التعليمي.

وعلى الوزارة مضاعفة جهودها في تطوير قدرات المعلم وتقديم التسهيلات والحوافز التي تعينه على أداء رسالته السامية، وأن يكون التحفيز والتكريم لمن يستحق ويعلم به جميع زملائه، وأن يكون الاختيار بناءً على أسسٍ واضحة ومعلنة سلفًا للجميع، وألا يكون اختيار الموظف المجيد في الوزارة ومديرياتها خاضعاً للأهواء الشخصية والمحسوبيّة، فإنّ ذلك مما يأتي بنتائج سلبيّة على الجميع، كما أنّعلى الوزارة أن تشجع على البحوث التربوية الإجرائية، وتؤسس جائزة مجزية في كل عام أو عامين يتم الاستعانة بنتائج تلك البحوث في تطوير النظام التعليمي وألا تتوقف البحوث التربوية لمجرد تحقيق مصالح ذاتيّةللباحث في الحصول على درجات علميّة أعلى فقط، كما يجب على الوزارة أن تضاعف الاهتمام بالتحصيل الدراسي والتفوق العلمي وأن تنظم المسابقات وترصد الجوائز القيمة للطلبة المتفوقين في جميع المراحل الدراسيّة.

كما يجب على الإعلام التربوي أن يقوم بدوره بمنتهى الموضوعية والشفافية، وأن يساهم في تشخيص الظواهر السلبية في النظام التعليمي بوجه عام وفي البيئة المدرسية بشكل خاص من أجل تلافيها ووضع الحلول الناجعة لها من قبل المختصين من التربويين.

فما نريده لنظامنا التعليمي أن يكون الأفضل بين الأنظمة التعليميّة العالميّة فلدينا ما يؤهلنا لذلك، فالإمكانيات المادية والبشرية في السلطنة تؤهلنا لنكون في المقدمة، وما يحققه أبناء السلطنة فيالمسابقات والابتكارات العلميّة في المشاركات الإقليمية والدولية يبعث بالفخر والاعتزاز،ولدينا الإمكانيات لتصبح عُمان الأفضل دائمًا!.

تعليق عبر الفيس بوك